مصر عشية رمضان... فنُّ صناعة البهجة - غاية التعليمية

0 تعليق ارسل طباعة

مصر عشية رمضان... فنُّ صناعة البهجة - غاية التعليمية

غاية التعليمية يكتُب.. قبل عام، خرجت المصرية علا إبراهيم، من مسقطها بمدينة دمنهور (دلتا مصر)، للعمل في القاهرة والإقامة فيها، وبعد أسابيع من شعورها بالوحدة والاغتراب عن أسرتها، جاءت مظاهر استقبال شهر رمضان، لتبدّد كلَّ مشاعر سلبية تنتابها؛ إذ كانت المرة الأولى التي تشهد فيها أجواء الاستعداد لشهر الصوم في العاصمة عن قرب.

اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.

وقالت العشرينية التي تعمل في أحد البنوك الخاصة، لـ«الشرق الأوسط»: «لحُسن الحظّ أنني أقطن بالقرب من ميدان السيدة زينب، الذي يبدأ الاستعداد لشهر رمضان قبل أسابيع من حلوله، فشعرتُ بالبهجة مع مشاهدة الشوادر العملاقة لبيع الفوانيس، وانتشار باعة الياميش والتمور، إلى جانب تعليق الزينات والإضاءات الملوّنة»، واستطردت بسعادة: «أما ما أراه ممتعاً عن حق، فهو أغنيات رمضان الشهيرة التي تُذاع عبر مكبرات الصوت لدى الباعة والمحال التجارية في الشوارع احتفالاً بالشهر».

مصريون في ميدان السيدة زينب بالقاهرة لشراء زينة رمضان (تصوير: محمد عجم)

بصوت صاخب، يستمع زائر العاصمة المصرية هذه الأيام، التي تسبق الشهر الكريم، للأغنيات الرمضانية الشهيرة: «رمضان جانا»، و«أهو جه يا ولاد»، و«مرحب شهر الصوم مرحب»، تتردّد من حوله أينما حلّ، أو يستمع إلى المبتهل سيد النقشبندي، وهو يصدح في عذوبة «رمضان أهلاً... مرحباً رمضان»، التي تعلن جميعها أننا على بُعد أمتار قليلة من وصول الضيف العزيز.

أما على مستوى الصورة فتشهد الشوارع والميادين تغيّراً ساحراً، إذ تتحوّل إلى لوحات فولكلورية حيّة، تعكس روحانية الشهر وفرحة اقترابه بين الصغير والكبير.

وتحمل الأمتار الأخيرة قبل حلول رمضان، استعدادات وأجواء خاصة مليئة بالصخب والبهجة؛ إذ يحافظ المصريون على تقاليد ومظاهر فولكلورية تزيد من بهجة استقبال الشهر، في تجسيد للأغنية الشهيرة «رمضان في مصر حاجة تانية»، للفنان الإماراتي حسين الجسمي.

«زينة رمضان» في أحد شوارع القاهرة (الشرق الأوسط)

تبدأ هذه الأمتار، مع بدء عرض «فانوس رمضان»، إذ تعدُّ خيام وشوادر بيعها بمثابة إعلان رسمي عن بدء العدّ التنازلي لحلول الشهر، فتنتشر في الشوارع، إلى جانب أسواقها المتخصّصة في ميدان السيدة زينب، وميدان باب الشعرية، ومنطقة تحت الربع، التي تستقبل آلاف الزوار بشكل يومي في هذه الأيام.

تتابع علا إبراهيم: «المظاهر الفولكلورية تحضُر في مدينتي، لكنها لا تقارَن بالعاصمة التي تُغيّر من جلدها استعداداً للشهر الفضيل». وتضيف: «هذا العام التحقت شقيقتي بجامعة القاهرة، لذا أخطّط لاصطحابها في زيارة لميدان السيدة زينب، لترى عن قرب بهجة رمضان، وأيضاً لنشتري فانوساً».

وشهدت أسعار فوانيس رمضان هذا العام ارتفاعاً مقارنة بالعام الماضي بنحو 25 في المائة، وسط تراجع حجم الإنتاج نتيجة زيادة تكلفة استيراد بعض المواد المستخدمة في صناعتها، وفق بيان لشعبة الهدايا باتحاد الغرف التجارية المصرية؛ وإنما ذلك لم يثنِ المصريين عن الشراء، فشراء الفانوس يبقى طقساً وعادة رمضانية متوارثة.

من مظاهر الفولكلور الرمضاني أيضاً، تزيُّن الشوارع والمنازل المصرية بزينة رمضان والأضواء الملوّنة التي تُعلَّق بين البنايات وعلى واجهاتها، إذ يتشارك في إعدادها الأطفال والكبار تعبيراً عن فرحتهم بالشهر الكريم، مما يخلُق أجواء احتفالية مُبهجة.

الحواري الشعبية تزيَّنت لاستقبال رمضان في مصر (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وبينما يفضّل كثير من المصريين إعداد زينة رمضان بأنفسهم، تنتشر الزينات الجاهزة بين المكتبات والمحال التجارية في الوقت الحالي، ومعها تنتشر الإكسسوارات الديكورية الخاصة بالشهر، إلى جانب أقمشة الخيامية، التي تُعدّ أحد المظاهر المرتبطة بالشهر.

كما بدأ الإعداد لـ«موائد الرحمن»، وهي رمزٌ للعطاء خلال الشهر، وذلك باختيار أماكنها وتجهيز مكوّنات الوجبات التي ستُقدَّم خلالها. ومع اقتراب شهر رمضان أيضاً، يبدأ بناء أفران الكنافة البلدية «اليدوية»، الرائجة خصوصاً في المناطق الشعبية، والتي يتمسّك بها البعض رغم التطوّر في صناعة الكنافة آلياً.

في هذا السياق، قال العميد السابق للمعهد العالي للفنون الشعبية، خبير «اليونيسكو» في التراث الثقافي اللامادي، الدكتور مصطفى جاد، لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «الشعب المصري مبدع دائماً في صناعة الفرحة والبهجة تحت أي ظروف؛ اقتصادية واجتماعية وسياسية، فمع التجوّل حالياً قبل حلول شهر رمضان، نجد مظاهر استعداد له لا نراها في مكان آخر، فالجميع يتسابق لتعليق الزينة والفوانيس، كما نجد مَن يتجول مُمسكاً بالطبول والمزمار والدفّ، مُردّداً المديح النبوي احتفالاً باستقبال الشهر، ليُقرر دون رسميات أو تكليفات المشاركة في صنع البهجة، والحفاظ على التراث الشعبي المتوارث منذ مئات السنوات».

ويرى جاد أنّ مظاهر الفولكلور الرمضاني تعزّز من الهوية لدى المصريين والروابط الاجتماعية بينهم، إذ تتمّ بشكل جماعي، فالجيران يلتقون لتعليق الزينة، ويجمعون الأموال بمحبة لشراء الفانوس، وخلال الشهر أيضاً، هناك «لمّة» الإفطار، كما أنّ «موائد الرحمن» تقوم على فكرة «اللمّة»، وجميعها مظاهر تؤدّي إلى خلق حالة صحية في المجتمع.

ويستطرد: «نجد أيضاً إبداعاً آخر في عبارات مرتبطة بالبهجة الجماعية، فثمة مقولة قديمة تقول (رمضان ثلاث عشرات؛ عشرة مرقات، وعشرة خرقات، وعشرة حلقات)، وتعني أنّ الأيام الـ10 الأولى من الشهر تكون للطعام والولائم الجماعية، والـ10 الثانية لشراء ملابس عيد الفطر، والثالثة للاجتماعات العائلية وتحضير كعك العيد، وهي مقولة تعكس أنّ المصريين عباقرة في اختراع البهجة واستحضارها».

ويشير خبير التراث الثقافي إلى أنه من خلال هذه المشاركة والمحاكاة توارث المصريون الفولكلور الرمضاني من جيل إلى جيل بشكل تلقائي، وهذا التوارث والمحافظة عليه هو جزء من مفهوم الفولكلور، مضيفاً: «الأمر الرائع أنّ الشعب المصري لا يزال يتمسّك بهذا التراث المتوارث بشدة، ولديه إحساس أنه حائط الصدّ المنيع للحفاظ على الهوية».

كُنا قد تحدثنا في خبر مصر عشية رمضان... فنُّ صناعة البهجة - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.

جميلة الهادي
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق