فيروسات تنفسية تختبئ في الخلايا المناعية في الرئتين
فيروسات تنفسية تختبئ في الخلايا المناعية للرئتين
أظهرت دراسة قام بها باحثون من كلية الطب في جامعة واشنطن أن الفيروسات التنفسية مثل الفيروس المخلوي التنفسي، قد تبقى في الخلايا المناعية داخل الرئتين لفترة طويلة بعد انتهاء الأعراض الأولية للعدوى.
بقايا الفيروسات تخلق بيئة التهابية
تكمن أهمية هذا الاكتشاف في أنه يشير إلى أن الفيروسات المستمرة في الخلايا المناعية يمكن أن تخلق بيئة التهابية مزمنة، تعزز تطور أمراض الرئة مثل الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن، الذي يتسم بانسداد الشعب الهوائية، مع قلة تدفق الهواء، وضعف في وظائف الرئة بشكل لا يمكن عكسه.
أشارت النتائج التي نشرت في مجلة «Nature Microbiology» في 2 أكتوبر 2024، إلى وجود نهج جديد محتمل للوقاية من الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن، بالإضافة إلى أمراض الرئة المزمنة الأخرى، من خلال القضاء على الفيروسات التنفسية المستمرة التي تساهم في تفاقم هذه الحالات.
رصد البقايا قبل إخراج الأطفال من المستشفى
قالت كارولينا لوبيز، المؤلفة الرئيسية والأستاذة في علم الأحياء الدقيقة الجزيئية في كلية الطب بجامعة واشنطن: «في الوقت الحالي، يتم إرسال الأطفال الذين أدخلوا للمستشفى بسبب عدوى الجهاز التنفسي بـالفيروس المخلوي التنفسي إلى منازلهم بعد اختفاء الأعراض. لتقليل خطر إصابتهم بالربو، قد نتمكن في المستقبل من التحقق إذا كان الفيروس قد اختفى تماماً من الرئة والقضاء على الفيروسات المتبقية قبل إرسالهم إلى المنزل».
في الولايات المتحدة، يعيش حوالي 27 مليون شخص مع حالات الربو، وتتأثر احتمالية إصابة الشخص بمرض الجهاز التنفسي المزمن بالعديد من العوامل، منها العيش في مناطق ذات هواء ملوث، التعرض لدخان السجائر، والعدوى الفيروسية الرئوية أو التهاب الشعب الهوائية في الصغر.
الفيروسات المختبئة تسبب الربو لاحقاً
يشتبه بعض الباحثين في أن الصلة بين عدوى الرئة الخطرة وتشخيص الربو اللاحق تعود للفيروس المتبقي في الرئتين الذي يسبب تلفًا مستمرًا. لكن لم يتم إثبات وجود علاقة مباشرة بين الوجود المستمر للفيروس وأمراض الرئة المزمنة من قبل.
قامت لوبيز ومعها إيتالو أراوغو كاسترو، الباحث ما بعد الدكتوراه في مختبرها، بتطوير نظام يتضمن فيروس فأر طبيعي، يعرف باسم فيروس سينداي، الذي يرتبط بفيروس نظير الإنفلونزا البشري، وهو فيروس تنفسي شائع يرتبط بالربو لدى الأطفال.
يتصرف فيروس سينداي في الفئران بنفس الطريقة التي يتصرف بها فيروس نظير الإنفلونزا البشري في البشر، مما يجعله نموذجاً ممتازاً للعدوى التي يمكن أن تؤدي إلى أمراض الرئة المزمنة.
الأهمية الطبية للاكتشاف
لطالما عرف الأطباء أن الأطفال الذين يصابون بعدوى شديدة بفيروسات الجهاز التنفسي يزداد لديهم الخطر للإصابة بالربو لاحقًا. ومع ذلك، لم يكن سبب هذا الرابط واضحاً، الدراسة تقدم الآن حلاً لهذا اللغز من خلال إظهار أن الفيروسات المستمرة في الخلايا المناعية تساهم في إحداث التهاب مزمن، يمكن أن يتطور إلى أمراض رئة مزمنة.
الاختباء داخل الخلايا المناعية
تستمر الفيروسات التنفسية في الاختباء داخل الخلايا المناعية، وليس في الخلايا الظهارية، الخلايا المناعية المصابة تصبح أكثر التهابية، مما يؤدي إلى التهاب مزمن في الرئتين.
مع مرور الوقت، يؤدي هذا الالتهاب إلى تغييرات في أنسجة الرئة، مثل التهاب الأوعية الدموية والحويصلات الهوائية، وظهور أنسجة مناعية زائدة، مما يتسبب في تلف طويل الأمد حتى وإن بدا ظاهرياً أن الشخص قد تعافى.
تطبيقات علاجية ووقائية
تشير الدراسة إلى أنه إذا تمكن الأطباء من استهداف الخلايا المناعية المصابة والقضاء عليها، فقد يكون من الممكن منع أو تقليل تطور أمراض الرئة المزمنة مثل الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن.
تفتح النتائج الباب لنهج جديد في الوقاية من الربو لدى الأطفال المعرضين للخطر بعد عدوى فيروسية تنفسية شديدة. قد تشمل الاستراتيجيات المستقبلية فحص المرضى بعد زوال الأعراض للتأكد من القضاء على الفيروس تمامًا قبل خروجهم من المستشفى.
قد يغير الاكتشاف المتعلق باستمرار الفيروسات في الخلايا المناعية وتسببها في التهاب مزمن طريقة التعامل مع المرضى الذين يعانون من عدوى تنفسية شديدة، مما يعزز الجهود لتقليل المخاطر طويلة الأمد المرتبطة بأمراض الرئة.
أضافت لوبيز: «قد يصاب كل طفل تقريباً بهذه الفيروسات قبل سن الثالثة، ربما يصاب 5% منهم بمرض خطر بما يكفي ليتعرضوا لعدوى مستمرة. نحن لسنا في وضع يتيح لنا منع حدوث العدوى، إذا فهمنا كيف تستمر هذه الفيروسات وتأثير استمرارها على الرئتين، قد نتمكن من تقليل حدوث مشكلات خطيرة طويلة الأمد».
تعليقات