التغيرات المناخية تفتح أبواب اجتهاد صغار الفلاحين في واحات زاكورة - غاية التعليمية

0 تعليق ارسل طباعة

التغيرات المناخية تفتح أبواب اجتهاد صغار الفلاحين في واحات زاكورة - غاية التعليمية

غاية التعليمية يكتُب.. قاربت دراسة ميدانية حديثة الإنجاز، عبر بحث استكشافي ومقابلات ميدانية، كيفية “مواجهة صغار الفلاحين التغيرات المناخية بواحات إقليم زاكورة”، لاسيما من حيث “تراجع مستوى المياه الجوفية بمعدل يتراوح بين 15 و20 مترا مكعبا سنويًا، وانخفاض إنتاج التمور بنسبة 34%”، مسجلة “تجاوز الكثافة السكانية بالنسبة للمساحة الصالحة للزراعة 700 نسمة في الكيلومتر المربع خلال السنوات الأخيرة”.

اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.

واقترحت الدراسة “توصيات تهدف إلى المساهمة في تنمية الواحات، وإعادة النظر في السياسات العمومية ذات الصيغة النيوليبرالية الموجهة لهذه المناطق”، حسب توصيف مُنجِزَيْها، مشددة على “ضرورة إعطاء الأولوية لدعم صغار الفلاحين لمواجهة التحديات المناخية التي تواجه واحات إقليم زاكورة”.

وتشمل هذه الاقتراحات “بشكل خاص” “خلق التوازن والإنصاف في شروط الدعم العمومي المخصص للتنمية الفلاحية بين صغار وكبار الفلاحين في مواجهة التغيرات المناخية”، مع الدعوة إلى “تبني سياسات تتلاءم مع خصوصية المجالات الواحية واعتماد برامج فلاحية تراعي حساسية الواحة، وبرامج استعجالية لتدبير الندرة والكثرة”.

ونادت الدراسة بـ”تقوية قدرات صغار الفلاحين في التعامل مع الأراضي الزراعية وزيادة الإنتاج، إضافة إلى تثمين المشتقات والتسويق وخلق الاكتفاء الذاتي، عبر تنظيم دورات تكوينية ومواكبتهم على طول الموسم الفلاحي والعمل على برامج تهدف إلى تغيير السلوك”؛ كما برزت ضمن أقوى توصياتها دعوة صريحة إلى المراهنة على البحث الزراعي لضمان استدامة التنوع البيولوجي والفلاحي، بـ”تشیید مختبر علمي خاص بالواحات يضم باحثين وباحثات من مختلف التخصصات لتطوير الأنشطة الزراعية واستشراف مستقبل الفلاحة فيها، وتقديم حلول ومقترحات علمية لأصحاب القرار”.

تغييرات جذرية

رصدت الدراسة، التي توصلت هسبريس بنسختها الكاملة (36 صفحة)، ضمن أبرز الخلاصات والتوصيات، تأثيرا كبيراً لتفاقم التغيرات المناخية والتدخلات البشرية في الواحات، بشكل أفضى إلى “تغييرات جذرية في نمط حياة سكانها”، وسجلت أن “الأنشطة الزراعية التقليدية لم تعد قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي، نتيجة انخفاض منسوب المياه الجوفية وغياب سياسات عمومية فعالة تتصدى لهذه التحولات بشكل استباقي”، بحسبها.

وقال الباحثان منجزا الدراسة (إسماعيل آيت باسو وعبد الصمد خضيري) إنه “لتفادي إهدار الفرص التنموية وضمان مستقبل مستدام للواحة ظهرت أنشطة اقتصادية بديلة وموازية (مثل السياحة والخدمات)”، منبهين إلى أنه “في المقابل تخلّى العديد من صغار الفلاحين عن أراضيهم، وهاجر كثير من الشباب -الذين يمثلون العمود الفقري للقوى العاملة- إلى المدن الكبرى؛ بالإضافة تفاقم أزمة الجفاف بفعل ممارسات غير مستدامة بين صغار الفلاحين، مثل التسابق على حفر الآبار واستنزاف المياه الجوفية”.

“نساء الواحات”

لم تَسلم نساء الواحات من تداعيات تغيرات المناخ، وهو ما شددت عليه الدراسة التي أكدت أنه “في ظل هذه الظروف توسّعت أدوارهن بشكل ملحوظ، ولم تقتصر مسؤولياتهن على العمل المنزلي ورعاية الأبناء فقط، بل أصبحت مشاركتهن في الأنشطة الزراعية والأعمال المرتبطة بالقطاع الفلاحي أكثر بروزاً، نتيجة هجرة الرجال إلى المدن الكبرى بحثاً عن فرص عمل بديلة”.

علاوة على ذلك “تتعامل نساء الواحة مع الإكراهات الجديدة من خلال تبني أنشطة ومبادرات تهدف إلى تأمين دخل إضافي لأسرهن”، وفق الوثيقة التي أوردت أنه “رغم هذه الجهود تظل مشاركة النساء واستفادتهن من التعاونيات محدودة”، حسب خلاصاتها.

ضغط “الدلاح”

تبرز الدراسة أن “تقلّص طَلقات سد المنصور الذهبي (المشيد عام 1972) مع مرور السنوات أثّر بشكل كبير على استقرار صغار الفلاحين وثقتهم في ممارسة أنشطتهم الزراعية المعيشية”، مسجلة “زيادة تفاقم الوضع منذ العقد الثاني من الألفية الثالثة، مع بروز الأنشطة الزراعية الحديثة ذات الطابع التجاري، التي تسعى إلى تحقيق أرباح متراكمة مع تكثيف الضغط على الموارد المائية، مثل زراعة البطيخ الأحمر (الدلاح)”.

وفق الباحثين “جاء هذا التحول متزامناً مع برامج الدعم الفلاحي التي أطلقها [مخطط المغرب الأخضر]، ووجد صغار الفلاحين أنفسهم عاجزين عن مواكبتها؛ كما واجهوا صعوبات في الانضمام إلى التعاونيات الاقتصادية والاجتماعية، إذ سادت التعاونيات العائلية والفردية ذات الأنشطة المحدودة”.

الهوَس بالماء

في واحات زاكورة، موضوع الدراسة التي أنجزها الباحثان إسماعيل آيت باسو (طالب باحث في الدكتوراه بجامعة محمد الخامس بالرباط عضو فريق البحث في أنثروبولوجيا الواحات) وعبد الصمد خضيري (طالب باحث في التحولات السوسيو-مجالية بالواحات، جامعة شعيب الدكالي بالجديدة)، “أصبح هوس البحث عن الماء هو السمة المميزة، في ظل أطول فترة جفاف امتدت منذ آخر فيضان عصف بالمنطقة سنة 2014”.

وسجل الباحثان، بعد معاينة وبحث ميداني (شتنبر 2023) معضَّد بالصور والمقابلات والرسوم التوضيحية، أن “العقدَين الماضيين شهِدَا تأثر الواحات بشكل كبير بالتغيرات المناخية، حيث تراجعت مستويات المياه الجوفية والمساحات الصالحة للزراعة، وتفاقمت مظاهر التصحر؛ علاوة على زحف الرمال والحرائق وغزو الأمراض البيولوجية لأشجار النخيل (خاصة مرض البيوض)”.

معطيات منهجية

يشار إلى أن الدراسة، المنشورة بدعم من مؤسسة هاينريش بول-الرباط، اختارت، حسب مُعديها، “المزج بين البحث الإثنوغرافي والسرد القصصي للمعيش اليومي لصغار الفلاحين في تكيُّفهم ومقاومتهم للتغيرات المناخية”، مستهدفين “رهان إنتاج معرفة علمية مبنية على بحث ميداني استقصائي، يختلف عن التناول المبسط لوضعية الواحات (…) بما يساهم في النقاش العمومي حول الوضعية البيئية والاقتصادية والاجتماعية المتأزمة التي تواجه واحات الجنوب الشرقي”.

معتمدةً “المنهج الكيفي” في مقاربة هذه الإشكالات جمعت الدراسة تقنيات الملاحظة الميدانية والرقمية، مع المقابلات الفردية والجماعية (20 مقابلة مع صغار الفلاحين والشباب والنساء للكشف عن تجاربهم المعيشية والإستراتيجيات البديلة للأنشطة الفلاحية المعيشية بعد استمرار الجفاف، ومقابلات مع فاعلين مدنيين وسياسيين وباحثين في المجال لفهم تغير أنماط العيش التقليدية وظهور أنماط أخرى، في محاولة للتكيف مع التغيرات التي يفرضها الواقع الحالي، للحفاظ على “روح الواحة” واستدامة النظام الإيكولوجي ذي الخصوصية المحلية بهذه المناطق).

كُنا قد تحدثنا في خبر التغيرات المناخية تفتح أبواب اجتهاد صغار الفلاحين في واحات زاكورة - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.

جميلة الهادي
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق