محطة فضاء دولية جديدة بتصاميم مطورة - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. يبدو أن الطفرة المقبلة في مجال الإسكان سيكون مسرحها الفضاء. وتدفع عوامل متنوعة وهي: المساعي لاستبدال «محطة الفضاء الدولية» القديمة، المقرر أن يوقف تشغيلها عام 2030، وكذلك مهمة «أرتميس»، التابعة لوكالة «ناسا»، التي تهدف لإعادة البشر إلى القمر وربما المريخ، والاقتصاد المزدهر المرتبط بالرحلات إلى القمر... تدفع إلى تحفيز فرق المهندسين والمصممين على إعادة تصور الموائل للعيش والعمل في الفضاء لفترات أطول.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
تصاميم متطورة لمحطات فضائية
والملاحَظ أن تصاميم معظم محطات الفضاء من الجيل الجديد، التي تتنافس على زيادة سعة محطة الفضاء الدولية، البالغة 11 شخصاً في الوقت الحاضر، للحلول محل محطة الفضاء الدولية في النهاية، تتميز بتصميم أسطواني صلب ثابت. بيد أن المشكلة تكمن في أن هذا التصميم المعماري مكلف وخطير، لأنه يتطلب عمليات إطلاق متعددة، وضرورة السير في الفضاء لتجميع أجزائه.
يأمل «معهد أوريليا»، مؤسسة بحثية غير هادفة للربح، مقرها بوسطن، وهي عبارة عن مختبر بحث وتطوير للهندسة المعمارية الفضائية، في التغلب على هذه العقبات عبر اتباع نهج جديد: وحدات أو بلاطات، ممغنطة محوسبة، قادرة على تجميع عناصرها ذاتياً في المدار، في شكل «كرات جيوديسية قابلة للتغيير» تُدعى «TESSERAE». وهو اسم مختصر لـTessellated Electromagnetic Space Structures for the Exploration of Reconfigurable, Adaptive Environments.
ويعني الاسم «هياكل الواجهات الفضائية الإلكترومغناطيسية الفسيفسائية لاستكشاف البيئات القابلة لإعادة التشكيل والتشكّل».
وتعمل الكرة على تعظيم الحجم الذي يمكنك الحصول عليه لمساحة السطح، في حين تعمل البيئات الأكثر اتساعاً على تحسين الرفاهية النفسية، على مدار فترات الإقامة الطويلة.
هيكل كروي
في هذا الصدد، قالت الرئيسة التنفيذية إرييل إكبلاو، التي شاركت في تأسيس «معهد أوريليا»، مع كبير المصممين سانا شارما ودانييل ديلات، العضو الاستشاري الآن، بينما كان الثلاثة يعملون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: «كنت مهووسة بكيفية توسيع حجم الوجود البشري في الفضاء. حتى لو انخفضت التكلفة بشكل كبير غداً، فلن يكون لدينا سوى مساحة لنحو اثني عشر شخصاً في المدار. لذا، نحتاج إلى طريقة للبناء في الفضاء أسرع من الاضطرار إلى بناء شيء قد لا يتجاوز حجم الدرع الانسيابية للصاروخ الخاص بك».
بدلاً عن ذلك، جرى تصميم وحدات البلاطات الخاصة بـTESSERAE ذات الشكل السداسي والخماسي، لتتكدس بشكل مسطح داخل الدرع الانسيابية، وهو المخروط الأمامي أعلى الصاروخ. وبمجرد وصولها إلى الفضاء، يجري نشرها برفق في شبكة أو بالون منفوخ قليلاً، لإبقائها قريبة بما يكفي لجذب المغناطيسات على طول حوافها بعضها إلى بعض.
كما أن باستطاعتها تصحيح المحاذاة الخاطئة بشكل مستقل. وتحدد أجهزة الاستشعار الداخلية، ومقاييس المغناطيسية، والمكثفات الفائقة، وتكنولوجيا طاقة البطارية الشمسية، ما إذا كان الاتصال ناجحاً. وإذا لم يكن كذلك، فإنها تمرر تيارات عبر المغناطيس لتحييد شحناته، مما يمكنه من الانفصال والمحاولة مرة أخرى.
وحدات ذكية تتجمع ذاتياً
ويشبه الهيكل النهائي كرة قدم عملاقة. في هذا الصدد، شرحت إكبلاو: «تتمتع وحدات البلاطات هذه بذكاء مدمج في النظام، مما يجعلها قادرة على تصحيح نفسها بنفسها. ولا يتطلب الأمر سيطرة من الأرض أو إشرافاً من إنسان. والفكرة أن بعضها يعثر على بعض. إنها مثل قطع ليغو الفضائية التي تبني نفسها في المدار».
علاوة على ذلك، يتبدل الهيكل حسب الحاجة. وبمجرد وضع وحدات البلاطات في مكانها، يحافظ الهيكل القابل للنفخ على سلامة الشخص بداخله، بحيث يمكن لهذه الوحدات أن ترتفع وتهبط لتحل محل الأجزاء أو النوافذ أو منافذ الإرساء أو غرف الضغط. وباستخدام كرات متعددة، يمكن لرواد الفضاء الانتقال إلى قسم آخر، وإزالة الضغط بالكامل من القسم الذي يخضع لإعادة البناء.
في هذا الصدد، أوضحت إكبلاو في تصريحات لموقع «أوريليا» أن «TESSERAE يمثل طريقة جديدة للتفكير في تصميم الموائل الفضائية. إننا اليوم، نتحرك إلى ما هو أبعد من المساحات الضيقة والمنفعية داخل محطات الفضاء المبكرة. لذا تتمثل رؤيتنا في إنشاء موائل قابلة للتوسع وإعادة التشكيل، يمكن أن تنمو مع احتياجات المهمة».
اختبارات وتجارب
وقد نجح فريق أوريليا -المكون من 10 موظفين بدوام كامل، وثمانية مستشارين ومقاولين- بالفعل في اختبار سبع وحدات من البلاطات بحجم اليد فيما يخص الجاذبية الصغرى في أثناء رحلات مكافئة قصيرة، وإقامات أطول على متن محطة الفضاء الدولية.
والعام المقبل، سيرسل الفريق 32 وحدة بلاطات إلى محطة الفضاء الدولية، في محاولة تجميع كرة صغيرة الحجم، بجانب استعدادهم للتصدي للتحدي الكبير التالي -كيفية سد وضغط هيكل به الكثير من اللحامات بحيث يمكن إعادة ترتيبه.
وقالت إكبلاو: «لا نريد سد اللحامات بشكل دائم، لأننا نريد أن نكون قادرين على وضع وحدات الآجُرّ وخلعها. لذا، نتولى تنفيذ الكثير من العمل الهندسي للتغلب على تحدي كل هذه الأختام المختلفة. ولدينا الكثير من تصميمات المزالج المختلفة، أو الأشياء لتعزيز هذه اللحامات».
في الوقت الحالي، يجري صنع وحدات البلاطات من راتينغ مطبوع ثلاثي الأبعاد، جرى تصنيعه داخل مركز تكنولوجيا «أوتوديسك» في بوسطن، كجزء من برنامج الإقامة البحثية لشركة «أوتوديسك». إلا أن وحدات الآجُرّ الكاملة البالغ طولها 37 قدماً، ستكون في الأساس من سبائك الألمنيوم.
وفي المستقبل، يأملون في مواصلة الاختبارات على محطات الفضاء من الجيل التالي، مثل تلك التي طوّرتها المجموعة الدولية «ستارلاب سبيس» و«بلو أوريجين/أوربيتال ريف» و«أكسيوم ستيشن»، التابعة لشركة «أكسيوم سبيس»، التي من المقرر إطلاق أولى وحداتها عام 2026 لربطها بمحطة الفضاء الدولية. أما «معهد أوريليا»، المدعوم بمنح سنوية من «ناسا» بقيمة مليوني دولار، وعقود رعاية من شركات، وتبرعات خاصة، فسيحتاج إلى شريك لبناء TESSERAE كامل الحجم بمدار أرضي منخفض، الأمر الذي تتطلع إكبلاو لإنجازه العقد المقبل.
ولإثارة الاهتمام، شرع «معهد أوريليا» في منح الجمهور لمحة عن هذا المستقبل من خلال نموذج متحرك بحجم 20 × 24 قدماً، بتصميم داخلي حديث يدعو الناس إلى تخيل حياة أكثر رحابة في الفضاء. وبعد الكشف عنه بشكل بسيط في مساحة العمل المشتركة في الصيف الماضي، يجري عرض TESSERAE حالياً داخل معرض «هوم بيوند إيرث»، (الوطن فيما وراء الأرض)، التابع لمتحف سياتل للطيران، مع خطط لعروض في بوسطن وأوروبا، العام المقبل.
مساحة داخلية بديكور فضائي
وجرى تصميم المساحة الداخلية المفتوحة على أيدي مصممي «معهد أوريليا» المعماريين بمساعدة رواد فضاء. وجرى وضع التصميم بحيث تصبح منطقة مشتركة للموائل، وتتميز بلمسات رائعة تستغل الجاذبية الصغرى. وتتضمن هذه اللمسات شبكات معقودة لكي يتمكن المقيمون بالداخل من سحب أنفسهم عبر القبة، وأريكة حائط مستوحاة من شقائق النعمان البحرية، مصنوعة من أنابيب قابلة للنفخ تثبت الأشخاص في مكانهم، ونافذة متعددة الغرف للطحالب المنتجة للأكسجين.
ويتضمن قسم المطبخ جداراً أخضر للزراعة الهوائية تنمو فيه المنتجات الطازجة، ولوحة للطهي جرى اختبارها في محطة الفضاء الدولية -غلاية تعمل بنظام «سو في»، أو الطبخ تحت التفريغ، خالية من الجاذبية، وكرات تخمير مع ألواح حرارية يمكن التحكم فيها وتبادل الغاز لتوجيه عملية التخمير للأطعمة، مثل الخبز المخمر و«الكيمتشي» و«الميسو».
وينبغي لنا ألا نغفل حقيقة أن «معهد أوريليا» اقتحم مجال خدمات الفضاء عبر بناء تعاون إبداعي بين مهندسين معماريين ومصممين ومهندسين في مجال الفضاء -مع لمسة من الفلسفة.
تصاميم مستوحاة من علم الأحياء
تطورت فكرة «معهد أوريليا» من أطروحة الدكتوراه التي قدمتها إكبلاو في مختبر الوسائط التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والتي انبثقت عن مبادرة استكشاف الفضاء التي أطلقها الأخير، والتي هدفت إلى تطوير التقنيات التي تضفي مسحة من الديمقراطية على جهود الوصول إلى الفضاء والاستدامة فيه. وخلال ذلك الوقت، أصبحت مفتونة بالتصميم المستوحى من الكائنات الحية وآليات التجميع الذاتي في الطبيعة -من الأحماض النووية التي تشكل بروتينات أكثر تعقيداً، وصولاً إلى النمل الذي يبني جسراً- وتساءلت عمّا إذا كان هذا يمكن تطبيقه على نطاق أوسع.
واستوحت إكبلاو المزيد من الإلهام الفلسفي والتصميمي من باكمينستر فولر، المهندس المعماري الراحل، الذي تولى تحسين القبة الجيوديسية، ونشر مفهوم «سفينة الفضاء الأرضية»، الذي يدعو الناس إلى العمل معاً من أجل كوكب مستدام.
كما تطلعت إلى وحدة النشاط «بيغلو» القابلة للتوسيع التجريبية، موطن قابل للنفخ جرى إطلاقه عام 2016 للالتصاق بمحطة الفضاء الدولية، وجرى استخدامه بنجاح لأغراض التسخين. وبالتعاون مع شارما، التي كانت آنذاك زميلة في أبحاث الهندسة المعمارية الفضائية، وديلات، طالبة متخصصة في هندسة الطيران، أسست «معهد أوريليا»، لتطبيق هذه الأفكار، سعياً نحو بناء موطن فضائي قابل للاستدامة.
في نهاية المطاف، جرى دمج كلمة «أوريليا» -الكلمة الإنجليزية القديمة التي تعني شرنقة- عام 2021، بعد عام من نيل إكبلاو درجة الدكتوراه. وفي هذا الصدد، قالت: «يؤكد الاسم حقيقة أننا، البشرية، على أعتاب تحولنا الجديد إلى فصيل من الكائنات يسافر في الفضاء».
وأثمر بعض عملهم بمشروع TESSERAE بالفعل بعض الأبحاث المساعدة، مثل الأحذية المغناطيسية النموذجية، التي اختبروها في رحلات محاكاة الجاذبية الصغرى، والتي يمكن استخدامها في الموئل الفضائي على مسار مغناطيسي للمقاومة. وتدور رؤيتهم طويلة المدى حول تطوير هياكل تدور لخلق جاذبية اصطناعية.
في هذا الصدد، قالت إكبلاو: «أحاول بناء مؤسسة داخل صناعة الفضاء تقدِّر بحق التفاعل بين الفن والعلم والتصميم والهندسة، ويكون في إطارها المصممون والمهندسون على قدم المساواة. وبصفتنا منظمة غير ربحية، لدينا القليل من الحرية والمرونة لنكون مرحين واستكشافيين، والعمل على جلب هذه التخصصات المختلفة إلى مجال الطيران والفضاء، الذي لطالما ارتكز بدرجة كبير على الهندسة فحسب».
* مجلة « فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».
كُنا قد تحدثنا في خبر محطة فضاء دولية جديدة بتصاميم مطورة - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
0 تعليق