أميركا تودِّع اتفاق باريس مجدداً - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. منذ اللحظة الأولى لعودته، وقَّع الرئيس الأميركي ترامب سلسلة من الأوامر التنفيذية التي حملت رسائل واضحة للعالم، لكن أبرزها وأكثرها إثارة للجدل كان قراره الانسحاب مجدداً من اتفاق باريس للمناخ.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
هذا الاتفاق، الذي يمثل أول ميثاق دولي مُلزم للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى أقل من درجتين مئويتين، بدا وكأنه يقف في مواجهة رؤية ترامب، التي طالما وصفت الاتفاق بأنه «ظالم» و«أحادي».
لكن السؤال يبقى: هل هو مجرَّد انسحاب مبرر، أم إعلان عن تراجع مكانة الولايات المتحدة العالمية؟
لم يكن انسحاب ترامب من الاتفاق مُستغرباً، ففي عام 2017 اتخذ القرار نفسه خلال ولايته الأولى. إلا أن العودة الآن، بعد انضمام الرئيس السابق جو بايدن مجدداً للاتفاق في بداية ولايته، تحمل أبعاداً تتجاوز حدود السياسة البيئية.
الولايات المتحدة، التي تُعد لسنوات المحرك الأساسي للدبلوماسية المناخية، أضحت اليوم، بهذا القرار، موضع انتقاد عالمي. هذا التذبذب في السياسة لا يُضعف مصداقية واشنطن فحسب، بل يُشعر العالم بأن الرؤية الأميركية للقضايا الدولية الكبرى باتت تتسم بالتقلب وعدم الاتساق. وقد ظهر هذا جلياً من ردود الأفعال الدولية على القرار التي كانت صارمة، فرئيس مؤتمر الأطراف 21 وصفه بأنه «خطير»، و«يتعارض مع الدلائل العلمية». هل يعكس ذلك مجرَّد غضب دبلوماسي؟ أم أنه تحذير من أن تأثير هذا القرار قد يكون كارثياً على جهود مكافحة تغيُّر المناخ؟ في حين أن دولاً أو كيانات دولية سارعت لملء الفراغ منذ الانسحاب الأول، مُستغلة تراجع الولايات المتحدة، التي أعطت منافسيها فرصة ذهبية لتعزيز نفوذهم الدولي.
الصين، على سبيل المثال، واصلت دفع استثماراتها الضخمة في الطاقة الخضراء، مُحققةً طفرةً جعلتها تتربع على عرش الدول الرائدة في الطاقة المتجددة، حيث باتت 25 في المئة من احتياجاتها للطاقة تُستمد من مصادر متجددة.
أحد أكثر الجوانب إثارة للقلق، هو توقف تمويل صندوق المناخ الأخضر، الذي صُمِّم لمساعدة الدول النامية على التكيُّف مع التحديات المناخية. كيف يمكن لهذه الدول، التي تعاني أصلاً الفقر، أن تواجه آثار التغيُّر المناخي دون دعم مالي؟ فعلى سبيل المثال، بنغلادش واحدة من أكثر الدول عُرضة للتغيُّر المناخي، حيث يُتوقع أن تُغمر 17 في المئة من أراضيها بحلول 2050، مما قد يسبِّب نزوح ملايين السكان، فهي تعتمد على التمويل المناخي لبناء السدود، ودعم البنية التحتية الساحلية لمكافحة تغيُّر المناخ.
كانت الولايات المتحدة قد تعهدت بتقديم 3 مليارات دولار للصندوق، لكنها بالكاد أوفت بجزء صغير من هذا الالتزام. القرار يُرسل رسالة مقلقة للدول النامية، مفادها أن المعركة المناخية قد تتركها وحدها في الميدان، رغم أنها هي الأقل مسؤولية عن الانبعاثات، والأكثر عُرضة للتأثيرات السلبية.
أما في الداخل الأميركي، فإن صورة المستقبل البيئي تبدو أكثر قتامة. فقرارات ترامب لدعم صناعات الفحم والنفط جاءت على حساب الطاقة المتجددة، التي تواجه اليوم خفضاً في الدعم المالي، إضافة إلى فرض رسوم جديدة على تكنولوجيا الطاقة المتجددة.
قد يجد أنصار هذا القرار مصلحة اقتصادية، لكن ما التبعات التي قد تنجم عنه؟ فالولايات المتحدة، التي تُعد مسؤولة عن حوالي 15 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً، قد تكون الآن على مسار تصاعدي لهذه الانبعاثات، مما يجعلها في مواجهة مباشرة مع الأزمات المناخية، كالحرائق، والأعاصير، ومواسم الجفاف.
الانسحاب الأميركي من اتفاق باريس ليس مجرَّد قرار سياسي، إنه رسالة تحمل في طياتها تحدياً للمجتمع الدولي، وللطبيعة نفسها. القرار، الذي يصفه البعض بـ «الخيانة المناخية»، يثير تساؤلات عميقة حول قدرة الولايات المتحدة على تحمُّل مسؤولياتها في قضايا المناخ، كما يوضح تصورات ترامب لما يراه مناسباً لمستقبل بيئي واقتصادي.
هل تتخلى الولايات المتحدة عن دورها المسؤول في أهم قضية تواجه البشرية، ألا وهي تغيُّر المناخ، أم تُعيد النظر في سياساتها، لتكون جزءاً من الحل لا المشكلة؟
الجواب لن يُكتب على الورق فقط، بل سيُحفر في الأرض والبحار والهواء. فالقرارات التي تُتخذ اليوم ستحدد مستقبل أجيال قادمة، سواء كانت ستعيش في عالم مُستدام، أو على كوكب مُنهك يبحث عن فرصة ثانية.
- متخصص في علوم الأرض والبيئة
كُنا قد تحدثنا في خبر أميركا تودِّع اتفاق باريس مجدداً - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
0 تعليق