الطريق الأوحد لإجهاض المؤامرة ضد مصر - غاية التعليمية

0 تعليق ارسل طباعة

الطريق الأوحد لإجهاض المؤامرة ضد مصر - غاية التعليمية

غاية التعليمية يكتُب.. هناك خطاب رئاسى مصرى بعينه أريد أن أشير إليه وأُذكر الجميع بما ورد فيه. كان فى الأيام الأولى للعدوان الصهيونى على قطاع غزة، وحين كانت موجة الضغط الموجهة إلى مصر فى ذروتها، وقتها تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى بعبارات أذكرها جيدًا، وأعتقد أن مضمونها لم يختلف عن هذه العبارات.. «إحنا استقبلنا ملايين من ضيوف مصر، وكان ممكن نستقبل أشقاءنا من القطاع، لكن الضيوف اللى استقبلناهم ليهم دول ممكن يرجعوا ليها بعد استقرار الأوضاع هناك. لكن الوضع هنا مختلف.. وأهلنا فى القطاع لو خرجوا من أرضهم مش هيرجعولها تانى.. علشان كدا أنا بطالبهم بالصمود والتمسك، وإحنا لازم ندعم صمودهم. وهنستقبل كل المعونات من كل الدول اللى عندها استعداد للمساهمة فى مطار العريش..». وقت أن قال الرجل هذا الكلام سخر منه كثيرون، وشاهدنا آلاف المنصات الإعلامية الموجهة وقد خصصت لجانها لاستهداف هذا الطرح تحديدًا. آلاف الرسومات الساخرة، وتطاول غير مسبوق على مصر وقيادتها وقواتها المسلحة. لم يفهم مصريون كثر وقتها المشهد على حقيقته. كان الرئيس يتحدث بناء على معلومات حقيقية وإدراك حقيقى لما حدث وما هو المستهدف. كان يدرك أن الطريق الوحيد هو مساندة أهل القطاع بدعم صمودهم وثباتهم بالإبقاء على إمدادهم بشريان حياة. ثم كان مشهد آلاف الحافلات جزءًا أصيلًا من المعركة السياسية المفصلية. كان هناك طرف فلسطينى- حماس- هو من بدأ العمليات العسكرية، وكان هذا الطرف وحده هو من يمكنه وقفها إن أراد فى أى مرحلة، لكنه لم يكن يرغب فى ذلك قبل تحقيق هدفه الحقيقى الذى لا صلة له بأهل القطاع. وكان أمام مصر طريقان لا ثالث لهما، الأول وهو ما سلكتْه بالفعل وهو طريق المواجهة وإجهاض المخطط، أما الثانى فهو أن تستجيب للمخطط وأن تستقبل أهل القطاع النازحين بمجرد بدء العدوان الصهيونى حتى لو كانت أرضها محطة ترانزيت لبعضهم لدول أخرى. 

اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.

رسالة أصحاب المأساة

فى الأيام القليلة الماضية حاولت أن أقرأ المشهد الحالى- بعد الهدنة- بلسان أصحاب المأساة أو أهل القطاع من غير المنتمين لزمرة حماس.

تابعت ما كتبه بعضهم وعبّر عن كتل كبيرة من أهل القطاع. ومما تكرر كانت هذه الفكرة.. «على الذين يريدون إسقاط مخطط التهجير أن يكفوا عن المراهنات فى الاتجاه الخطأ، وأن يخرجوا من مكاتبهم وفنادقهم إلى المربعات السكنية التى تحولت إلى حطام.. ويعملوا على توفير إمكانات الدعم والصمود الحقيقى.. ويوفروا للغزاويين بيوتًا وملبسًا وماء وطعامًا.. فهم ليسوا كائنات فضائية أسطورية لكنهم بشرٌ يجوعون ويتألمون.. ويريدون حياة لأطفالهم».

عباراتٌ كثيرة ملخصها «أن الصمود المنطقى الواقعى البشرى هو أن يكون هناك مَن يساندهم واقعيًا على الأرض بمنحهم بيوتًا وأمنًا وطعامًا وأملًا..». 

أليس هذا هو نص ومضمون ما قاله الرئيس السيسى منذ بدء العدوان؟! أليس هذا هو ما فرضته مصر بقوة قرارها منذ البداية؟ 

قيادة مصر تعى طبيعة المعركة جيدًا وتفهم ما هو المعنى الحقيقى لصمود شعبٍ يتعرض لهذه الموجة الشرسة من محاولة الإبادة والإبعاد. الصمود لا يعنى قبول الذبح مقابل جنى مكاسب لجماعة أيديولوجية، لكن يعنى تقديم الدعم الحقيقى الذى يمكّن هذا الشعب من التشبث بأرضه. فى ظل ما شهدناه عبر الأشهر الماضية من هو الذى دعم صمود أهل القطاع؟ الذى طالبهم بالصمود مقدمًا لهم كل هذا الدعم أم الذين تركوهم للقتل وباعوا لهم المساعدات المجانية؟! مصر التى فتحت مطار العريش لاستقبال الدعم أم حماس التى وفرت كل شىء لرهائنها ومقاتليها، وضنت حتى بشربة ماء لطفل فلسطينى؟!

إذن نحن الآن أمام مشهد إنسانى فى المقام الأول. الذين عادوا سيرًا على الأقدام للشمال أو أهل الجنوب ليس لديهم إلا خياران، الصمود بمعناه الحقيقى لا على طريقة حماس، أو انتظار الضغط الأمريكى على دول الجوار للفرار بحثًا عن حياة. لا يمكننا أن نطالبهم بالانتحار. فمطالبتهم بالصمود دون مساندة واقعية على الأرض أو بترك مصيرهم فى أيدى عصابة حماس يعنى أن نطالبهم بالانتحار. ودون هذه المساندة فلا يمكن أن ندينهم إن طالبوا بالخروج. وهذه المساندة هى ما تقوم به الدولة المصرية الآن. وهو ما رآه السيسى منذ أربعة عشر شهرًا. علينا أن نقدم لأهل القطاع كل ما نستطيع تقديمه من مساندة إنسانية. لا ينبغى أن نتركهم فى العراء لا يجدون ما يقتاتون عليه أو يطعمون به أطفالهم، أو نتركهم فى قبضة هذه الجماعة، وهذا ما تفعله مصر.

تماسك الجبهة الداخلية

أهم أسلحة مصر فى مواجهة المخطط هو الداخل المصرى أو ما يسمى فى أدبيات السياسة تماسك الجبهة الداخلية وقت الحرب. هى حربٌ ولا شك، وليس الآن ولا من أربعة عشر شهرًا، بل من أربعة عشر عامًا. 

تدرك القيادة المصرية ذلك، كما أدركته عام ٢٠١٣م حين طالبت المصريين بأن يرى العالم موقفهم مما يُراد ببلادهم. وهذه القيادة الوطنية تدرك أيضًا طبيعة وشخصية شعبها، وأن رهانها على هذا الشعب وهذه الجبهة الداخلية هو ليس رهانًا بل يقينٌ كامل لا يقبل أى شك. فالمصريون شعب يقدس أرضه وكرامته الوطنية، وحين تكون تلك الأرض أو تلك الكرامة موضع اختبارٍ من قوى خارجية، فردهم سيكون من القوة ما سيفاجئ الجميع إلا القيادة المصرية ذاتها. 

نحن الآن فى مرحلة تنحية أى مهاترات جانبًا والتوحد خلف قيادة مصر سواء كمواطنين أو مؤسسات. حتى تلك المؤسسات التى لم يكن موقفها بما يتوقعه عموم المصريين، فلا مجال الآن لمحاسبتها شعبيًا، ولنؤجل الحساب الشعبى لمرحلة ما بعد حسم المعركة وهى يقينًا محسومة لصالح الحق والشرف المصرى. وقتها سيفتح الشعب المصرى أرشيفه الوثائقى وسيضع الجميع فيما يستحقه من موضع. 

إن أى قوة دولية مهما بلغت غطرستها فهى لا تستطيع مواجهة شعبٍ حسم قراره بالدفاع عن وطنه. هذه حقيقة يتجاهلها فقط الساقطون الذين يحلمون بأن تسقط مصر وشعب مصر كما سقطوا. الأمم هى من تتخذ قرارها سواء بالتفريط فى دولها أو العض عليها بالنواجذ. كل الدول التى سقطت كان لشعبها القرار الأهم فى ذلك السقوط، سواء بالخيانات المباشرة الصريحة، أو الضمنية بالتخلى والهروب. وبكل جدية ويقين أقول إننا نحن المصريين نختلف جذريًا عن الآخرين. 

إن المكتب البيضاوى ليس غار حراء يتلقى الجالس عليه وحيًا مقدسًا من السماء على الجميع أن يخر راكعًا أمامه، إنما هو مكتب رئاسى يجلس عليه رئيس دولة. حتى لو كانت دولة عظمى، فهى ليست القوة العظمى الوحيدة فى العالم. هناك قوى دولية أخرى تناطحها اقتصاديًا وعسكريًا وسياسيًا. 

والآن هناك قوى دولية لا ترى ما يراه الجالس فى هذا المكتب مثل الاتحاد الأوروبى. دول أوروبا لديها فرصة تاريخية لتكفر عن خطاياها فى هذه القضية حتى لو أتى هذا التكفير رغمًا عن ساستها وتحت ضغط شعوبها التى انتفضت ضد جرائم الكيان الصهيونى. ومصر تدرك ذلك وتنسق بالفعل مع هذه القوى الدولية. 

وهناك قوة عظمى يجهلها الجميع وهى قوة كل أمة منفردة لو اتخذت قرارًا جمعيًا بالمواجهة وبالتمسك بشرفها. المرجفون فقط هم مَن يجهلون هذه القوة الكامنة، وبخوفهم وتهافتهم يُفقدون شعوبَهم هذه القوة. يهزمون أنفسهم بالخنوع المسبق وانسحابهم من المواجهة دون خوضها. الحديث عن تفاوت ميزان القوة العسكرية يسقط تمامًا حين تتوحد أمة على قرار شعبى. لن تجرؤ تلك القوى العظمى- مهما بلغت قوتها العسكرية- على اتخاذ قرار بخوض حرب صريحة ضد أمة متوحدة عادلة القضية. هذا ما كان يدركه السيسى جيدًا حين كان يطالب المصريين بالخروج لإعلان موقفهم، وهذا ما يجب أن يدركه المصريون، أن يثقوا فى قدرتهم كأمة على الانتصار فى مواجهتهم العادلة. لا تسقط أمة على حق إلا إذا هُزمت من داخلها. 

حروب الشائعات والمعلومات المضللة

من أهم ما يجب أن تتنبه له تلك الجبهة المصرية الداخلية فى اللحظة الراهنة هو حرب الشائعات والمعلومات المضللة التى سوف تنهمر فى طريق المصريين. 

سوف تنشط القنوات المشبوهة لتمرير معلومات مغلوطة عن موقف مصر، وتفاهمات الاتفاقات التى كان لمصر الفضل الأول فى التوصل إليها. 

وعلى المصريين أن يستقوا معلوماتهم فقط من القنوات المصرية الرسمية. لا تصدقوا ما يتم ترويجه كل لحظة. دخول المرضى للعلاج لا يعنى قبول مصر سرًا ما رفضته علنًا. فدخول مصابى ومرضى أهل القطاع لمصر للعلاج ليس جديدًا، ولم يتوقف إلا بعد أن شنت حماس هجومها وعجزت عن حماية الجانب الفلسطينى من المعبر أو سلمته للجانب الصهيونى. هذه هى الحقيقة. 

المفرج عنهم من الأسرى الفلسطينيين المبعدين عن الأرض الفلسطينية- والذين قبلوا ووافقوا على هذا الإبعاد كما وافقت حماس- سيبقون فى مصر لأيام محددة قبل أن يتوجهوا لدول أخرى. 

أى أخبار يتم ترويجها عن بناء مصر مساكن فى سيناء لتوطين فلسطينيين هى أخبار مضللة كاذبة. مصر تعد من ضمن المعونات مساكن سابقة التجهيز لإهدائها لأهل القطاع مؤقتًا قبل بناء مساكنهم.

مصر هى التى أقامت الخيام داخل القطاع بعد الهدنة الأولى. 

مصر هى التى أجهضت مؤامرة جماعة الإخوان حين ذهب مرشدها لسيناء محاولًا إقامة مخيمات فى سيناء لأهل غزة. 

ليس من المنطق أن يسلم المصرى أذنه وعقله لقنوات معادية لمصر ثم يتهم بلاده بما يسمعه من أكاذيب تلك القنوات. 

انتظروا دائمًا ما يصدر رسميًا عن الدولة المصرية. فمصر لا تخفى شيئًا. من لم يستوعب كل هذه الدروس فى السنوات القليلة الماضية فهو عبءٌ على مصر سواء كان شخصًا أو مؤسسة.. ولا أستثنى أحدًا حتى نفسى.

الذين صمتوا وقت الحاجة

أنا أشكر كل الدول التى صمتت عن مساندة مصر فى مواجهتها الأخيرة الحالية، لأنها بهذا الصمت قد أعادت لبعض المصريين ذاكرتهم الوطنية التاريخية. أربعة عشر شهرًا أطلقوا علينا أبواقهم الإعلامية التى جعلت من المزايدة على مصر بضاعتهم. 

فلما حانت لحظة الاختبار الحقيقية صمتوا صمت القبور!

بمجرد إطلاق الصهيونى المتغطرس تصريحاته الأولى التى استهدفت أرض مصر صراحة، تلقفت قنواتهم هذه التصريحات وجعلتها الخبر الأول، وألحت فى تكرارها متوهمة أن مصر ستسقط مثلهم. فلما صدر أول بيان رسمى عن وزارة الخارجية المصرية سفهوا منه واعتبروه ذرًا مصريًا رسميًا للرماد فى عيون شعب مصر، حتى كان الرد المصرى الرئاسى القوى الصارم فأسقط فى أيديهم وارتبكوا وتلعثموا وتخبطوا وتوتروا. 

تمنوا لو أنه لم يتحدث لأنه أحرق أقنعتهم، وفضح تهافتهم وانبطاحهم، وألجم ألسنة صبيانهم على شاشاتهم. 

أين بياناتهم وأين مواقفهم؟! خوفهم وهلعهم من إغضاب سيدهم كشف أحجامهم السياسية الحقيقية. 

هذه المشاهد المخزية التى خذلت مصر قدمت فى الوقت ذاته خدمة جليلة للمصريين، فلقد استفاق بعضهم من أوهامه وشعاراته الجوفاء. تلك الشعارات عن الشقيقة الكبرى مصر، والتى لا نسمعها منهم إلا حينما يكونون فى احتياجٍ لقوتها، وحين تكون هى المستهدفة وأسنة المدافع مفوهة تجاه قلبها يصمتون وينتظرون لكى يشاهدوا ما سيُفعل بها. لقد أفقتم بعض المصريين من أوهامهم فاسترجعوا صفحات تاريخهم فى القرن الأخير، وأدركوا أنه لا جديد. 

فمصر هى مصر، تواجه بمفردها لحظات التاريخ الحاسمة، وتدفع الأثمان عن رعونة بعضهم، وجبن بعضهم بمفردها، حتى تلك المشاهد التى شذت عن هذه القاعدة كانت مجرد استثناءٍ يؤكد القاعدة التاريخية.

قيادة مصر ليست ساذجة أو جاهلة بمفردات هذه المنطقة وشعوبها وقياداتها. قيادة مصر فى تلك اللحظات لا تراهن على أحدٍ غير مصر ذاتها، وغير المصريين ذاتهم. مصر لا تبنى حساباتها على أن أحدًا غيرها سوف يخوض معركتها. 

وتخاذلهم لن يثنيها عن خوض معركتها. تخاذلهم قضية تخص شرفهم، ولا تعنينا فى شىء. 

هم الخاسرون يقينًا، لأن مصر رابحة لا شك، وسوف يكتب التاريخ كل شىء. 

وسوف يعودون يقينًا يومًا- بعد أن تحسم معركتها الشريفة- للهرولة إليها والحج إلى قدس أقداسها للتمسح بشرفها.

وساعتها- كعادة الشرفاء أبناء الحضارة والأصل- نعدهم بألا نوصد أبوابها دونهم، فهذه أقدار مصر الإلهية.. أليست مصر هى آوية الأنبياء؟! أليست مصر طوال تاريخها هى مغيثة الملهوفين الباحثين عن الأمان والطعام وأيضًا الباحثين عن الحضارة وقيم الرجولة والشرف؟! 

سوف نخوض معركتنا وسوف نحسمها لصالحنا، وسوف ننتظركم عائدين تائبين نائبين. 

وإن كنتم تريدون اللحاق بركبها الآن وتخشون تقدم الصفوف بجوارها، فأهلًا بكم تحتمون بردائها وتلوذون بحماها. يمكنكم الاصطفاف خلفها كما كانت عادتكم دائمًا وكما كانت عادتها. إننى أُطمئن المصريين بأن مصر منتصرة ولا شك، وأقوى أسلحتنا هى جبهتنا الداخلية... فنحن من آوينا كليم الله وعلمناه الحكمة والعلوم.. ونحن ملاذ البتول وطفلها عليهما السلام.

وأرضنا هى أرض السلام الحقيقية، وهى التى خصها الله بشرف الذكر فى قرآنه الكريم.. ودارنا مصر ستظل هى دار أبى سفيان الأبدية- وحتى قبل مولد أبى سفيان بقرون طويلة- لكل شعوب ودول المنطقة. 

ولن يمكّن اللهُ بنى صهيون من قتلوا الأنبياء من دارٍ اصطفاها وخصها بأمنه وأمانه.

ونحن فى رباطٍ إلى يوم الدين رغم أنف المتخاذلين والساقطين والحاقدين والمرجفين. 

كُنا قد تحدثنا في خبر الطريق الأوحد لإجهاض المؤامرة ضد مصر - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.

جميلة الهادي
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق