«النُّص»... رحلة مشوِّقة بين المقاومة والسرقة في زمن الاحتلال - غاية التعليمية

0 تعليق ارسل طباعة

«النُّص»... رحلة مشوِّقة بين المقاومة والسرقة في زمن الاحتلال - غاية التعليمية

غاية التعليمية يكتُب.. عُرض مسلسل «النُّص» خلال النصف الأول من شهر رمضان، ونجح في تحقيق تفاعل واسع بين الجمهور والنقاد، حيث اعتبره البعض واحداً من أهم الأعمال الدرامية التي قُدمت هذا العام. تميَّز المسلسل بأسلوبه المختلف، إذ جمع بين الدراما التاريخية والتشويق الممزوج بالكوميديا، وقدَّم تجربة بصرية ثرية أعادت المشاهدين إلى عشرينيات القرن الماضي.

لم يكن نجاح المسلسل مقتصراً على حبكته المشوقة فحسب، بل امتد إلى الأداء التمثيلي المتقن، وعلى رأسه أحمد أمين، الذي استطاع أن يثبت مرة أخرى قدرته على التنوع في اختياراته الفنية، مُقدماً شخصية معقدة تجمع بين الذكاء الفطري والخفة والدهاء، في مزيج لم يكن من السهل تحقيقه. كما نجح العمل في تقديم وإبراز وجوه جديدة ومواهب صاعدة، منحها المسلسل مساحة للتألق وإثبات جدارتها أمام الجمهور.

اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.

يأخذ المسلسل مشاهديه في رحلة زمنية إلى عشرينيات القرن الماضي، حيث تدور القصة حول عبدالعزيز النُّص، النشال الذي قرر التوبة وبدء حياة جديدة، لكنه يجد نفسه في خضم صراعات لم يكن يتوقعها، ليصبح دون قصد بطلاً شعبياً يقود حركة مقاومة ضد الاحتلال البريطاني. هذا التحوُّل لم يأتِ بشكل فُجائي، بل بُني على تطور درامي مدروس، كشف عن أبعاد الشخصية وتعقيداتها النفسية والاجتماعية، وهو ما برع أحمد أمين في تجسيده، مُستعرضاً قدرة لافتة على التنقل بسلاسة بين الكوميديا والجدية، وبين الهزل والمواقف المصيرية، في أداء متكامل عزز من مصداقية الشخصية وقُربها من الجمهور.

استند المسلسل إلى كتاب «مذكرات نشَّال» للباحث أيمن عثمان، حيث نجح فريق الكتابة، المكون من شريف عبدالفتاح، وعبدالرحمن جاويش، ووجيه صبري، في تحويل المادة الأصلية إلى دراما ممتعة تحمل طابعاً توثيقياً، لكنها لا تفقد عنصر التشويق أو المتعة البصرية. فقد استطاع السيناريو أن يمزج بين التوثيق الدقيق للحياة في العشرينيات، وبين السرد الدرامي المتماسك، حيث لم يكتفِ بعرض الحقائق التاريخية، بل جعلها جزءاً أصيلاً من نسيج الأحداث، ما منح العمل عُمقاً وثراءً بصرياً نادراً في الدراما المصرية.

الإخراج الذي تولاه حسام علي كان أحد أبرز نقاط القوة في المسلسل، إذ أبدع في تقديم معالجة بصرية متقنة، استحضرت أجواء القاهرة القديمة، من خلال تفاصيل الديكورات، والإضاءة، والأزياء، والموسيقى التصويرية.

استُخدمت الألوان الترابية والإضاءة الخافتة لتعكس روح تلك الحقبة، فيما اعتمدت الكاميرا على زوايا تصوير تُبرز جماليات الأماكن التاريخية، وتفاصيل الشوارع الضيقة والمباني التراثية، مما جعل المشاهد يشعر بأنه داخل هذا العالم القديم بكل تفاصيله.

نجح المسلسل أيضاً في تقديم تجربة جديدة على مستوى الأداء الجماعي، حيث تألق بجانب أحمد أمين مجموعة من الممثلين، بينهم: أسماء أبواليزيد، وصدقي صخر، وحمزة العيلي، ودنيا سامي، وعبدالرحمن محمد، الذين قدموا شخصيات ثرية ومترابطة، ساهمت في تعزيز مصداقية القصة. لم يكن أداء هؤلاء الفنانين تقليدياً أو نمطياً، بل جاء متجانساً مع طبيعة العمل، ما منح كل شخصية هويتها الخاصة، وجعلها جزءاً أساسياً من الحكاية، وليس مجرَّد دور مساند للبطل.

واحدة من أبرز الميزات التي انفرد بها «النُّص»، هي المزج الذكي بين الترفيه والتثقيف، حيث تضمنت كل حلقة معلومات تاريخية موثقة، تُلقي الضوء على جوانب مجهولة من تلك الفترة، مثل قوانين الآثار القديمة، التي سمحت للأجانب بالاستيلاء على نصف الكنوز المُكتشفة، أو حقيقة استدانة بريطانيا من مصر بعد الحرب العالمية الأولى. هذا العنصر أضاف للعمل قيمة معرفية، جعلته يتجاوز كونه مجرَّد مسلسل درامي، ليصبح نافذة على التاريخ، تساعد المشاهد في التعرُّف على خفايا تلك المرحلة بطريقة سلسة وممتعة.

ورغم أن المسلسل قُدِّم في 15 حلقة فقط، فإنه استطاع الحفاظ على إيقاع سريع ومثير، من دون الوقوع في فخ الإطالة أو المطّ غير المبرر. لم تكن هناك مشاهد زائدة، بل جاء السرد الدرامي مُحكماً، مما ساعد في جعل كل لحظة داخل العمل ذات معنى ودلالة. هذه الصياغة الذكية للأحداث أكسبت المسلسل جاذبية خاصة، وميزته عن الأعمال الدرامية التي تعتمد على التمديد من دون ضرورة درامية حقيقية.

على مستوى الكوميديا، نجح المسلسل في تقديم ضحك نابع من الموقف، وليس مجرَّد إفيهات مفتعلة. فقد اعتمد على أسلوب السخرية الذكية، التي تعكس تناقضات المجتمع في تلك الفترة، ما جعله مختلفاً عن الأعمال الكوميدية التقليدية. ولم تكن الكوميديا وحدها هي العنصر الجاذب، بل أيضاً الأبعاد السياسية والاجتماعية التي عالجها العمل ببراعة، مثل: الصراع بين الطبقات، والفساد، والتفاوت الاجتماعي، وقضية الاستعمار، مما أضفى على المسلسل بُعداً إنسانياً عميقاً يجعله أكثر من مجرَّد دراما تاريخية.

كُنا قد تحدثنا في خبر «النُّص»... رحلة مشوِّقة بين المقاومة والسرقة في زمن الاحتلال - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.

جميلة الهادي
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق