عاجل

تصريحات الوزير الأميركي... لتكن الصدمة إيجابية - غاية التعليمية

0 تعليق ارسل طباعة

تصريحات الوزير الأميركي... لتكن الصدمة إيجابية - غاية التعليمية

غاية التعليمية يكتُب.. ربما يمكن التعويل على أن تمثل التصريحات المغلوطة التي أوردها وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك، مطلع الأسبوع الجاري، بشأن التكلفة التي تحمّلتها الولايات المتحدة لتحرير الكويت من الغزو العراقي أو مشاركتها في إطفاء الآبار أو الرسوم الجمركية، «صدمة إيجابية» للكويت واقتصادها في المستقبل.

اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.

ففي وقت لا تريد الكويت ولا أي دولة في العالم أن تدخل في دائرة ابتزاز قطب عالمي كالولايات المتحدة، خصوصاً في عهد رئيسها الحالي دونالد ترامب، فإن تصريحات الوزير الأميركي تحمل تنبيهات مهمة للكويت بضرورة فهم المتغيرات العالمية الاقتصادية والسياسية، وإعادة هيكلة اقتصادها وكيفية نسج شبكات مصالحها وتحالفاتها بصورة تخفف من الآثار السلبية للحقبة «الترامبية» التي لا تفرّق في حدتها وابتزازها بين جار أو حليف أو منافس، وقد لا ترتبط فقط برئيس الولايات المتحدة الحالي؛ بل تمتد لسنوات أو عقود بعد رحيله.

خروج الكويت من طرق التجارة الدولية سيجعلها أقل أهمية عالمياً وبالتالي أكثر عرضة للابتزاز الدولي أو الإقليمي

الأهم للكويت

في الحقيقة، فإن ما ذكره الوزير الأميركي من أرقام ومعلومات لا يستحق التفنيد، ليس فقط لأنها مغلوطة في أساسها أو مناقضة حتى لمعلومات وأرقام رسمية سبق أن نشرتها الإدارة الأميركية، أو حتى لأن وزير تجارة ترامب تجاهل العديد من البيانات والأرقام المهمة التي تشير إلى مساهمة الكويت - منذ سنوات - في الاستثمار بالولايات المتحدة بما يعادل نصف استثمارات صندوق الكويت السيادي، أي بحدود 500 مليار دولار أميركي بقرار فنّي وليس خضوعاً لضغط سياسي، فضلاً عن استثمارات أخرى متنوعة لجهات كويتية أخرى، كالتأمينات الاجتماعية أو مؤسسة البترول الكويتية، بل لأن ما يهم الكويت ومصالحها ومستقبلها أكبر من الرد على وزير التجارة الأميركي.

فما يهم الكويت ومصالحها ومستقبلها أن تجعل تصريحات الوزير الأميركي المغلوطة صدمة إيجابية للإدارة العامة في الكويت التي ضيّعت أكثر من 20 عاماً، ولا تزال، فرصاً في أن تصبح البلاد مركزاً من مراكز مصالح العالم في التجارة والخدمات والأموال، وهو ما كان يمكن أن يتيح للكويت أن تكون جزءاً مؤثراً من شراكات وتحالفات تجمع شرق العالم بغربه.

لكن هذا الأمل، يصطدم بواقع مغاير، ففي جانب الإدارة العامة لا تبدو أي مؤشرات لإنجاز أي ملف على صعيد الاقتصاد المحلي في ظل تنامي الاعتماد على النفط وغياب مبادرات التنويع، بل وحتى برامج العمل.

أما في الملف الاقتصادي الخارجي، فلا تبدو الكويت جزءاً من أي تحالف اقتصادي إقليمي أو دولي، بل إن العلاقة مع الصين، وهي الاقتصاد الثاني الأكبر عالمياً، التي يعول عليها في إنجاز أهم المشاريع في البلاد، هي أقرب إلى «المقاولة» من كونها علاقة شراكة اقتصادية استراتيجية.

ترامب لن يتوقف خلال سنواته المقبلة أو ربما من يليه عن ابتكار العجائب في السياسة والاقتصاد

لا تخطيط

ويغلب على التعامل الحكومي مع الشركات الصينية محلياً، وتحديداً في ميناء مبارك الكبير، الاهتمام المُبالغ فيه بعقود الاستشارات والبناء دون تخطيط مستقبلي لكيفية التشغيل أو الخدمات المساندة للميناء أو الشراكات مع الدول التي تستفيد من خدماته أو ما يجذب القطاع الخاص المحلي أو المستثمر الأجنبي من فرص أو حوافز جاذبة، وهذا يعني أن بناء الشركات الصينية لميناء أو مشروع يختلف بشكل جوهري عن شراكة في مشروع اقتصادي ضخم كمشروع الحزام والطريق الصيني.

والشراكة مع الصين ليست عصا سحرية بأي حال من الأحوال، لكن لو أن المسألة أديرت باحترافية، فإنها ستكون ميزة أو قيمة مضافة، في ظل ما تمتلكه بكين من علاقات جيدة مع العراق وإيران لجعل الكويت بوابة تجارية في طريق قاري يربط الصين بأوروبا، وهذه مسألة تحتاج الى تحويل الفشل المعهود لـ «الدبلوماسية الاقتصادية» إلى نموذج نجاح، أي أن تكون السياسة الخارجية في خدمة الاقتصاد، خصوصاً في جانب الشراكات مع الدول والتحالفات مع المنظمات، وخلق منطقة مصالح لشركات العالم في البلاد.

من البديهيات عدم فتح الأبواب لقضايا شائكة تشرع الباب للابتزاز الأجنبي كقضايا حقوق الإنسان والعمالة والعنصرية وغيرها

عبء الضبابية

هذه الضبابية في التعامل مع الصين تصبح عبئاً أكبر في ظل وجود تحالفات تجارية دولية لا تشمل الكويت أو ميناءها المستقبلي أو مناطقها اللوجستية المفترضة، فالكويت ليست ضمن أهم خطوط التجارة الدولية؛ كالممر الاقتصادي الهندي الذي يربط الهند بأوروبا، مروراً بالشرق الأوسط ويضم السعودية والإمارات والهند والاتحاد الأوروربي والولايات المتحدة، وليست أيضاً ضمن خط طريق التنمية المرتبط بميناء الفاو العراقي؛ الذي يجمع العراق وتركيا والإمارات وقطر... ولا شك في أن خروج الكويت من طرق التجارة والخدمات الدولية، رغم موقعها المميز على كل أقطار المنطقة، سيجعلها أقل أهمية عالمياً، بالتالي أكثر عُرضة للابتزاز الدولي أو الإقليمي.

نحتاج إلى تحويل فشل «الدبلوماسية الاقتصادية» المعهود إلى نموذج نجاح فتكون السياسة الخارجية في خدمة الاقتصاد

اعتبارات وأبواب

ومسألة تكوين الشراكات وخلق التحالفات تتطلب الكثير من الاعتبارات والأسس لأي دولة تنوي المنافسة في سياق خطوط التجارة الدولية وخدماتها، فهي تتطلب أولاً وضوحاً في الرؤية وجدية بالتنفيذ وجودة في الإدارة وكفاءة في تحديد المسؤولية وخبرة في إدارة الملفات المتشابكة، واحترافية في جعل الدبلوماسية بخدمة الاقتصاد، علاوة على بديهية عدم فتح الأبواب لقضايا شائكة تفتح الباب للابتزاز الأجنبي من ترامب أو غيره كقضايا حقوق الإنسان والعمالة والعنصرية، وغيرها.

صحيح أن الولايات المتحدة حليف استراتيجي للكويت، وأن دورها كان محورياً وجوهرياً في تحرير البلاد عام 1991، لكن في المقابل، من المهم الوعي بأننا نعيش في عالم سريع بتحولاته، بل وحتى انقلاباته، فمَن كان يتوقع أن يهدد أي رئيس أميركي يوماً بالخروج من حلف «ناتو»، أو فرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبي، أو أن يتعرض رئيس أوكرانيا الحليف - قبل أسابيع - لتقريع قاسٍ أمام مليارات المشاهدين حول العالم، اضطره للتنازل عن جزء من ثرواته المعدنية النادرة لمصلحة أميركا، فضلاً عن الشطحات المعلنة في الاستيلاء على قناة بنما، أو ضم كندا وغرينلاند؟!

ويبدو أنه لن يتوقف خلال سنواته القادمة، أو ربما من يليه، عن ابتكار العجائب في السياسة والاقتصاد، بلا قيمة لديه لا للعلاقات الاقتصادية الدائمة أو سيادة الدول او ثرواتها.

بالتالي، فالحكمة أن تتشابك مصالح الكويت مع أكبر عدد من الدول والكيانات الفاعلة في العالم، وننسج أعمق شبكة مصالح ممكنة، فنحن في زمن تمثّل فيه المصالح الاقتصادية وزنا مهما في تحديد الفعالية.

كُنا قد تحدثنا في خبر تصريحات الوزير الأميركي... لتكن الصدمة إيجابية - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.

جميلة الهادي
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق