عاجل

الإنسان والحاسوب من التنافس إلى الشراكة - غاية التعليمية

0 تعليق ارسل طباعة

الإنسان والحاسوب من التنافس إلى الشراكة - غاية التعليمية

غاية التعليمية يكتُب.. يتغير العالم حولنا اليوم بتسارع لم يسبق له مثيل في التاريخ. وتتطور مستجدات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بحيث يصعب على المرء مجرد متابعتها.

اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.

لقد جاءت بدايات الثورة السيبرانية لتعزيز القدرة الفكرية المتوفرة للإنسان، من خلال تطبيقات الحاسوب المختلفة، حيث أصبح بالإمكان أن تقوم الآلة (الحاسوب) بكثير من المهام التي كانت حكراً على الدماغ البشري، وأدى ذلك إلى ما نراه اليوم من انتشار مجتمع المعلومات الرقمي بكل أبعاده وسماته.

كذلك تطورت بشكل متسارع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، وأصبح البعض يعتقد أن الذكاء الاصطناعي ربما يهدد الحضارة الإنسانية.

وفي العقدين الأخيرين، ومع تنامي علوم وتكنولوجيا الإدراك، تطورت بشكل ملحوظ الأجهزة والبرمجيات الذكية وآليات التواصل بينها وبين الدماغ البشري، وتمكنت من المشاركة في «سيطرته» على حواسنا وتفكيرنا وذاكرتنا، كما بدأنا نغوص داخل جسم الإنسان، وإلى حد ما داخل دماغه، لتعزيز هذا التواصل.

التقارب بين الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية يمكن أن يسرع الاكتشافات في مجالات مثل الأدوية والمناخ (أدوبي)

لقد بات في الأسواق اليوم أجهزة تعطي إحساس الرؤية لمن ولد أعمى بعينين مدمرتين بيولوجياً، وأخرى تعيد السمع لمن فقد هذا الحس، من خلال تواصل مباشر بين أجهزة تلتقط إشارات البيئة الخارجية مع دماغ الإنسان المعني.

ومن جهة أخرى، تتطور أجهزة الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته وآليات التواصل مع دماغ البشر بحيث يمكن بـ«مجرد التفكير» السيطرة على هذه الأجهزة واستخدامها في تحريك كل ما حولنا، ثم نقل تغذية ارتجاعية منها إلى دماغ الإنسان تبلغه بما قامت به وتتلقى منه التعليمات للخطوة التالية... تماماً مثل حواس الإنسان وشبكات الأعصاب داخل جسمه.

ميزات الجنس البشري

معظم القدرات والمهارات الغريزية التي يمتلكها الإنسان موجودة، وإن بدرجات متفاوتة، لدى العديد من الأجناس الحية الأخرى. لكن الإنسان نجح في تعظيمها وتضخيمها والجمع بينها في الاستخدامات اليومية حتى بدت وكأنها قدرات تختلف عن تلك التي تمتلكها الأجناس الأخرى، ومن ذلك الذكاء والتفكير والقدرة على إبداع أدوات لتسخير موارد الطبيعة لصالحه.

نجح الإنسان كذلك في تطوير مستجدات التكنولوجيا والارتقاء باستخداماتها على مرّ العصور ومراكمة الخبرات المكتسبة في استخداماتها ونقلها عبر المكان والزمان، بين الأجيال والتجمعات البشرية المختلفة.

جهاز يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل حركات الجسم أثناء أداء مهام إدراكية (جامعة ميسوري)

إن ما يميز الإنسان عن الحاسوب، على الأقل إلى اليوم، هو قدرته على الإبداع والابتكار، وقدرة الدماغ البشري على التفكير أبعد من البيئة المحيطة به، جغرافياً وزمنياً، ويمكن تفصيل بعض هذه الميزات كما يلي...

  • التفكير التجريدي وإسقاط الحاضر نحو المستقبل.
  • التواصل اللغوي، عبر الزمان والمكان، ما ساهم في تطوير الأفكار المجردة (وبلورة صيغ ونماذج فكرية، والتعامل المعقد معها)، وهو ما يتعلق باللغة الطبيعية في التواصل بين البشر.
  • وضع تصور ذهني لمشكلة ما، ثم التحليل والبحث عن حلول فكرية لها، ثم العمل على تنفيذ المناسب من الحلول المطروحة فكرياً (Problem solving approach).
  • الإدراك والوعي الذاتي بالذات وبما حولنا.

الصفات المتوارثة

إن هذه الصفات التي تعطي الإنسان ميزة على الحاسوب، إلى اليوم، هي صفات ومواهب غريزية هامة، ومهارات وقدرات مكتسبة. ومن المواهب الغريزية المتوارثة...

  • الفطرة والحس الغريزي السليم.
  • التقدير والتخمين؛ نتيجة الخبرة المتوارثة المتراكمة في الجينات على مر العصور.
  • الذكاء العاطفي والذكاء الاجتماعي والنفسي.
  • التأقلم مع المتغيرات والمفاجآت، وفهمها، والسعي للتعامل معها.

مهارات إنسانية مكتسبة

بالإضافة إلى ما سبق، يمكننا الحديث عن إدماج الصفات الغريزية بمهارات تكتسب بالخبرة والتعلم لتشكل مهارات وقدرات فائقة في «إنسانيتها»، ما زلنا نعدّ أنها بمعظمها ليست بمتناول الحاسوب، إلى اليوم على الأقل، من ذلك...

  • الفضول والرغبة في استكشاف المجهول.
  • الإبداع والابتكار والخيال والحلم النهاري (المثمر أو غير المثمر).
  • الحسّ بالمسؤولية والرغبة في اتخاذ القرار، وربطه بالتنفيذ.
  • التأثير على الآخرين فكرياً وعاطفياً ومجتمعياً.
  • العمل الجماعي كفريق، والقدرة على قيادة الفريق.
  • الاستفادة من التجربة وتكرارها، والتعلم منها بعد تحليلها وتقييمها.
  • المقاربات اللغوية والبلاغية المتنوعة، المباشرة وغير المباشرة (التشبيه والاستعارة... إلخ).
  • القدرة على الجمع والربط بين الأفكار المختلفة حتى المتناقضة (association of ideas).
  • التعرف على الأشخاص والصور والأشياء، بسرعة فائقة (Pattern recognition).
  • تصور السيناريوهات والبدائل المستقبلية، حتى البعيدة عن الواقع، والقدرة على مقارنتها.
  • التبصر واستكشاف المستقبل والنظرة إلى الأمام.

وإلى الآن على الأقل، لم تنجح برمجيات الذكاء الاصطناعي، إلا جزئياً، في اكتساب كل هذه المهارات بالسهولة والبداهة التي لدى الإنسان. لهذا فهي تعدّ مهارات فائقة الأنسنة.

التطورات التكنولوجية الثورية

لقد بدأ استخدام الحاسوب في أواسط القرن العشرين كآلة حاسبة ضخمة القدرات، فائقة السرعة وفائقة الدقة مقارنة بدماغ الإنسان، للقيام بالعمليات الحسابية الكبيرة والمعقدة أحياناً. لكن، سريعاً ما بدأ استخدام الحاسوب في عمليات منطقية معقدة ومتطورة. وأهم تطبيقات الحاسوب اليوم، ربما، هي في تكنولوجيا الاتصالات، في الإنترنت والهاتف الذكي المحمول ووسائط التواصل الاجتماعي. ونوجز في ما يلي بعض أهم مستجدات هذه الثورة في الاتصالات والمعلومات...

  • الذكاء الاصطناعي والآلة عميقة التعلم.
  • تطورات الإنترنت.
  • تطورات وسائط التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها وأبعادها.
  • الحوسبة السحابية (Cloud computing)، والحوسبة الضبابية (Fog computing).
  • معالجة المعطيات الضخمة (Big Data).
  • الحقيقة المزادة والحقيقة الافتراضية والحقيقة المختلطة.
  • الحوسبة الكمومية (Quantum computing).
  • الروبوت والروبوت المؤنسن.

ويتوفر لكل من هذه المستجدات أدبيات واسعة تشرح تأثيراتها وأبعادها.

الذكاء الاصطناعي

هو لوغاريتمات تبرمج للحاسوب ليشابه تفكير الدماغ البشري، حيث يتمكن الحاسوب من إنجاز مهمات كانت محتكرة من التفكير البشري، مثل حلّ المسائل المتشابكة والمعقدة، والتعلم والتعرف على الصور واتخاذ القرار.

وتشمل قدرات الذكاء الاصطناعي...

  • تعلم الآلة (Machine learning)

بما يمكن الحاسوب من اكتساب مزيد من المعلومات والمهارات بالممارسة والتعلم العملي.

  • التعلم العميق (Deep learning)

من خلال شبكة عصبونات حاسوبية تقلد العصبونات البشرية بطبقات متعددة، لاكتساب ذاكرة واسعة متعددة الطبقات

وللتعرف على الأنماط وما شابه.

  • معالجة اللغة الطبيعية مع كل ما يتطلبه ذلك من مهارات.
  • التعرف على الصور وترتيبها وتصنيفها.

وتأتي قوة الذكاء الاصطناعي من خلال لوغاريتمات متعددة الطبقات تقود الآلة للتصرف أبعد مما وضعه لها المبرمج (الإنسان)، حيث تكون قادرة على اتخاذ قرارات غير مبرمجة ترتكز على ما اكتسبته الآلة من خبرات ومعلومات.

الحاسوب الذكي

الحاسوب الذكي هو الحاسوب المبرمج للتعلم ذاتياً بالممارسة وباكتساب المعرفة من تحليل الحالات التي تمر به؛ ما يهمنا هنا هو بعض استخدامات الذكاء الاصطناعي في تطبيقات هامة ومباشرة، في الاقتصاد والصناعة والأمن والسياسة والإدارة والقضايا العسكرية.

تحديات تبني الذكاء الاصطناعي تشمل أمن البيانات وتكامل الأنظمة القديمة وتدريب الكوادر الطبية (شاترستوك)

القدرات الحاسوبية تتزايد ويجري ربطها في شبكات ضخمة على امتداد العالم، كما تجري مراكمة كل أنواع المعطيات في بنوك معلومات فائقة الضخامة (غوغل، وأمازون، ومايكروسوفت، وفيسبوك، على سبيل المثال، حتى لا نتحدث عن بنوك المعلومات لدى الحكومات ومخابرات العالم!!).

وهذه البنوك تمتلك ذاكرة لا متناهية السعة ولا تمحى، تحركها آليات بحث متطورة فائقة القدرة للبحث في المعطيات الضخمة، والقادرة على تحليل المعلومات المراكمة وتصنيفها، ثم انتقاء المعلومات المفيدة المطمورة في بنوك المعلومات، واسترجاعها بسرعة مذهلة لتسهل عمل أصحاب اتخاذ القرار.

شراكة الإنسان والحاسوب

من الواضح أن الحاسوب يتطور بسرعة مذهلة ويكتسب قدرات تفوق قدرات الإنسان التقليدية، وإن كانت ظاهرياً على الأقل تستخدم كلياً لصالح الإنسان، ولتحسين حياته وتعزيز قدراته.

صحيح أن التحسن في قدرات الحاسوب يلغي كثيراً من المهن والوظائف التي كانت مقتصرة على الدماغ البشري. وبالتالي سيزيد مستوى البطالة، خاصة العمالة غير الماهرة من جهة، والشباب ذوي الشهادات الجامعية والخبرة العملية المحدودة من جهة أخرى، لكن الصحيح أيضاً أن «الإنسان» ليس بالضرورة في منافسة مباشرة مع «الحاسوب»، وقبل ذلك لم يكن عملياً في تنافس مباشر مع كل تقدم تكنولوجي مكتسب.

إن التفكير السليم هو في تطوير شراكة بين الإنسان والحاسوب، وتنظيمها بحيث يقدم كل طرف في الشراكة أفضل ما لديه من قدرات ومهارات لصالح الإنسان، وللتقدم والرقي بالحضارة الإنسانية بتكامل بين الطرفين.

محفزات الشراكة بين الإنسان والحاسوب

  • التطور المستمر في الحواسيب الذكية وتحسنها.
  • انتشار الحواسيب في كل مجال وترابطها وتشابكها على امتداد العالم.
  • زيادة التشابك والترابط بين كل نظم الشبكات العالمية.
  • تعقيدات متزايدة في كل النظم والمؤسسات والمنظمات في العالم، ورقمنتها، وتراكم المعلومات بشكل مرعب في كل هذه النظم، بشكل يعجز الإنسان الفرد وحده عن استيعاب ذلك والتعامل معه.

* مقتبس من كتاب للمؤلف بعنوان «تفكرات مستقبلية»

كُنا قد تحدثنا في خبر الإنسان والحاسوب من التنافس إلى الشراكة - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.

جميلة الهادي
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق