وجهة نظر: اختيارات مفوضي CMA الجدد... اعتبارات مستحقة أم تحيّز متكرر؟ - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. يعتبر تعيين مجلس إدارة لهيئة مسؤولة عن تنظيم ومراقبة أسواق المال قراراً مهماً جداً، له آثار بعيدة المدى على نزاهة السوق، وثقة المستثمرين، والاستقرار المالي.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
لذلك تحظى هذه التعيينات بإجراءات طويلة ومعقدة لاختيار الأنسب وفقاً لمعايير فنية وقواعد حوكمة صارمة في كثير من الدول المتقدمة. في المقابل، تخضع كثير من الاختيارات في الدول النامية لآليات ومعايير غير واضحة أو منطقية تثير علامات استفهام عديدة.
ولتتضح الصورة أكثر لجمهور المهتمين، تسلط هذه المقالة الضوء على مدى توافق التشكيل الجديد لمجلس مفوضي هيئة أسواق المال مع معايير الحوكمة الواجب اتباعها من الحكومة وتحديداً من وزير التجارة.
أما أهمية هذه المقالة فتكمن في هدفها الرامي إلى المساهمة في تصحيح آلية الاختيارات القادمة لمجلس إدارة أي جهة حكومية، لتكون أكثر انسجاماً واتباعاً لمبادئ الحوكمة، خصوصاً أن الرأي العام الاقتصادي المحلي كان في معظمه «مجاملاً في تقييم هذه الاختيارات حفاظاً على الاعتبارات الاجتماعية والشخصية، التي هي إحدى علل المجتمعات المتأخرة».
بدايةً، يجب تعريف القارئ الكريم بأن قواعد الحوكمة في اختيار أعضاء مجلس إدارة أي مؤسسة تركّز على معايير رئيسية، من أهمها التنوع في الخبرات والمؤهلات، بحيث يجمع التشكيل بين الخبرة العملية لأعضائه وحملهم لشهادات عليا في مجالات عمل تلك الجهة.
كذلك من المعايير التي تنصّ قواعد الحوكمة الرصينة على وجوب الأخذ بها عند اختيار المرشحين، مبدأ استقلالية الأعضاء وعدم وجود شبهات تعارض المصالح.
لذلك تمنع بعض الدول الأفراد الذين تربطهم علاقات سابقة أو حالية بشركات خاضعة للتنظيم من تولي مناصب يمكنهم من خلالها التأثير على تلك الشركات أو الإشراف عليها.
بينما في دول أخرى تفرض فترات تهدئة «Cooling Off period»، التي تحدد فترة زمنية محددة بين مغادرة الفرد لشركة خاضعة للتنظيم وتوليه منصباً تنظيمياً.
هذه المعايير المذكورة أعلاه فيما يخص التنوع الخبراتي والعملي والاستقلالية وعدم تعارض المصالح، لا نعتقد أنه تمت مراعاتها في الاختيارات التي قام بها وزير التجارة، إذ طغى عليها الانحياز لأفراد منتمين للقطاع الخاص على حساب بقية القطاعات المهمة في الدولة بمبرر الحاجة إلى خبرات عملية متجاهلاً العناصر الأخرى الواجب توافرها في العضو.
كذلك تجاهل هذا التشكيل بشكل غريب الخبرات الأكاديمية في مجالي القانون والاقتصاد رغم أن حملتها يعتبرون عنصراً ثابتاً في الجهات المماثلة في الدول المتقدمة.
وهنا نحيط وزير التجارة علماً بأن آخر رئيسين لـ SEC وهي الجهة المعنية بالإشراف والرقابة على أسواق المال في الولايات المتحدة كانا أستاذان جامعيان، فالسابق كان أستاذاً في الاقتصاد، والأسبق أستاذاً في القانون. أيضاً غاب عن هذا التشكيل أي عضو يحمل شهادة ولو جامعية في القانون رغم أنها جهة رقابية وتشريعية!
هذا الانحياز الواضح لا شك أنه سوف يؤثر على جودة التشريعات المستقبلية نظراً إلى أن أعضاء المجلس يحملون أفكاراً متشابهة ومكررة، تجعل من رؤية المجلس المقبل مفتقرة للشمولية، التي تمكنها من مراعاة مصالح كل الأطراف المشكلة لهيكل السوق.
أما من حيث الدور الرقابي للمجلس، فهناك مخاوف حقيقية من وجود شبهات تعارض مصالح أو حيادية منقوصة نظراً لعمل أكثر من عضو إلى وقت قريب جداً في شركات مدرجة بمن فيهم رئيس مجلس مفوضي هيئة أسواق المال الجديد، الذي قدم استقالته قبل أيام معدودة من إحدى الشركات المدرجة.
ومن الإنصاف هنا الإشارة إلى أن اللائحة التنفيذية للهيئة وتحديداً المادة 5-5 من الفصل الخامس من الكتاب الثاني «هيئة أسواق المال»، حاولت معالجة ذلك من خلال منع أي موظف أو مفوض من المشاركة في التصويت أو إبداء رأي في أي موضوع له فيه مصلحة مباشرة أو غير مباشرة.
لكن حتى مع وجود هذه المادة، نعتقد أنها تعالج فقط «التأثير المباشر» خصوصاً في حالة رئيس المفوضين باعتبار حجم الصلاحيات، التي يملكها ومالها من تأثير على طبيعة نفوذه داخل الهيئة.
ختاماً، وإن كنا نعتقد بأن الاختيارات لم تكن متوافقة مع الحد الأدنى من قواعد ومبادئ الحوكمة، إلا أننا نتمنى للمجلس الجديد التوفيق في التغلب على تحديات عدة سواء تشريعية أو رقابية من أجل النهوض باسواق المال إلى مصاف أسواق ناشئة متقدمة ترفع من تنافسية السوق الضعيفة بالمقارنة مع معظم أسواق الخليج.
كما نتمنى من الحكومة وأعضائها تطبيق مبادئ الحوكمة بشكل حقيقي ومتوافق مع ما تروج له في رؤيتها وذلك عند اختيار مجالس إدارات قادمة، على الأقل لتكتسب مصداقية هي في أمس الحاجة اليها.
* أستاذ التمويل ومحاضر سابق في جامعة بورتسموث – المملكة المتحدة
[email protected]
كُنا قد تحدثنا في خبر وجهة نظر: اختيارات مفوضي CMA الجدد... اعتبارات مستحقة أم تحيّز متكرر؟ - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
0 تعليق