«الخرطوم»... فيلم يروي قصصاً من معاناة «الحرب المنسية» - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. «قد تُحقق الأفلام ما عجزت السياسة عن تحقيقه، وتضع نهاية للحرب في بلادنا»، هذا ما يُراهن عليه صناع الفيلم الوثائقي الطويل «الخرطوم»، الذي يُعدّونه وثيقة حيّة على ما يجري في السودان سيتقدمون بها للأمم المتحدة والكونغرس الأميركي لإيقاظ الوعي حول الحرب، التي يصفونها بأنها «حرب منسية»، لا تحظى باهتمام العالم، ولا بالتغطية الإعلامية التي تستحقها، ومع عرض الفيلم للمرة الأولى في مهرجان الأفلام المستقلة «صندانس» بالولايات المتحدة، ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية العالمية، ومع ردود الأفعال الإيجابية التي حظي بها، واهتمام الإعلام الغربي بصناعه، ستكون محطته الثانية في مهرجان برلين السينمائي ضمن أفلام البانوراما.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
يتتبع الفيلم حياة 5 من مواطني الخرطوم الذين عاشوا مرارة الحرب، وهم مجدي الموظف المدني وعاشق تربية الحمام، وجواد أحد متطوعي لجنة المقاومة، ولوكين وويلسون وهما طفلان يجمعان الزجاجات البلاستيكية من القمامة لشراء ملابس لهما، وخادمة الله، وهي بائعة شاي وأم لطفل، وقد تصدّى لإخراج الفيلم كل من إبراهيم سنوبي وأنس سعيد وراوية الحاج وتيماء أحمد.
بدأت فكرة تصوير الفيلم عام 2021 خلال وجود صانع الأفلام البريطاني فيل كوكس في الخرطوم لتصوير فيلم لصحيفة «الغارديان» البريطانية، الذي سبق أن تعاون مع «سودان فيلم فاكتوري»، وهي مؤسسة تهدف لمساعدة صناع الأفلام، ويُديرها المخرج طلال عفيفي.
وكما يقول المخرج إبراهيم سنوبي لـ«الشرق الأوسط»: «لقد وجهنا نداءً للمخرجين السودانيين لتقديم قصصهم عن الخرطوم من خلال شخصيات تعيش بها بطريقة شاعرية، وتم اختيار المخرجين والقصص، وبدأنا نصور حتى وقعت الحرب في أبريل (نيسان) 2023، وتوقف كل شيء».
ويضيف سنوبي: «كنا لا نعرف الخطوة التالية، فاتجهنا إلى كينيا مع آلاف النازحين، وهناك كان قرارنا الجماعي باستكمال الفيلم، وتوصلنا مع شركائنا من أبطال القصص، وتمكنا من إحضارهم إلى كينيا بعد معاناة ليخضعوا لجلسات علاجية للتغلّب على اضطراب صدمة الحرب».
في كينيا، بدأ المخرجون المرحلة الثانية من صناعة الفيلم؛ حيث تم تغيير القصص ليروي أبطالها عن التجارب الرهيبة التي مروا بها خلال الحرب، ونظراً لعدم إمكانية التصوير في الخرطوم، قاموا بتصوير المشاركين بتقنية «الشاشة الخضراء»، وتم وضع صور ومشاهد من الحرب ترافق قصص نجاتهم المروعة.
وتتحدّث المخرجة الوحيدة بينهم راوية الحاج قائلة: «مع اندلاع الحرب فقدنا التواصل مع بعضنا ومع شركائنا في المشروع، وقد جمعنا في نيروبي زميلنا إبراهيم سنوبي، لم نكن نعلم ما جرى لشركائنا من أبطال الفيلم، وبعد 3 أشهر من البحث وجدنا الأطفال؛ حيث كانوا في منطقة سيطرت عليها (قوات الدعم السريع)، وواجهنا مشكلة عدم وجود أوراق ثبوتية معهم، وظللنا نبحث عن أهلهم وقتاً طويلاً».
وتضيف راوية: «حين قامت الحرب فقدنا بيوتنا وبعض أفراد أسرنا والتليفونات التي صورنا بها الفيلم، لكن كان لدينا إصرار على أن نُظهر قصصنا للعالم، لا سيما أن الحرب في السودان منسية، ولا تحظى بالاهتمام ولا بالتغطية الإعلامية العالمية الكافية».
وتعاون المخرجون الأربعة -حسب سنوبي- لدمج أفلامهم بوصفهم فيلماً واحداً بطريقة متناغمة، قائلاً: «كنا نساعد بعض، ونشارك في أفلام بعضنا في الأفكار وخلال التصوير».
في حين يلفت المخرج أنس سعيد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه بعد اختيار المخرجين ضمن القائمة النهائية تم عمل ورشة لتطوير الفكرة في «سودان فيلم فاكتوري» مع المخرج فيل كوكس، لربط القصص ببعضها رغم اختلافها وتنوعها، مؤكداً أن «الفيلم استغرق فترة طويلة بين تقلبات سياسية وعسكرية»، يقول ساخراً: «إنها الدائرة المعهودة بالسودان، ولا تزال حتى اليوم، ويعترف سعيد بأن الحرب أثَّرت عليهم جميعاً تأثيراً بالغاً، متمنياً أن يصل صوت السودان لكل العالم، ويُحدث تغييراً يُحقق كل الآمال والتطلعات».
اختيار الفيلم للمشاركة في «صندانس» كان مفاجأة لصناعه، وكما يقول المخرج تيماء أحمد: إنه «أول فيلم سوداني يشارك في (صندانس)، الذي يُعد منصة ممتازة لتصل قصصنا للعالم، والحقيقة أنه لم يكن لدينا توقعات بشأن الجمهور، لكن عقب العرض الأول خرج الجمهور يتحدّث عن الفيلم بإعجاب ودهشة مما جرى لأبطاله، وقد تم عرضه 4 مرات بالقاعات ومرتين (أونلاين)، واهتمت الصحافة بشكل كبير به، وتلاحقت اللقاءات، وهذا في حد ذاته أمر مهم؛ لأنه يكشف واقعاً تعيشه الخرطوم».
وكان قد تم إجراء أعمال المونتاج والصوت والمكساج في بريطانيا واستغرق ذلك 6 أشهر.
المخرج البريطاني فيل كوكس كان شريكاً أساسياً في صناعة الفيلم من البداية، ومسؤولاً عن البحث عن تمويل له، مثلما يقول: «بدأ الفيلم مشروعاً ثقافياً صغيراً، وكان عبارة عن ورشة عمل في عام 2022؛ لذلك حصلنا على بعض التمويل الثقافي من المستشار البريطاني، وتم تمويله أيضاً من أفلام (ميغان فويس)، ولكن عندما حدثت الحرب اضطررنا جميعاً للفرار، واستخدمنا الأموال المتبقية لإنقاذ حياة صناع الفيلم والمشاركين به، ولهذا السبب بدأنا نفكر بطريقة إبداعية في كيفية سرد الفيلم، فالكارثة أصبحت أيضاً فرصة، وتحمّس لنا آخرون مثل (بي بي سي ستوريفيل)، ومعهد (جو هاف فيلم)، و(أفلامنا) لدعم الفيلم، وهكذا حصلنا على مزيد من الأموال في المرة الثانية التي أنهينا بها الفيلم».
كُنا قد تحدثنا في خبر «الخرطوم»... فيلم يروي قصصاً من معاناة «الحرب المنسية» - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
0 تعليق