ليام دينينج يكتب: هل تفاقم سياسات التأمين والطاقة أزمة تكاليف المعيشة في أمريكا؟ - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. يدين الرئيس دونالد ترامب للشعور السائد بوجود أزمة تكاليف معيشة كمسبب وازن في عودته إلى سدة الرئاسة. لكن يكمن تهديد آخر لازدهار الولايات المتحدة تصعب معالجته، وقد يصح أن نسميه أزمة تكاليف الأزمات.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
إن التأمين هو وسيلة الرأسمالية لتوقي تبعات الأقدار. لكن هذا لا ينجح ما لم نحم أنفسنا من التأمين.
لقد سلطت حرائق الغابات في لوس أنجلوس الضوء على أن التنظيمات الرامية لمنع أقساط التأمين من دفع الناس إلى مغادرة أماكن سكناهم ربما تتحول فتدفعهم نحو مخاطر تُحدث تدميراً مالياً.
يمتد هذا الفرع من الرأسمالية الوهمية إلى ما هو أبعد من المنازل ليطال قطاعات اقتصادية أساسية، مثل الطاقة والنقل، فضلاً عن خطر أساسي، وهو تغير المناخ.
النتيجة هي مجموعة متنامية من الالتزامات الطارئة الغامضة والتسعير المتدني وهي عندما تحل كارثة جاهزة للانهيار مثل حفرة تصريف تقع تحت كل شيء من أسعار المساكن إلى إمدادات الطاقة.
مساكن بلا تأمين
لا يوجد موقع يظهر فيه الانفصال بين المخاطر والسعر بوضوح أجلى من التأمين على الممتلكات.
الواقع أن أصحاب المساكن في مختلف أنحاء البلاد لا يدفعون ما يكفي لمواجهة تهديد الكوارث الطبيعية الأكثر تكراراً وشدةً.
قدر ديف بيرت، المستثمر الذي رصد أزمة الرهن العقاري الثانوي، الأضرار المحتملة الخفية الناجمة عن حرائق الغابات والفيضانات التي قد تلحق بالسكن الأمريكي غير المؤمن عليه بما يتراوح بين 1.7 تريليون دولار و2.7 تريليون دولار.
على نحو مماثل، تقدر شركة الأبحاث “فيرست ستريت” أن وضع مخاطر المناخ في الحسبان من شأنه أن يجعل 70000 حي أمريكي يعاني انخفاض قيمة العقارات في مرحلة ما على مدى 30 عاماً مقبلة.
ومن شأن مطابقة هذه المخاطر المتزايدة أن يرفع متوسط أقساط التأمين بنسبة 29%، وقد تتطلب بعض المناطق أكثر من ذلك بكثير.
لطالما كانت كاليفورنيا مثالاً بيناً على المخاطر متدنية التسعير بفعل ما يسمى الاقتراح 103، الذي يحد بشدة قدرة شركات التأمين على رفع الأقساط.
كان يفترض أن تحمي هذه السياسات المستهلكين، لكنها دفعت كثيراً من شركات التأمين إلى النأي عن الولاية.
كنتيجة، تضاعف عدد أصحاب المنازل الذين يستخدمون جهة تأمين أعدتها الولاية كملاذ أخير، وهي خطة ”فير“ في كاليفورنيا، إلى أكثر من 450000 منذ 2020 برغم أنها حل مؤقت أعدته لمن لا يستطيعون الحصول على تأمين خاص.
هذه الحلول تقدم الحد الأدنى أساساً، وحتى في هذه الحالة، ليس لدى ”فير“ أصول أو إعادة تأمين يكفيان لتغطية ما يداني انكشافها على الخسائر الذي بلغ 458 مليار دولار.
حلول غير مجدية
حاول مفوض التأمين في الولاية ريكاردو لارا حديثاً إغراء شركات التأمين مجدداً بمزيد من الحرية لرفع أقساط التأمين.
لكن استجابته لكارثة لوس أنجلوس، التي أتت على شكل منع مؤقت مدته عام لشركات التأمين من التوقف عن العمل في المناطق المتأثرة بالحرائق، تدفعها في الاتجاه المعاكس.
لم يتضح ما إذا كان طلب طارئ من شركة ”ستيت فارم جنرال“، أكبر شركة تأمين منازل في الولاية، لرفع الأسعار بنسبة 22% سيحظى بموافقة.
هذه ليست مشكلة تقتصر على كاليفورنيا.
برغم أن فلوريدا ولويزيانا فيهما بعض أعلى أقساط التأمين في البلاد، إلا أن مساحات شاسعة من الولايتين ما تزال غير مؤمنة بما يكفي قياساً إلى خطر العواصف الاستوائية التي تتزايد أضرارها نتيجة لارتفاع مستوى سطح البحر.
لقد تضاعف عدد حملة وثائق التأمين على الممتلكات من شركة التأمين التي تديرها ولاية فلوريدا ثلاث مرات تقريباً بين 2018 و2024، وهي ذات تغطية ضئيلة كما هو حال “فير“، وتحتل المرتبة الأولى بين منافساتها في الولاية.
في الوقت نفسه، فإن أصحاب المنازل الذين يتحولون إلى مقدمي خدمات من القطاع الخاص ستُحدد زيادات أقساطهم بنسبة 20% بموجب قانون الولاية.
مشكلة واسعة النطاق
هذه ليست مشكلة أصحاب المنازل فقط. إذ يمتد الدمار الذي ضرب لوس أنجلوس إلى صندوق حرائق الغابات في كاليفورنيا، الذي أُقيم في 2019 كمجموعة إعادة تأمين للمرافق التي تُتهم بتسبيب الحرائق.
في حين اقترحت لجنة الولاية في الأصل 40 مليار دولار كسعة مناسبة، فقد تقرر في النهاية أن يكون حجم الصندوق نحو نصف هذا المبلغ فقط.
الواقع أن أحدث تقدير للخسائر الاقتصادية الناجمة عن حرائق لوس أنجلوس يبلغ نحو 164 مليار دولار، ورغم أن ما سيقع على عاتق الصندوق لا يداني هذا الرقم، فإن عاصفة الحرائق الحضرية هذه قد تفوق قدرته على أية حال.
كان هذا ما سبب انخفاض أسعار أسهم شركات المرافق العامة في كاليفورنيا، التي تعتمد تصنيفاتها الائتمانية على صحة هذا الصندوق.
في الجانب المقابل من البلاد، في ولاية بنسلفانيا، يثير نوع آخر من التأمين على المرافق العامة الجدل.
فقد ضغط الحاكم جوش شابيرو حديثاً على شركة ”بي جيه إم إنتركونيكت“ ، مشغل شبكة ولايته وعدة ولايات أخرى، للموافقة على خفض سقف الأسعار على ما يسمى بمزادات القدرة، وفيها تُدفع أموال للمحطات لمجرد أن تكون متاحة لتلبية الطلب في أوقات الذروة.
هذه المدفوعات، التي يتحملها المشتركون، تشجع منتجي الكهرباء على بناء مزيد من القدرة، أي تقديم تأمين ضد انقطاع التيار.
توسيع الطاقة على المحك
في خضم الزيادة المفاجئة في الطلب المتوقع على الطاقة، التي تتأتى جزئياً من مراكز البيانات الجديدة، قدم مزاد في الصيف سعراً مرتفعاً بشكل صادم، وتُتوقع قفزات أخرى.
أعلن شابيرو أن السقف الجديد من شأنه أن يوفر على المستهلكين حوالي 21 مليار دولار، برغم أن منطق خفض الحد الأقصى، فيما نحتاج أسعاراً أعلى لتحفيز إنشاء محطات طاقة، يبدو غير بديهي.
ما يزال دفع ثمن السعة الجديدة واجباً، ويجدر ذكر أن رئيس لجنة الطاقة في مجلس الشيوخ بالولاية يخطط لتشريع لتوفير قروض منخفضة الفائدة ومنح لبناء محطات طاقة جديدة، على غرار مخطط قائم في تكساس.
يخشى الساسة من جميع الأطياف ارتفاع الأسعار. في نيويورك، ألغت الهيئات التنظيمية خططاً لتعزيز متطلبات التأمين الذي يغطي سائقي سيارات الأجرة ومشاركة الركوب، وسبب اقتراحها هو أن الشركة المهيمنة ”أميركان ترانزيت إنشورانس“ أفلست بعد سنوات من سنّ سياسات بأسعار متدنية.
حذرت شركة ”أوبر تكنولوجيز“ من أن القاعدة الجديدة، التي حددت استخدام شركة تأمين “قادرة على سداد ديونها ومسؤولة”، تخاطر بتسعير يخرج آلاف السائقين من السوق.
إن الموضوع المشترك هنا هو إخفاء التكلفة الحقيقية للمخاطر التي تواجه الناس.
ولعل لا شيء يوضح هذه الضرورة السياسية، وخطأها الفطري، أفضل من قضية تغير المناخ وانبعاثات الغازات المسببة للاحترار التي تدفعها إلى الأمام.
تحاشي ضريبة الكربون
الواقع أن الأداة الاقتصادية الأكثر كفاءة لمعالجة مثل هذه الآثار الخارجية، وهي ضريبة الكربون، تعامل سياسياً على أنها بلا منفعة باستثناء بعض الجهود الإقليمية.
هل يؤدي تجاهل هذه التكلفة أو قمعها إلى جعل تكلفة الطاقة في متناول اليد؟
ربما يصح ذلك بصورة سطحية قصيرة الأجل، وذلك بنفس الطريقة التي تظل بها أقساط التأمين “التنافسية” على المنازل وشبكات الطاقة وسائقي سيارات الأجرة لطيفة وبأسعار معقولة إلى أن ينشب حريق أو ينقطع التيار الكهربائي أو يقع حادث يتطلب أن يعو عنه التأمين.
يصعب بطبيعة الحال تعديل العقد الاقتصادي الأساسي الداعم للبنية الأساسية والسلوكيات التي بُنيت على مدى عقود.
إن أي أسرة بسيطة بقيت لأجيال في حي تحول إلى ما يشبه صندوق بارود أو سهل فيضانات تحتاج مساعدة المجتمع في هذا التحول.
إن بدا هذا مكلفاً جداً أو اعتبرت أنه ليس مشكلتك، فأنت تفوت تحويل كل ما يحدث إلى شأن مجتمعي.
إن فرض حد أقصى على أقساط التأمين يرغم شركات التأمين على الخروج، كما يردع شركات إعادة التأمين التي تسندها، ويدفع مزيداً من أصحاب المساكن إلى أنظمة مدعومة من الدولة أو أنظمة حدود دنيا.
مخاطر محتملة
إذا فشل نظام ”فير“، على سبيل المثال، فإن الالتزامات غير المسددة ستنتقل إلى شركات التأمين الخاصة في كاليفورنيا، وبالتالي إلى الغالبية العظمى من حاملي الوثائق، سواء كانوا يعيشون قرب منطقة حرائق أو على بعد 100 كيلومتر عنها (كما سيعطي هذا شركات التأمين الخاصة مزيداً من الأسباب لرفع الأسعار أو الانسحاب).
إن التأمين ضد الفيضانات يعتمد علنياً على الدعم الاتحادي. وينطبق هذا على القروض المدعومة من دافعي الضرائب لمنشآت الغاز، التي يبدو أن ولاية بنسلفانيا تفكر بها.
وكذلك تكلفة دعم البنية الأساسية العامة الحيوية مثل السكك الحديدية أو المصدات البحرية، وهي الجهود التي تُجمع تحت مصطلح مختار بحيث يبدو بلا ضرر هو ”التكيف”.
والأمر المثير هنا هو أنه إذا اعتُبِرت تكلفة محاولة منع تغير المناخ عالية التكلفة، فإن تكلفة إعادة بناء المدن للتعايش معها لا تبدو أرخص.
لكن المؤسف أن الحوافز تفضل إخفاء حقيقة هذه المخاطر بدلاً من مواجهتها قبل فوات الأوان.
عموماً يحب الناس، أو يضطرون في بعض الأحيان، إلى العيش على شواطئ معرضة للفيضانات وفي غابات معرضة للحرائق.
كما أننا نرفض أسعار الطاقة المحلية التي تحسدنا عليها اقتصادات متقدمة أخرى، وخاصة في أوروبا.
إن دعم أسعار المساكن، التي تستند إليها مجموعة كبيرة من الدعائم الاقتصادية تتراوح من الثروة الشخصية إلى الضرائب المحلية إلى الاستقرار المصرفي، هو مشروع وطني يسبق مبادئ السوق الحرة التي ننادي بها عندما تفضي هذه المبادئ إلى نتائج سلبية.
كما قالت سوزان كروفورد، وهي زميلة بارزة في برنامج الاستدامة والمناخ والجغرافيا السياسية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: “كل جزء من نظامنا المالي والقانوني في هذه المرحلة مكرس، ومكرس بشكل فريد، للحفاظ على الوضع الراهن”.
وبهذا، فإنه يضمن أن التغيير عندما يصبح حتمياً سيكون شديد القسوة.
بقلم: ليام دينينج، كاتب مقالات رأي لدى “بلومبرج”
المصدر: وكالة أنباء “بلومبرج”
كُنا قد تحدثنا في خبر ليام دينينج يكتب: هل تفاقم سياسات التأمين والطاقة أزمة تكاليف المعيشة في أمريكا؟ - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
0 تعليق