هل تستطيع المرأة الوصول إلى رئاسة الحكومة المغربية في المستقبل؟ - غاية التعليمية

0 تعليق ارسل طباعة

هل تستطيع المرأة الوصول إلى رئاسة الحكومة المغربية في المستقبل؟ - غاية التعليمية

غاية التعليمية يكتُب.. بمناسبة تخليد اليوم العالمي للمرأة (8 مارس) بات الحديث عن المساواة بين الجنسين في المناصب القيادية وتولي المرأة مواقع اتخاذ القرار في السياسة والوظيفة العمومية في صلب النقاشات المجتمعية، إذ طفت على الواجهة أرقام ومؤشرات تضيء على هذا الواقع، ففي الفترة 2014-2024 تم تعيين 1463 مسؤولا في المناصب العليا بالوظيفة العمومية بالمغرب، 209 فقط منهم نساء.

اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.

وبينما تزداد صخبا الدعوات إلى المساواة بين الجنسين في مختلف المجالات، لا يحتفظ تاريخ المغرب بأي اسم لامرأة تولت منصب رئيس الوزراء سابقا أو رئاسة الحكومة بعد دستور 2011، فهل تقود امرأة حكومة المغرب في المستقبل؟

هسبريس نقلت هذا السؤال إلى أكاديميين مغاربة فردوا بأن الجواب لا يكمن فقط في الأرقام، بل في الإرادة السياسية والمجتمعية التي قد تدفع باتجاه تمكين النساء من تولي مناصب اتخاذ القرار، على اعتبار أن الموضوع يتجاوز مسألة الحضور الكمي للنساء في المناصب القيادية ليصل إلى كيفية تقبل فكرة المرأة في أعلى هرم السلطة التنفيذية والتنظيمية، لذلك يبدو الوصول إلى هذا المعطى محفوفا بالتحديات؛ فما بين التقاليد المجتمعية، وتحفظات الأحزاب السياسية، والنظرة السائدة حول دور المرأة في السلطة، يبقى سقف الطموحات محدودا.

“تاء التأنيث”

قال الدكتور أحمد درداري، رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات، إن استقراء هذه الأرقام والمؤشرات بخصوص التعيين في المناصب العليا يبين أن الفصل 19 من الدستور ما يزال بعيد المنال، ولم تتمكن النساء من الوصول إلى المناصب العليا بالمملكة بالنسبة المحددة المطلوبة في دستور 2011.

وأضاف درداري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن وجود المرأة على رأس مؤسسة إدارية أو سياسية أو مهنية لا يمكن أن يكون عصا سحرية ما لم تتم بالموازاة معالجة الأسباب والمشاكل التي تقف وراء استمرار الأزمة، مشيرا إلى تقارب نتائج الجنسين في تدبير الإدارات العمومية مع تميز للنساء الأقل فسادا.

واعتبر رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات إحصائيات ضعف تمثيلية النساء في مناصب المسؤولية بالوظيفة العمومية بالمغرب، “أمرا طبيعيا”، مؤكدا أن السير متواصل من أجل تعزيز المساواة وتكافؤ الفرص، متسائلا: “لماذا لم تراهن دول أوروبا على المرأة لإنقاذ بلدانها؟”.

وأورد الأكاديمي المغربي أن الممارسة السياسية يجب أن تتحلى بواقعية تستند إلى الحقائق والمعطيات، مع السعي لدفع البلاد نحو الرقي والازدهار، معتبرا أن قيادة المرأة للحكومة في المستقبل “لن تكون تجربة مختلفة إذا استمرت البيئة السياسية على حالها”، وأن النوع الاجتماعي في المناصب العليا سيكون غير ذي جدوى إذا لم يكن التمييز الإيجابي مدعوما بإرادة سياسية حقيقية تضمن الإصلاح من جذوره.

وزاد متابعا: “نعم للمرأة في الإدارة إذا استند الأمر إلى الكفاءة، نعم للتمييز الإيجابي للنساء في المناصب العليا، ونعم لرفع نسبة الموظفات العموميات، ونعم لإدارة أكثر انسيابية، لكن الظروف غير مواتية، في ظل عقليات فاسدة تحيط بالإدارة وتتغذى على خرق القوانين، كما لا ينبغي أن يتحقق طموح المرأة على حساب الصراع مع الرجل أو على حساب المصلحة العامة التي يُراد لها فساد بتاء التأنيث”.

الوقت ينفد

قال الدكتور درداري إن الوقت الدستوري يضيق وينفذ أمام مطلب المناصفة والمساواة، مضيفا أن “حضور نسبة النساء في المناصب العليا العمومية عزز التعايش بين الجنسين في التسيير، لا سيما أن بعضهن حققن الريادة السياسية والإدارية والمهنية، إلا أن النتائج لا تزال تتطلب مزيدا من الجهود لمحاربة التمييز، خاصة في المناصب العليا والسامية التي تظل حكرا على الرجال دون تداول حقيقي بين الجنسين، مثل رئاسة الحكومة”.

وأضاف الأستاذ الجامعي ذاته أن قيادة امرأة للحكومة “يمكن أن يكون خيارا مناسبا في سياق احتضان المملكة لكأس العالم لكرة القدم”، المنظمة بشراكة بين المغرب وإسبانيا والبرتغال، موردا أن ذلك “يحمل إيجابيات، منها تغيير منطق اللوبيات المتحكمة التي تستغل مثل هذه المناسبات لتحقيق مصالحها الضيقة غالبا على حساب الطموح الوطني في إنجاح الحدث وفق رؤية تخدم المصلحة العامة”.

وختم رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات تصريحه لهسبريس بالتأكيد على وجود تحديات قد تنتهي بإلقاء المسؤولية على المرأة في حال قيادتها للحكومة، ما قد يفرغ التجربة من محتواها، ويجعل التغيير شكليا فقط، دون تحقيق تحول حقيقي في الأداء السياسي والإداري، في إشارة إلى استمرار العقليات نفسها التي ساهمت في إفشال الحكومات السابقة.

بصيص الأمل

قالت الدكتورة أسماء ابحكان، أستاذة القانون العام بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، إنه “بقراءة أرقام الإحصائيات المصرح بها رسميا، خصوصا الفترة ما بين 2014 و2024 (وهي فترة ما بعد دستور 2011 الذي نص في فصله الـ 19 على مبادئ المساواة والمناصفة) نجد أنه من أصل 1463 مسؤولا تم تعيين فقط 209 نساء، وهذه المناصب العليا يتم توليها بناء على تعيينات”، موردة أن هذه الأرقام تؤشر على أننا بعيدون على المناصفة.

وبخصوص تولي امرأة قيادة الحكومة المغربية في المستقبل، أضافت رئيسة مركز الدراسات القانونية والسياسية والتجارب المقارنة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن المغرب لا يفتقد إلى الكفاءات النسائية التي بإمكانها تولي منصب رئيس الحكومة بكفاءة عالية، بل نعوز ثقة السياسي بالمرأة السياسية، وهو ما عبرت عنه بمفهوم “الإرادة السياسية الحقة”.

وأوردت أبحكان أنه رغم تنصيص الدستور على مبدأ المناصفة إلا أن المشاركة السياسية للمرأة تبقى ضعيفة، ما جعل المشرع يلجأ إلى نظام “الكوطا”، مستحضرة نتائج الانتخابات التشريعية لسنة 2021 حيث تمكنت خمس نائبات فقط من أصل 95 من ولوج قبة البرلمان خارج “نظام الكوطا”، مؤكدة أن “بصيص الأمل لا يزال قائما؛ فالحكومة الحالية بها سبع وزيرات من أصل 28 وزيرا”، معتبرة هذا “مؤشرا إيجابيا على تعزيز تمثيلية النساء”.

وزادت أستاذة القانون العام مستدركة: “غير أن الوصول إلى الحكومة بقيادة نسائية يتطلب تخطي مجموعة من العوائق، من قبيل العقلية الذكورية، إلى جانب منح المرأة فرصة الوصول إلى مراكز القرار بالحزب السياسي، وأن تكون للأحزاب السياسية جرأة وضع نساء على رأس اللوائح الانتخابية وعلى رأس الأحزاب السياسية، وليس فقط ترشيحات تفرضها الكوطا”.

الفصل 47

الدكتورة نجاة العماري، أستاذة التعليم العالي بعين الشق بالدار البيضاء، أكدت لهسبريس أن تواجد النساء في مناصب القيادة بالمغرب عرف تطورا خلال السنوات الأخيرة، مسجلة تأنيث بعض المناصب المهمة داخل الدولة.

وأضافت أنه رغم التقدم الملحوظ في حضور النساء في المجال السياسي وتوفر مؤشرات تدل على تطور النظرة إلى كفاءتهن في القيادة والتدبير، إلا أن “الأفق القريب لا يبدو مبشرا بإمكانية تولي امرأة رئاسة الحكومة، ليس بسبب نقص في الكفاءة أو الخبرة، بل لأن الفاعلين الأساسيين في المشهد السياسي، والمسؤولين عن التنشئة السياسية، يفتقرون إلى الجرأة لدفع المرأة نحو هذا المنصب”، محملة الأحزاب مسؤولية عدم منحها المكانة التي تستحقها.

وأوضحت العماري قائلة: “إذا كانت الأحزاب لا تعبر عن ثقتها في قدرة النساء على التأثير السياسي، ولا تقبل بتوليهن منصب الأمين العام، فكيف يمكن تصور وصولهن إلى رئاسة الحكومة، وهو المنصب الذي يمنحه الفصل 47 من دستور 2011 للحزب السياسي الذي يتصدر انتخابات مجلس النواب؟”.

وختمت العماري تصريحها لجريدة هسبريس الإلكترونية بالقول إن تأخر وصول المرأة إلى منصب رئيس الحكومة له تبرير اجتماعي مرتبط بالعقليات السائدة، موردة أن “موقف الأحزاب السياسية يعكس تعثرا ديمقراطيا، ما يجعل قضية المرأة، إلى جانب قضايا أخرى، جزءا من معيقات التقدم”.

كُنا قد تحدثنا في خبر هل تستطيع المرأة الوصول إلى رئاسة الحكومة المغربية في المستقبل؟ - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.

جميلة الهادي
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق