كيف يساعد الفركتوز على تغذية الخلايا السرطانية؟ - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. يعد الفركتوز سكرًا طبيعيًا، إذ يوجد في الفواكه وبعض أنواع الخضار والعسل. ولا يشكل الفركتوز أي خطر على صحة الفرد إذا استهلكه من مصدر طبيعي مثل التفاح أو التمر. لكنه قد يمثل مشكلة صحية حقيقية لدى استهلاكه بشكل شراب الذرة المركز عالي الفركتوز، أو تناول المشروبات الغازية والمخبوزات والحلويات المعلبة.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
لاحظت دراسات سابقة وجود ارتباط بين استهلاك الفرد للفركتوز أو شراب الذرة المركز عالي الفركتوز، و ارتفاع خطر إصابته بداء ألزهايمر وداء السكري من النمط الثاني، إضافة إلى مرض الكبد الدهني واضطرابات الكلية والسرطان.
وقد تحدث وضح غاري باتي لصحيفة ميديكال نيوز توداي بوصفه أستاذًا حاصلًا على شهادة الدكتوراه في الكيمياء والوراثة والطب من جامعة واشنطن في مدينة سانت لويس، وقال: «يوجد الفركتوز طبيعيًا في عدد كبير من الفواكه والخضروات، ما يدل على تعرض البشر له منذ وقت طويل … لكن شاع استخدام الفركتوز خلال العقود الأربعة إلى الخمسة السابقة بشكل محلٍّ صناعي في الأطعمة المصنعة، ما أدى حاليًا إلى تعرض كثير من الناس لمستويات أكبر بكثير من الفركتوز مقارنة بما سبق. ويؤكد ذلك ضرورة فهم تأثير هذا التغير في صحة الإنسان».
كان باتي المؤلف الرئيس في دراسة جديدة نشرت في مجلة نيتشر وبينت أن الفركتوز الصناعي قد يعزز من نمو الخلايا الورمية لدى نماذج حيوانات التجربة المصابة بالميلانوما وسرطان الثدي وسرطان عنق الرحم.
ما ضرورة النظر في دور الفركتوز تحديدًا بتطور السرطان؟
استعان الباحثون بنماذج حيوانية مصابة بأورام، وحرصوا على وضع حيوانات التجربة ضمن نظام غذائي غني بالفركتوز. وقال باتي موضحًا: «يعد اعتماد الخلايا الورمية على الغلوكوز أمرًا معروفًا منذ نحو 100 عام، ولطالما استفاد الباحثون من ذلك، إذ يُعطى مرضى الأورام في أثناء التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني جرعة من الغلوكوز المشع، لتتوهج بدورها مظهرة الخلايا الورمية في الصور المشعة بسبب امتصاصها كميات أكبر من الغلوكوز مقارنة بخلايا الجسم السليمة».
أكمل باتي كلامه قائلًا: «يتشكل كل من الغلوكوز والفركتوز من الذرات ذاتها تمامًا، والاختلاف الوحيد بينهما هو طريقة ترتيب تلك الذرات، وقد توقع الباحثون استهلاك الخلايا الورمية للفركتوز بالطريقة ذاتها نظرًا لشراهتها العالية للغلوكوز».
الفركتوز والشحوم والنمو الورمي
تبين للفريق استنادًا إلى التحليلات ونتائج البحث أن الكبد يحول الفركتوز في الجسم طبيعيًا إلى نوع من أنواع الشحوم يسمى (الليزوفوسفاتيديل كولين) الذي أثبت سابقًا ارتباطه بحالة الالتهاب في الجسم.
ويتطلب انقسام الخلايا الورمية كميات كبيرة جدًا من الشحوم. والمستويات المرتفعة من الليزوفوسفاتيديل كولين في مجرى الدم تساعد الخلايا الورمية على التضاعف، ما يؤدي بدوره إلى نمو الورم.
أشار باتي قائلًا: «يحول الجسم الكميات الزائدة من الطعام المتناول إلى شحوم، وهي الآلية التي يخزن من خلالها جسم الإنسان الطاقة. إن تناول مستويات عالية من الفركتوز الصناعي يحرض العملية ذاتها. يحول الكبد الفركتوز إلى طليعة الشحم أو الليبيدات التي تغذي بدورها الخلايا الورمية».
وأضاف: «تتميز الخلايا الورمية عن غيرها من خلايا الجسم الطبيعية بقدرتها على الانقسام المستمر، ما يسمح بدوره بنمو الأورام بسرعة كبيرة. ويجب على الخلية الورمية تشكيل مجموعة جديدة ومتكاملة من المكونات الخلوية، لتتمكن من الانقسام إلى خليتين. ويتطلب ذلك كمية كبيرة من العوامل المغذية، التي يحصل عليها الشخص عادة من نظامه الغذائي. ومن المؤكد أن تغيرات الحمية الغذائية للفرد تؤثر في عملية نمو الورم وتطوره».
وتابع قائلًا: «يؤدي عدد من العوامل الأخرى دورًا في تلك التغيرات أيضًا مثل موقع الورم من جسم الإنسان، ونوع الجينات الورمية التي يحويها، وأنواع الأدوية التي يتناولها المريض، والعوامل المغذية التي تصل إلى الورم وتغذي نموه. ما يزال فهم العلماء للمشكلات السابقة مبدئيًا وبسيطًا. لكن الباحثين يعملون في عدد من الدراسات الحالية على تسليط الضوء على بعض التفاصيل الهامة، وأتمنى أيضًا أن يعود بحث فريقنا بالفائدة على تلك الأبحاث أيضًا».
فهم آليات تأثير الأطعمة المصنعة في خطر الإصابة بالسرطان
تواصلت صحيفة ميديكال نيوز توداي فيما يخص الدراسة السابقة مع الأستاذ أنطون بيلشيك بوصفه جراح أورام لم يشارك في الدراسة، وهو رئيس الأطباء ومدير برنامج الجهازين المعدي المعوي والكبدي الصفراوي في مركز (بروفيدنس ساينت جونز) الطبي للسرطان في مدينة سانتا مونيكا بكاليفورنيا. فوضح قائلًا: «شك العلماء منذ فترة طويلة في الدور المحتمل لبعض أنواع المكملات الغذائية مثل المحليات والأغذية المصنعة في زيادة خطر الإصابة بالسرطان. لكن لم يكتشف أحد حتى الآن الآلية التي تتسبب بها تلك المواد بذلك … تعد هذه الدراسة واحدة من الدراسات القليلة التي قدمت بالفعل آلية محتملة لدور الفركتوز -الموجود في شراب الذرة المركز، والأطعمة المصنعة، والمحليات- في زيادة خطر الإصابة بمجموعة مختلفة من السرطانات. يؤكد ذلك ضرورة انتباه الناس إلى اعتدال استخدامهم للمحليات أو السكر غير الطبيعي -الموجود في الأغذية المصنعة وليس الفواكه والخضار-».
وقال مضيفًا: «يوجد الفركتوز في عدد كبير من المنتجات الغذائية حاليًا، ما يرتبط بدوره مع الازدياد الكبير لعدد الشباب المشخصين بأنواع محددة من السرطانات مثل سرطان الكولون والمستقيم ويفسره أيضًا».
قال بيلشيك أيضًا: «أصبح غنى الأطعمة المصنعة بمستويات عالية من الفركتوز أمرًا معروفًا، ما يدعم بدوره الآلية السابقة أيضًا. يجب إجراء مزيد من الدراسات السريرية في المستقبل بين الأشخاص الذين يتناولون المحليات الصناعية، وذلك مقارنة بغيرهم ممن يعتمدون في نظامهم الغذائي على السكر من مصدر طبيعي، وذلك للبحث عن فوارق ورمية بين المجموعتين، قد يفيد إثبات صحة الآليات السابقة من خلال الدراسات والتجارب السريرية أكثر في الحياة العملية».
كيف نقلل استهلاك الفركتوز؟
تواصلت صحيفة ميديكال نيوز توداي أيضًا مع مونيك ريتشارد بوصفها اختصاصية التغذية والحميات ومديرة مشروع (نيوتريشن إن سايت)، وسألتها عن الدراسة والطرق التي يستطيع الناس تخفيض مستويات الفركتوز التي يستهلكونها من خلالها.
وضحت ريتشارد أن الحل بسيط مع إنه قد يبدو صعبًا وغير منطقي لبعض الناس، ويتمثل في تجنب تناول كميات مفرطة أو أنواع غير صحية ومفيدة من الفركتوز، وذلك بالابتعاد عن الأطعمة المعلبة والمصنعة. وتابعت قائلة: «يُنصح الناس بالالتزام بتناول الفركتوز طبيعي المصدر، أي من الفواكه والخضار، والابتعاد عن الفركتوز الصناعي … فالألياف والفيتامينات والمعادن تجعل استهلاك الكاربوهيدرات -مثل الفركتوز الموجود في الخضار والفواكه طبيعيًا- أمرًا آمنًا. تعود الألياف والمواد المغذية أيضًا بالفائدة على بكتيريا الأمعاء التي لاحظ العلماء أيضًا تأثرها بالاستهلاك المفرط للفركتوز نتيجة تناول الأطعمة المصنعة وغير الطبيعية».
وأكملت ريتشارد قائلة: «إن قراءة اللصاقة وفهم مكونات المنتج يساعد على معرفة طبيعة المادة الغذائية التي يتناولها الفرد. يوجد السكر بأنواع عديدة لكن يجب على الشخص تثقيف نفسه فيما يخص أنماط السكر المختلفة وأسماء كل منها، وذلك حتى لا يستبدل نوعًا من أنواع السكر بنوع آخر يشابهه بالتأثيرات تمامًا. يعرف مصنعو الأغذية والأطعمة الطريقة الصحيحة والذكية للترويج لمنتجاتهم. قد تقول اللصاقة مثلًا أن المنتج هذا لا يحوي على شراب الذرة المركز عالي الفركتوز، بينما يحوي هو ذاته على الكمية ذاتها أو أكثر من الفركتوز أو الغلوكوز أو السكروز، وهو سكر الطعام. قد يلاحظ الشخص ذلك في المقرمشات المصنعة، والبسكويت، والمشروبات الغازية، والعصائر».
أنهت ريتشارد كلامها بقولها: «لا يوجد حاجة لأن يكون الشخص مهووسًا في اختيار أغذية صحية تمامًا وخالية من السكر، وعوضًا عن ذلك يجب معرفة الوقت المناسب، والكمية المناسبة، والتأكد من عدم استبدال الطعام الطبيعي بالأنواع المصنعة، وذلك في سبيل الحفاظ على نمط غذائي صحي والاستمتاع بحياة سليمة».
اقرأ أيضًا:
بحث جديد يعلن اكتشاف المسبب الأساسي للسمنة :الفركتوز
هل يسبب سكر الفركتوز الإصابة بمرض ألزهايمر؟
ترجمة: رهف وقّاف
تدقيق: نور حمود
مراجعة: محمد حسان عجك
المصدر
كُنا قد تحدثنا في خبر كيف يساعد الفركتوز على تغذية الخلايا السرطانية؟ - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
0 تعليق