تمديد!! – صحيفة التغيير السودانية، أخبار السودان
أطياف
صباح محمد الحسن
تمديد!!
طيف أول:
الإنتظار وحده الذي يمارس الاستمرار، ويجعل الملل ينظر من ثقب الباب للحروب التي أعيت الحواس، وحدها الحقيقة من تُفقد الشكوك المتسلقة إيمانها بالبقاء، دون أن تفلت أصابعها المتشبثة بحبال الأمل أن يوم غدٍ ستقالد فيه الشمس السلام
وكنا في هذه الزاوية تحدثنا عن أن التمديد لبعثة تقصي الحقائق في السودان هو أمر وارد ومتوقع، وذكرنا أن إنشاء البعثة صوتت عليه 16 دولة، لكننا توقعنا أن تصوت هذه المرة على قرار التمديد أربع أو خمس دول إضافية ليكون المجموع 21 على الأقل
ولم تخب التوقعات، وتم تمديد ولاية بعثة تقصي الحقائق في السودان لعام آخر، وجاءت النتيجة بتصويت 23 دولة لصالح التمديد و12 ضد التمديد
وفاجأت عدد من الدول الحكومة السودانية أمس بعد أن غيرت مواقفها الأولى الرافضة لتشكيل البعثة من الأساس ورفضت التصويت لقرار تكوينها وإرسالها في السابق، لكن بالأمس اصطفت مع الدول الموافقة وساهمت في ترجيح كفة التمديد، ومن الدول التي صفعت الحكومة بتأيدها للقرار جنوب أفريقيا وغانا كدولتين أفريقيتين كانتا ضد قرار الإنشاء بالإضافة إلى البرازيل
واعترض سفير السودان الدائم بالأمم المتحدة حسن حامد وأعلن عن رفض الحكومة على القرار، مؤكدا إلتزام الحكومة بتحقيق العدالة والمحاسبة!! “عليك الله”
وبرر رفضه بأن هناك آليات أخرى تعمل على معالجة الأمر في السودان مثل مكتب الامم المتحدة في السودان والمبعوث الأممي في السودان، وأن البلاد ليست بحاجة لآلية دولية، ومن الواجب دعم الآلية الوطنية للتحقيق في الجرائم
ويفوت على السفير أن مجلس حقوق الإنسان يعلم ما تقوم به اللجنة الوطنية للتحقيق والتي تركت كل الجرائم التي ارتكبتها الدعم السريع وكتائب البراء ووجهت إتهاماتها للدكتور عبد الله حمدوك وعدد من القيادات السياسية والصحفية، ولاحقتهم بتهم عقوبتها الإعدام، فكيف للعالم أن يثق في اللجان الوطنية التي تنتقم للاسلاميين من قوى المدنية والثورة وكيف للأمم المتحدة أن تدعم لجنة وطنية كسيحة تمارس التشفي السياسي على خصومها تحت ذريعة التعاون مع الدعم السريع بدلا من أن تقف على كل الجرائم المرتكبة في الميدان
وقرار تمديد البعثة يكشف إصرار الأمم المتحدة لمعرفة الحقائق على الأرض، والتي راح ضحيتها الآف المواطنين الٱبرياء، فالحكومة تريد إدانة طرف واحد وإعفاء الكتائب الاسلامية التي تقصف المئات في عدد من المدن، وهذا طلب قد تستجيب له اللجنة الوطنية الكيزانية، ولكن ما يهم اللجنة الدولية تريد محاصرة ومحاسبة الذي يرتكب الجرائم ويقتل الشعب غض الطرف عن من هو
وتمديد البعثة يعني إعادة الثقة فيها وفي تقاريرها المقدمة التي حوت أفظع الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، ولم تغفل أيضا عن جرائم قصف الطيران الذي قتل اكثر من 300 مدني في غارتين فقط، حدث ذلك أثناء نظر مجلس حقوق الإنسان في قرار تمديدها في تحدٍ واضح، لذلك كان لابد أن تكون النتائج مثل هذه القرارات
وفي ذات الوقت الفرق الذي أحدثه تصويت الدول أمس كشف حجم التحول الذي حدث في دائرة الإدراك لهذه الدول التي وصلت إلى حقيقة ما يدور في الميدان، من جرائم متعددة ترتكبها عدة أطراف تستحق العقاب، هذه النتيجة قد يكون لها الأثر الكبير على قرارت قادمة، فمن خلال تصويت الأمس يجب أن تدرك حكومة السودان قيمة نفسها خارجيا واين موقعها في خريطة الاحترام عند العالم
فالعدد 25 مقابل 11 دولة يعد قفزة واضحة في قناعات الدول، سيما تلك التي انضمت مجددا دفعتها قناعة أن الحرب في السودان دخلت مرحلة حرجة، يصعب لملمة نيرانها التي تمددت في كل بقاع السودان، وأن الأمر لن يحسم بمزيد من القتل والدمار، الأمر ينتهي بالوصول إلى قمة التعقل، أنه لابد من حوار، لأن التشبث بأحلام الحسم وقربه هو تمسك بخيار الاستمرار لهذه الكارثة
فكل من تراوده فكرة بأن الأمر على وشك النهاية حسما بالبندقية، عليه أن يحدث أهل بيته ان العودة إلى ديارهم تحتاج ثلاث أو أربع سنوات قادمة، وكل من يريد أن يتوقف هذا العبث عليه أن يكون رسول سلام، فالتفاوض والحوار، وبلا شك هو الحل الذي لا خيار دونه لوقف الحرب لطالما أن الوضع الإنساني أصبح لا يحتمل.
طيف أخير:
#لا_للحرب
حمدوك لـ”النهار” اللبنانية: أطراف في الداخل مرتبطة بالنظام السابق تقف حجر عثرة أمام أي محاولة للحلّ السلمي وإنهاء الصراع
والحجار ستضرب بعضها إلى أن تتلاشى كليا لننعم بوطن حر ديمقراطي.
الجريدة
تعليقات