الحوكمة الرقمية والتنمية المستدامة: تفاعل وتكامل - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. تبذل دول العالم جهوداً متصاعدة لاعتماد الحوكمة الرقمية كأداة لتعزيز الأداء الحكومي، حيث تُمثل الحوكمة الرقمية استراتيجية تدمج التخطيط الرقمي والرقابة الذكية، بهدف رفع كفاءة الخدمات العامة، وزيادة الشفافية والمساءلة، بما يسهم في تقليل الفساد، وتحقيق الأهداف التنموية بشكل أسرع وأكثر كفاءة.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
تتزايد أهمية الحوكمة الرقمية في العالم العربي وسط سعي الدول لتحقيق التنمية المستدامة في إطار رؤية الأمم المتحدة لعام 2030، والتي من بين أهدافها، القضاء على الفقر، وتعزيز التعليم، وتحسين الرعاية الصحية، وتحقيق الاستدامة البيئية.
أصبحت الحوكمة الرقمية ضرورة لتعزيز فاعلية الخدمات الحكومية، فالدول التي تعتمد على أنظمة رقمية حديثة، مثل: الأنظمة الإلكترونية، والذكاء الاصطناعي، استطاعت تحقيق تحسينات كبيرة في آلية تقديم الخدمات للمواطنين، بما في ذلك الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية.
وفي السياق تشير تقارير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) إلى أن التحول الرقمي يرفع مستوى رضا المواطنين عن الخدمات الحكومية بنسبة تصل إلى 75 في المئة، بسبب تقليصه لفترات الانتظار بشكل كبير، وتخفيفه الأعباء الوظيفية، وإسهامه في خفض تكاليف التشغيل.
تدعم الحوكمة الرقمية تحقيق الشفافية والمساءلة، من خلال إتاحة البيانات العامة للمواطنين، ومتابعة المشاريع الحكومية. وفي هذا الإطار تشير التقارير إلى أن 80 في المئة من الحكومات التي تعتمد على الحوكمة الرقمية تشهد تحسناً ملحوظاً في مؤشرات الشفافية، حيث يستطيع المواطنون تقييم أداء الجهات الحكومية، وتوجيه النقد البنَّاء للأخطاء، ما يقلل من فرص الفساد، ويعزز ثقافة المساءلة، حتى وصل الأمر في بعض الدول إلى أن أتاحت لمنظمات المجتمع المدني حق الاطلاع على تفاصيل المشاريع الحكومية ونفقاتها عبر منصات إلكترونية يمكن من خلالها ممارسة الدور الرقابي البنَّاء في ضوء آلية شفافة تستهدف متابعة تنفيذ الأهداف التنموية.
تُعد الحوكمة الرقمية دعامة رئيسية للحوكمة الرشيدة التي تُبنى على الشفافية، والمساءلة، والمشاركة المجتمعية، وقد أبرزت دراسة للبنك الدولي عام 2021 أن الدول التي تستثمر في الحوكمة الرقمية تحقق تقدماً ملحوظاً في أهداف التنمية المستدامة، مثل: القضاء على الفقر (الهدف الأول من رؤية التنمية المستدامة 2030)، وتعزيز جودة التعليم (الهدف الرابع)، وتحفيز الصناعة والابتكار (الهدف التاسع).
فعلى سبيل المثال، يُمكن للحوكمة الرقمية توسيع فرص العمل، من خلال دعم الاقتصاد الرقمي، وتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وفي نفس الوقت يسهم التعليم الإلكتروني بتحقيق الوصول العادل والشامل للمحتوى التعليمي المتنوع، ما يرفع مستوى التعليم، ويسهم في التنمية البشرية، فضلاً عن أن الاقتصاد الرقمي والصناعات التكنولوجية أصبحت من مرتكزات النمو المستدام.
رغم الفوائد الكبيرة للتحوُّل الرقمي، تواجه الدول العربية تحديات عديدة، منها: ضعف البنية التحتية التكنولوجية، وقلق المواطنين بشأن أمن البيانات، إذ تشير بعض التقارير المتخصصة إلى زيادة شهدها عام 2023 بنسبة 25 في المئة بالهجمات السيبرانية في المنطقة، مما يعزز الحاجة إلى تدابير أقوى لحماية البيانات.
إضافة إلى ذلك، يعارض بعض الفاسدين وبعض أصحاب الفكر التقليدي كل ما يرتبط بالتحوُّل الرقمي والحوكمة بشكل عام، معتبرين أن هذا التغيير يشكِّل تهديداً لمصالحهم، كما أن استخدام تطبيقات الأنظمة الرقمية يعزز مخاوفهم من فقدان وظائفهم.
وعليه، وبهدف ضمان نجاح الحوكمة الرقمية في العالم العربي، يجب تبني استراتيجيات شاملة تتضمن الخطوات التالية:
1. تطوير البنية التحتية الرقمية: بما يشمل تحسين شبكات الإنترنت، وضمان وصولها إلى المناطق البعيدة عن المركز والعاصمة، ما يعزز من شمولية الخدمات الرقمية.
2. تدريب الموظفين الحكوميين: يقتضي ذلك توفير برامج تدريبية لتنمية مهارات الموظفين في استخدام الأنظمة الرقمية. وفي السياق أشار المنتدى الاقتصادي العالمي في تقرير عام 2022 إلى أن 70 في المئة من الموظفين يحتاجون إلى تطوير مهاراتهم الرقمية.
3. رفع الوعي العام بأهمية الحوكمة الرقمية: تعزيز ثقافة المجتمع بفوائد التحول الرقمي يسهم في تبني هذه التقنيات بشكل أسرع.
4. الاستثمار في الأمن السيبراني: صار واضحاً أن الأمن الرقمي أصبح حجر الزاوية في الحوكمة الرقمية، لذلك تستثمر بعض الدول الخليجية مبالغ ضخمة لتعزيز أنظمة الحماية الرقمية، حيث خصصت الإمارات مثلاً 1.5 مليار دولار لأمن الشبكات ضمن استراتيجيتها لعام 2025.
5. تشريعات ملائمة: تحتاج الحكومات إلى سنّ قوانين تضمن حماية البيانات الشخصية، وتعزز الابتكار في القطاع التكنولوجي، مما يسهم في توفير بيئة مشجعة للاقتصاد الرقمي.
6. التعاون بين القطاعين العام والخاص: يلعب التعاون بين القطاعين العام والخاص دوراً مهماً في تطوير الحلول الرقمية، وتقديم الخدمات بفاعلية أعلى، حيث يمكن للشركات التكنولوجية الخاصة تقديم تقنيات متقدمة تدعم تنفيذ الأهداف الحكومية.
في ظل سعي الكويت نحو تحقيق التنمية المستدامة، ومن منطلق اعتبار التحوُّل الرقمي عاملاً محورياً لتحسين كفاءة الخدمات وتعزيز الشفافية، بادرت الكويت بإطلاق عدة مشاريع رقمية تهدف إلى تحويل معظم خدماتها الحكومية إلى رقمية، كما هو حاصل في تطبيق «سهل»، في إطار تحقيق مبادرات رؤية «كويت جديدة 2035»، التي تركز على تحويل الكويت إلى مركز إقليمي يعتمد على التكنولوجيا الرقمية لتحسين الأداء الحكومي.
ورغم نجاح التجربة، فإن القناعة بعدم كفايتها ضرورة لاستمرار التقدُّم في هذا المجال، والسعي إلى أتمتة جميع الخدمات الحكومية، من خلال تطوير آفاق الحوكمة الرقمية التي تشكِّل فرصة كبيرة لتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي، وتحسين الخدمات الحكومية، وتسريع وصولها للمواطنين، ضمن إطار بناء اقتصاد يعتمد على الابتكار، ويعزز الكفاءة، ويخدم أهداف التنمية المستدامة وطموحات التطور في عالم سريع التغيُّر.
* كاتب ومستشار قانوني
كُنا قد تحدثنا في خبر الحوكمة الرقمية والتنمية المستدامة: تفاعل وتكامل - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
0 تعليق