ثلاثة رهائن... وألف يوم من التوتر بين باريس وطهران - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. تسير العلاقات الفرنسية - الإيرانية في منحى تصاعدي افتتحه الرئيس ماكرون في السادس من يناير (كانون الثاني) عندما اعتبر، في خطابه أمام سفراء بلاده حول العالم، أن إيران تشكل «التحدي الاستراتيجي والأمني لفرنسا ولأوروبا ولمنطقة الشرق الأوسط».
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
وفي «مضبطة اتهامية» واسعة، أشار ماكرون إلى برنامجها النووي المتسارع الذي وصل «إلى حد القطيعة»، وبرنامجها الصاروخي الباليستي الذي «يهدد أوروبا وترابها ومصالحها»، فضلاً عن دعمها للحرب الروسية على أوكرانيا، وضربها للاستقرار من خلال وكلائها الذين «يمارسون الإرهاب»، وتهديد المصالح الفرنسية في أفريقيا.
وخلاصة ماكرون أن «الحالة الإيرانية» ستكون أحد أبرز ملفات الحوار مع الإدارة الأميركية الجديدة، لكن الرئيس الفرنسي أغفل، ربما عن عمد، الإشارة إلى ملف آخر يسمم علاقات بلاده مع إيران، وعنوانه مواصلة طهران احتجاز ثلاثة من مواطنيه منذ فترات طويلة.
ورغم الجهود الدبلوماسية المتواصلة التي تبذلها باريس على أعلى المستويات، والتواصل بين ماكرون والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، فإن طهران تسد أذنيها عن المطلب الفرنسي، ولا أحد يعلم يقيناً ما تريده مقابل الإفراج عن الذين تسميهم فرنسا «رهائن دولة» في السجون الإيرانية. وأكثر من مرة، نددت باريس بما تسميه «دبلوماسية الرهائن» التي تتبعها إيران.
ألف يوم على احتجاز رهينتين
ما يعيد هذه المسألة إلى الواجهة، راهناً، هو مرور ألف يوم على احتجاز فرنسيين اثنين هما: سيسيل كوهلر، أستاذة الأدب الفرنسي الحديث، البالغة من العمر أربعين عاماً، ورفيق دربها جاك باريس (73 عاماً)، وهو أستاذ رياضيات متقاعد، وقد أُلقي القبض عليهما في مطار طهران قبيل صعودهما إلى الطائرة في طريق عودتهما لفرنسا. كما يقبع في سجن «إيفين» بطهران، الفرنسي أوليفيه غروندو (34 عاماً) منذ 843 يوماً، وقد قُبض عليه في مدينة شيراز التي كان يزورها سائحاً.
وما يجمع بين الثلاثة الذين تؤكد عائلاتهم والخارجية الفرنسية أنهم كانوا في زيارات سياحية لإيران، اتهامهم بالتجسس. وصدر بحق غروندو، بداية العام الماضي، حكم بالسجن لخمس سنوات لقيامه بـ«التجسس والتآمر على إيران».
وفي 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، بث التلفزيون الإيراني فيديو لسيسيل كوهلر «اعترفت فيه» بأنها عميلة لجهاز المخابرات الخارجية الفرنسي. وسارعت فرنسا إلى التنديد بـ«اعترافات انتُزعت بالإكراه»، وقالت إن ما قامت به إيران «مجرد مهزلة».
في هذا السياق، كتبت الصحافية الإيرانية سيبيديه غوليان التي احتُجزت لفترة مع كوهلر في الزنزانة نفسها، في رسالة وجهتها لصحيفة «لوموند» الفرنسية في سبتمبر (أيلول) 2023، أن كوهلر أخبرتها أن «ندمها الأكبر هو الاعتراف القسري الذي انتُزع منها للتلفزيون الإيراني».
ظروف احتجاز تضاهي التعذيب
تكاثرت، يومي الجمعة والسبت، دعوات تجمعات ومظاهرات، لدعم الثلاثة وللضغط بغرض الإفراج عنهم، في العديد من المدن الفرنسية وأولها باريس. وقالت الخارجية الفرنسية إن باريس «تكرر بأقوى العبارات الممكنة مطالبتها بالإفراج الفوري عن رعاياها الذين تحتجزهم إيران كرهائن»، مضيفة أنه «لا شيء يبرر احتجازهم» الذي تصفه بأنه «بلا معنى».
وندد الناطق باسم «الخارجية» كريستوف لوموان بـ«ظروف الاحتجاز غير المقبولة والتي يرقى بعضها إلى مستوى التعذيب بموجب القانون الدولي»، مشيراً إلى أن كوهلر وباريس محتجزان، مع أخريات وآخرين، كل منهما «في زنزانة مساحتها 9 أمتار مربعة من غير نوافذ، حيث تضاء الأنوار على مدار الساعة، ليل نهار، في حين لا يوجد سرير للنوم، مع فرص قليلة للخروج من المكان».
وبحسب لوموان، فإن فرنسا تعتبر أن ما يتعرض له مواطنوها «أمر لا يطاق». وقال جان نويل بارو، وزير الخارجية، في جلسة استماع في مجلس الشيوخ، الأربعاء الماضي: «لقد بعثنا برسائل حازمة للغاية إلى السلطات الإيرانية، موضحين أنه من دون تحسن الوضع ومن دون إطلاق سراح هؤلاء الرهائن، لا يمكن إجراء أي حوار ثنائي، ولا يمكن تصور رفع العقوبات».
وجدد بارو التأكيد على أن الاتهامات المسوقة ضد الثلاثة «محض كذب». كذلك نددت «الخارجية» بانتهاك إيران لما يسمى «معاهدة جنيف» التي تمكّن المصالح القنصلية من زيارة المسجونين؛ إذ إن السلطات الإيرانية لا تتيح ذلك إلا لِماماً وبالمحاكمات المدبرة سلفاً. وربط لوموان مجدداً بين الإفراج عن الثلاثة وإمكانية تحسن العلاقات مع طهران. وإذ طلبت «الخارجية» من الفرنسيين عدم التوجه إلى إيران، ومن الموجودين على الأراضي الإيرانية الخروج منها «فوراً»؛ فقد حذرتهم من «الخطر المحدق بهم»، ومن احتمال القبض عليهم «في أي وقت ومن دون سبب باستثناء كونهم فرنسيين أو أوروبيين».
وبلغ التوتر ذروته، الجمعة، حينما أعلنت وزيرة الطرق الإيرانية، التي تُعنى وزارتها أيضاً بشؤون الطيران المدني، أن فرنسا ألغت الرحلة الجوّية بين طهران وباريس «بشكل أحادي»، وهي الرحلة المباشرة الوحيدة بين العاصمة الإيرانية وعاصمة أوروبية.
دبلوماسية الرهائن
إزاء هذا الوضع، تؤكد فرنسا أنها «معبّأة وستبقى كذلك للحصول على تحرير الرهائن»، وأنها «ستواصل الكفاح ضد سياسة احتجازهم التي تنتهجها السلطات الإيرانية»، وتطالب بـ«الإفراج الفوري عنهم».
اللافت أن «الخارجية» عبرت عما يشبه الخيبة من الرئيس بزشكيان، بسبب فشل الجهود التي تبذلها «على أعلى مستوى»، في حين تتدهور أوضاع الرهائن. وواضح أن باريس كانت تراهن على بزشكيان الرئيس «الإصلاحي» الراغب بتحسن علاقات بلاده مع الأوروبيين.
وترى مصادر فرنسية أن مفتاح مصير هؤلاء «لا يملكه بزشكيان، بل (الحرس الثوري)»، بدليل أن الفرنسيين الثلاثة موجودون في القسم 209 من سجن «إيفين» الذي تديره وزارة المخابرات، وحيث يُحتجز سجناء سياسيون إيرانيون وأجانب. وقالت نعومي كوهلر، أخت سيسيل، إن الأخيرة «تنام على الأرض ولا يُسمح لها بالخروج من زنزانتها سوى ثلاث مرات في الأسبوع، ولنصف ساعة كل مرة»، فضلاً عن أن الاتصالات التي تتاح لها مع الخارج لا تزيد على خمس دقائق، وتحت رقابة سجّانيها، إلى درجة أنها ممنوعة من الحديث عن ظروف اعتقالها، وجل ما تطلبه هو الكتب.
وقالت المحامية كارين ريفوالان، الموكلة عن كوهلر، في حديث لصحيفة «ويست فرنس»، الجمعة، إن الرهائن الثلاثة «لم يتم إيقافهم بسبب ما قاموا به، بل بسبب كونهم فرنسيين. وهذا ما يمكن أن نسميه دبلوماسية الرهائن»، وذلك «لغرض مقايضتهم في إطار مفاوضات» تُجرى عادة بين إيران والحكومات الأجنبية الأوروبية وغير الأوروبية. وهي ممارسات معروفة منذ سنوات، وجرت في التعامل مع فرنسا أكثر من مرة. لكن اللافت أن لا شيء في الأفق يؤشر لما تريده إيران اليوم تحديداً بعكس المرات السابقة.
وبحسب مصدر غير حكومي، فإن المرجح أن إيران تريد الضغط على فرنسا من أجل «تليين موقفها» في الملفات التي تهم إيران كالعقوبات والبرنامج النووي.
كُنا قد تحدثنا في خبر ثلاثة رهائن... وألف يوم من التوتر بين باريس وطهران - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
0 تعليق