خريطة «العمارة» ترفع جاذبية مدن السعودية أمام الاستثمارات - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. وصف محللون اقتصاديون ومعماريون في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إطلاق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، خريطة «العمارة السعودية»، بأنه يُعد تحوّلاً استراتيجياً، يجعل من العمارة نفسها أصلاً اقتصادياً يُستثمر فيه، ويمنح المملكة قدرة تنافسية في قطاع التطوير العقاري السياحي والثقافي، كما يُسهم في استدامة الاقتصاد السياحي، وتنشيط قطاعات الصناعات التحويلية، من تصنيع الحجر المحلي إلى النجارة والنقوش والزخارف التقليدية. كما قد يقود إلى ولادة شركات متخصصة في إعادة إحياء الحرف اليدوية، وتحويلها إلى صناعات تصديرية بمرور الوقت.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
كان ولي العهد السعودي قد أعلن إطلاق خريطة العمارة التي تشمل 19 طرازاً معمارياً مستمَداً من الخصائص الثقافية والجغرافية للمملكة، وسط توقعات بأن تسهم العمارة السعودية بأكثر من 8 مليارات ريال (2.13 مليار دولار) في الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، مع توفير أكثر من 34 ألف فرصة عمل في قطاعات الهندسة والبناء والتطوير العمراني بحلول 2030، في خطوة تهدف إلى تطوير المدن السعودية.
وأكد محمد بن سلمان أن إطلاق خريطة العمارة السعودية، التي تعكس تنوع المملكة الثقافي والجغرافي، يأتي ضمن مساعي تطوير مدن حضرية مستدامة تتناغم مع الطبيعة المحلية، وتوظيف الطراز المعماري التقليدي بأساليب حديثة. وقال: «تمثل العمارة السعودية مزيجاً من الإرث العريق والتصميم المعاصر، حيث نعمل على تحسين المشهد الحضري وتعزيز جودة الحياة، بما يحقق توازناً بين الماضي والحاضر، ويكون مصدر إلهام عالمي للابتكار في التصميم المعماري».
وأشار إلى أن العمارة السعودية تسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية غير المباشرة من خلال زيادة جاذبية المدن، مما يعزز من زيادة أعداد الزوار والسياح، ويدعم نمو القطاعات المرتبطة بالسياحة والضيافة والإنشاءات.
هوية معمارية
ويرى أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك فيصل، الدكتور محمد القحطاني، في تصريح إلى «الشرق الأوسط» أن إطلاق ولي العهد خريطة العمارة السعودية ليس مجرد إعلان ثقافي أو معماري، بل هي خطوة ذات دلالات اقتصادية عميقة، تعيد تعريف المشهد الاستثماري والعقاري في المملكة وفق رؤية تنموية تتجاوز الإطار التقليدي للنمو الحضري.
وأشار إلى أن «الهوية المعمارية لأي دولة تُمثل أحد أعمدة القوة الناعمة، وعندما تتحول هذه الهوية إلى معيار يُفرض على المشاريع التنموية، فإننا أمام تحوّل استراتيجي، يجعل العمارة نفسها أصلاً اقتصادياً يُستثمر فيه، بحيث لا تقتصر على الجانب الجمالي فقط». أضاف أن توحيد الهوية المعمارية يعني أن المستثمرين المحليين والدوليين سيعيدون تقييم خططهم وفق متطلبات جديدة تفرض جودة أعلى، مما يرفع القيمة السوقية للعقارات ويجذب رؤوس الأموال الباحثة عن مشاريع ذات طابع أصيل ومستدام.
وأكد القحطاني أن تبنّي معايير معمارية سعودية أصيلة يعني خلق طلب مستدام على مواد البناء والديكورات التي تعكس هذه الهوية، مما يؤدي إلى تنشيط قطاعات الصناعات التحويلية، من تصنيع الحجر المحلي إلى النجارة والنقوش والزخارف التقليدية، مضيفاً أن هذه السلاسل الإنتاجية ستقود إلى ولادة شركات متخصصة في إعادة إحياء الحرف اليدوية، والتي يمكن أن تتحول إلى صناعات تصديرية بمرور الوقت، تماماً كما حدث مع «العمارة اليابانية» أو «التصميم الإسكندنافي» اللذين أصبحا علامات تجارية في حد ذاتها.
وأشار إلى أن خريطة العمارة السعودية ستعيد تشكيل مفهوم القيمة العقارية، حيث لم يعد الموقع وحده العامل الحاسم، بل أصبح التوافق مع الهوية المعمارية أحد أهم معايير تقييم المشاريع، كما ستؤدي إلى تغييرات جذرية في تصاميم الفنادق، والمجمعات التجارية، وحتى مشاريع الإسكان، مما يرفع مستوى التمايز بين الأصول العقارية، ويمنح المملكة قدرة تنافسية في قطاع التطوير العقاري السياحي والثقافي.
وأضاف أنه عندما تكون عمارة المملكة مستوحاة من هويتها المحلية، فإن ذلك يعزز السياحة الثقافية والعمرانية، تماماً كما تفعل باريس بهندستها الكلاسيكية، أو مراكش برياضاتها التقليدية، ويصبح كل مبنى جزءاً من تجربة فريدة للزائر، مما يزيد من معدلات إنفاق السياح ويطيل مدة إقامتهم، وهو عنصر جوهري في الاقتصاد السياحي المستدام، لافتاً إلى أن خريطة العمارة السعودية لن تقتصر على ثقافة المملكة بل ستصبح محركاً استثمارياً، وقاعدة صلبة لصناعات متكاملة، وأداة لتعزيز القيمة العقارية والمكانة السياحية للمملكة عالمياً.
نقلة نوعية في التخطيط الحضري
من جهته، وصف أستاذ التخطيط الحضري والإقليمي الدكتور عبد المحسن الشبلي، في تصريح إلى «الشرق الأوسط»، هذه الخطوة في إطلاق العمارة السعودية بـ19 طرازاً مستوحى من الهوية المحلية، بأنها تمثل نقلة نوعية في التخطيط الحضري والإقليمي، تُعيد رسم العلاقة بين الإنسان، والمكان، والهوية العمرانية.
ويرى الشبلي أن أهمية هذه المبادرة من منظور التخطيط الحضري والإقليمي ولمستقبل المدن السعودية، تكمن في محاور عدة هي: إحياء الهوية المكانية وتعزيز الارتباط بالمكان، حيث تعكس العمارة في المدن بيئتها المحلية، وتُعزز الانتماء وتحول المدن إلى أماكن ذات طابع مميز بدلاً من الفراغات العمرانية الموحدة، كما تسهم في تعزيز الاستدامة والتكيف مع البيئة حيث التخطيط الحضري المستدام يشمل تصميم المباني وفق البيئة المحلية، واعتماد المواد الطبيعية، والعزل الحراري، والتهوية الطبيعية لتقليل استهلاك الطاقة، وخلق مدناً أكثر استدامة.
ورأى أن المبادرة ستسهم في تحسين المشهد الحضري وتقليل التشوه البصري، وستخلق نسيجاً عمرانياً متجانساً يعزز جمالية المدن، ويرفع من جاذبيتها البصرية والاستثمارية، كما تعزز من حيوية ومرونة المدن وتفاعل السكان مع المساحات الحضرية، من شوارع وساحات مصممة بعناية تعزز الحياة الاجتماعية، وتجعل المدن أماكن أكثر ملاءمة للحياة اليومية.
وأضاف أنها «تزيد من فرص تحقيق التنمية الإقليمية المتوازنة، وتمنح كل منطقة طرازها المعماري الخاص، مما يعزز التنوع العمراني ويعيد توزيع التنمية بشكل أكثر عدالة بين المناطق، وكذلك تعزيز السياحة العمرانية والاستثمار عبر تخصيص طابع مميز لكل مدينة مما يساهم في جذب السياح والمستثمرين. فعندما تصبح العمارة جزءاً من تجربة المكان، فإنها تحفّز النشاط الاقتصادي وتعزز الهوية الثقافية، لافتاً إلى أنها كذلك ستسهم في جعل المدن أكثر قدرة على التكيف مع المستقبل، وتصنع مدناً تتكيف مع تغيرات المناخ، والتكنولوجيا، وأساليب الحياة، مما يجعلها أكثر استعداداً للمستقبل.
وأشار الشبلي إلى أن «هذا الإطلاق للعمارة السعودية سيصل بنا إلى مدن أكثر استدامة وحيوية وانسجاماً مع بيئتها، وأكثر جاذبية للحياة والاستثمار»، مضيفاً أن «المبادرة ليست مجرد تغيير في الشكل العمراني، بل خطوة نحو مدن تُحاكي هويتها، تُلهم سكانها، تتطور تخطيطاً وتنافس عالمياً».
كُنا قد تحدثنا في خبر خريطة «العمارة» ترفع جاذبية مدن السعودية أمام الاستثمارات - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
0 تعليق