محمد الموجي... موسيقار «كامل الأوصاف» (1 - 2) - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. سطعت موهبة الموسيقار المصري محمد الموجي في العصر الذهبي للموسيقى والغناء، وقطع رحلة فنية غزيرة الإبداع، وأثرى بألحانه مكتبة الموسيقى العربية، وعلى مدى نحو 45 عاما من العطاء المتواصل، قدّم حوالي 1800 أغنية، شدا بها كبار المطربين والمطربات في مصر والعالم العربي، منهم أم كلثوم، وعبدالحليم حافظ، ونجاة، وفايزة أحمد، ومحرم فؤاد، وطلال مداح، وضرب عملاق التلحين مثالاً للجرأة والتميز في نهر النغم الأصيل، حتى رحيله في مطلع يوليو عام 1995، عن عمر ناهز 72 عاما. بدأ الموجي رحلته الفنية في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، وتقدَّم للإذاعة المصرية بلحن «يا تبر سايل بين شطين» كلمات الشاعر سمير محجوب، وغناء المطرب الشاب آنذاك عبدالحليم حافظ، واعتُمِد كملحن من خلال لجنة مكوّنة من كبار الملحنين، منهم محمد القصبجي ومحمد عبدالوهاب ومدحت عاصم. وحققت الأغنية نجاحا كبيرا، واتجهت الأنظار إلى الملحن الموهوب، وفاجأ الجميع بلحن «صافيني مرة» بصوت عبدالحليم حافظ، وكلمات الشاعر سمير محجوب، ووقتها كان عبدالحليم قد بدأ مشواره مع صديقه الملحن كمال الطويل، لكن هذا اللحن أصبح من أشهر أغنيات العندليب الأسمر في تلك الفترة، واستمر تعاونه مع الموجي، وحققا نجاحا تلو الآخر مع عدد كبير من الشعراء، منهم حسين السيد ومرسي جميل عزيز ونزار قباني، ومجدي نجيب، وعبدالرحمن الأبنودي.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
وفي وقت ظهور الموجي، كان يتصدر الساحة عمالقة التلحين، ومنهم محمد عبدالوهاب، ورياض السنباطي، وزكريا أحمد، وفريد الأطرش، ومن الشباب كمال الطويل، ومنير مراد، ومحمود الشريف، واستطاع أن يجد له مكانًا وسط كل هؤلاء، ويحقق حضوره بميله اللافت نحو التحديث واستخدام أساليب متحررة غير تقليدية.
وانطلق الموجي من خلال قناعة راسخة بأهمية الموسيقى في تشكيل الوعي والوجدان، وارتكز على الأسلوب التعبيري أكثر من التطريب، وطرق أساليب متطورة في التلحين، ومزج بين الأساليب الشرقية والغربية، وحقق المعادلة الصعبة بين الإنتاج الغزير والدقة في تنفيذ الألحان، وتعد أعماله مكتبة موسيقية متكاملة، وبالغة الثراء بما تحويه من التنوع بين الألحان الوطنية والرومانسية والاستعراضية.
وساعده ظهور أصوات جديدة في بداية مسيرته، على اقتحام ميدان التلحين بأسلوبه، وبجانب عبدالحليم حافظ، تغنى بألحانه فايزة أحمد ونجاة الصغيرة وصباح وشادية ومحرم فؤاد وماهر العطار وغيرهم، وبلغ قمة النجومية بتلحينه لكوكب الشرق أم كلثوم.
الملحن الشاب يبلغ قمة النجومية بالتلحين لأم كلثوم
الحياة نغم
وضع الموجي الموسيقى التصويرية والألحان للكثير من الأعمال الفنية، منها مسرحية «الخديوي» تأليف فاروق جويدة وإخراج جلال الشرقاوي وبطولة محمود ياسين، ومسرحية «دنيا البيانولا» تأليف محمود دياب، وإخراج كرم مطاوع، وبطولة محرم فؤاد وعفاف راضي وجميل راتب، وفي الدراما التلفزيونية مسلسل «عمر بن عبدالعزيز» تأيف عبدالسلام أمين وإخراج أحمد توفيق، وبطولة نور الشريف وأشرف عبدالغفور وعبدالرحمن أبوزهرة وسيد زيان، ومسلسل «ألف ليلة وليلة» تأليف طاهر أبو فاشا وإخراج فهمي عبدالحميد، وبطولة شريهان وعمر الحريري وزوزو نبيل ومحمود الجندي.
كما قدم الموجي ألحانه وموسيقاه المميزة في الكثير من الأفلام السينمائية، منها «الآخر» للمخرج يوسف شاهين وبطولة نبيلة عبيد ومحمود حميدة، و»أين تخبئون الشمس» إخراج عبدالله المصباحي وبطولة نادية لطفي ونور الشريف، و»صغيرة على الحب» إخراج نيازي مصطفى وبطولة سعاد حسني ورشدي أباظة، و»الحياة نغم» إخراج عبدالرحمن شريف وبطولة مها صبري وصلاح قابيل، وفي فيلم «مولد يا دنيا» للمخرج حسين كمال، غنت المطربة عفاف راضي من ألحانه «يهديك يرضيك» و»يا قوي» كلمات الشاعر مرسي جميل عزيز.
وفي مجال الدراما الإذاعية، أبدع بألحانه في مسلسل «كفر نعمت» تأليف وإخراج سمير عبدالعظيم وبطولة فاتن حمامة وفريد شوقي ومحمود ياسين، ومسلسل «دنيا بنت دنيا» تأليف أحمد بهجت وإخراج محمد عثمان وبطولة فؤاد المهندس وشويكار وهاني شاكر، ومسلسل «العصافير» تأليف محمد مشعل وإخراج أحمد عبدالفضيل، وبطولة معالي زايد وأحمد بدير وأحمد مرعي.
محمد عبدالوهاب والقصبجي يعتمدانه ملحناً بأغنية «يا تبر سايل»
حلم الغناء
بدأ محمد الموجي حياته الفنية مطربًا، وقدم عددًا قليلًا من الأغنيات، منها الأغنية النادرة «زقزق العصفور» تأليف الشاعر عبدالوهاب محمد، ولا تزال الإذاعة المصرية تذيعها في المناسبات الوطنية، وتقول كلماتها «زقزق العصفور صحاني، قمت أنا وناسي وخلاني قمنا، شفنا بلدنا عروسة، عايقة بالحسن الرباني، الله يا صباحية مباركة، الله ع الصحيان والحركة، كل حركة في أرضنا بركة، بالنهار ترجع من تاني سندسية يا أرض بلادي، فيك جود النيل الهادي فيك من طيبة أجدادي، كل ما في روحي وكياني».
وفي لقاء تلفزيوني، كشف الموجي سبب تخليه عن حلم الغناء، وأنه في بداية مسيرته، كان يتمنى أن يصبح مطربًا، لكنه رسب في اختبارات الإذاعة لأنه كان يلحن لنفسه الأغاني التي غناها أمام لجنة الاختبار، فلم ينجح لأن معظم ألحانه كانت جديدة وغير معتادة فلم تستسيغها اللجان، ليتخلى عن حلم الغناء وينصب اهتمامه على التلحين.
وبمرور الوقت، ومع انشغاله بالتلحين، أحب نفسه كملحن أكثر منه كمطرب وكان يتمنى أن يأخذ أحد بيديه في بدايته، وهو ما جعله يقف إلى جانب المواهب الجديدة دائمًا.
وتبدّد حلم الموجي في الجمع بين التلحين والغناء أسوة بمثله الأعلى موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، رغم صوته الشجي وإحساسه المرهف، ووجد ضالته المنشودة في حنجرة العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، واكتفى بغناء بعض ألحانه بمصاحبة آلة العود، وهناك العديد من أعماله سجلها بصوته، منها «للصبر حدود» لأم كلثوم، و»أنا قلبي إليك ميّال» و»يا وحدتي يانا» للمطربة فايزة أحمد، و»جبت قلب منين» للمطربة ميادة الحناوي.
1800 أغنية تمزج بين التطور والأصالة في نهر النغم الشرقي
عائلة فنية
وُلِد محمد أمين محمد الموجي يوم 4 مارس 1923 في محافظة كفر الشيخ (أقصى شمال دلتا مصر)، ونشأ في عائلة تعشق الموسيقى والغناء، وكان والده موظفًا في مصلحة الأملاك الأميرية، ويجبد العزف على آلتي الكمان والعود، وعمه إبراهيم عاشقًا للغناء ويمتلك مكتبة موسيقية ضخمة لأساطين الطرب في النصف الأول من القرن الماضي.
وتفتحت حواس الصبي على أعذب الأنغام، وأتقن العزف على العود في سن الثامنة، واعتاد أن يجلس بالساعات بجوار أبيه أثناء عزفه على الآلات الموسيقية، ويذهب إلى منزل عمه، ويستمع من خلال أسطوانات الجرامافون إلى أغاني منيرة المهدية وسيد درويش وصالح عبدالحي وإبراهيم حمودة وغيرهم.
وحصل الموجي على دبلوم الزراعة ثم عمل في عدة وظائف، وظل يمارس هوايته في العزف والغناء، وحفظ الكثير من الأغاني التراثية ذات الطابع الريفي، بجانب أعمال كبار المطربين والمطربين، وفي تلك الفترة بدأت أولى محاولاته في التلحين، وقرر السفر إلى القاهرة، ليشق طريقه في عالم الأضواء والشهرة.
المطرب الصاعد يتفرغ للتلحين بعد رسوبه في اختبارات الإذاعة
«دوبني دوب» تشعل الخلاف بين «الموجي وحليم»
ارتبط الموسيقار محمد الموجي بصداقة وطيدة مع المطرب عبدالحليم حافظ، وامتد التعاون الفني بينهما إلى سنوات طويلة، تخللها نشوب بعض الخلافات العابرة، منها مكالمة تليفونية عاصفة بينهما، نشرت تفاصيلها جريدة «أخبار اليوم» في عددها الصادر يوم 20 يناير 1968.
بدأت الأزمة عندما لحن الموجي أغنية «دوبني دوب في غرامك» تأليف المخرج السينمائي كمال عطية، ليغنيها عبدالحليم بصوته، وفوجئ العندليب بأن المطربة نجاة الصغيرة تستعد لتسجيلها بصوتها، ورفع عبدالحليم سماعة التليفون لمعاتبة صديقه، فقال الموجي: «انتهيت من تلحين الأغنية منذ ثلاث سنوات وأعجبك اللحن ولكنك لم تسجله حتى الآن، رغم تسجيلك لأغانٍ أخرى جديدة من تلحين بليغ حمدي، ويبدو أنك نسيت محمد الموجي».
وتعلل عبدالحليم بأن الظروف وحدها هي السبب، وليس معنى تأجيل تسجيل الأغنية أن يقدمها لمطرب أو مطربة أخرى، لكن الموجي أجاب: «أنا لا أستطيع أن أُسجَن أكثر من ثلاثة أعوام».
واتضح أن هناك أغنية أخرى اسمها «المدينة» تأليف محمد حلاوة، انتهى الموجي من تلحينها، وكان مقرراً أن يغنيها العندليب، واضطر إلى تقديمها لمطرب آخر، وحاول عبدالحليم أن يؤكد للموجي أن صداقتهما أقوى من كل هذه الاعتبارات، وعاد الموجي يؤكد لعبدالحليم أنه لا يستطيع سجن ألحانه سنوات طويلة.
واشتعل الخلاف في وجهات النظر بين الصديقين، خاصة عندما قال عبدالحليم بحدة: «أنا عبدالحليم حافظ»، فردّ عليه الموجي بحدة أكثر: «وأنا محمد الموجي»، وانتهت المكالمة التليفونية فجأة من دون أن يعرف أحدهما على وجه التحديد من الذي بدأ بإنهاء المكالمة وأغلق الاتصال في وجه الآخر.
وتبددت تلك السحابة العابرة، وتصالح الصديقان مرة أخرى، وتجدّد تعاونهما الفني في أكثر من أغنية، حققت نجاحا فنيا كبيرا، منها «قارئة الفنجان»، و«رسالة من تحت الماء» أشعار نزار قباني، و«يا مالكا قلبي» قصيدة الأمير الشاعر عبدالله الفيصل.
كُنا قد تحدثنا في خبر محمد الموجي... موسيقار «كامل الأوصاف» (1 - 2) - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
0 تعليق