عاجل

هل يؤثر إدراج الإنفاق الحكومى فى الناتج المحلى الإجمالى على دقة قياس النمو الاقتصادى؟ - غاية التعليمية

0 تعليق ارسل طباعة

هل يؤثر إدراج الإنفاق الحكومى فى الناتج المحلى الإجمالى على دقة قياس النمو الاقتصادى؟ - غاية التعليمية

غاية التعليمية يكتُب.. هل يجب إدراج الإنفاق الحكومى ضمن الناتج المحلى الإجمالى لأى بلد؟

اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.

الإجابة «لا»، وفقاً لسيمون كوزنتس، الحائز على جائزة نوبل فى الاقتصاد وأحد المساهمين فى تطوير المقياس المعروف اليوم باسم «الناتج المحلى الإجمالى».

عندما بدأت وزارة التجارة الأمريكية فى الأربعينيات بإدراج الإنفاق الحكومى ضمن تقديرات الناتج الوطنى، عارض كوزنتس هذا النهج بحجة أنه يؤدى إلى «تضخيم النمو الاقتصادى المقاس بسبب الإنفاق المالى، بغض النظر عما إذا كان يدر فائدة فعلية على الرفاهية الاقتصادية للأفراد»، بحسب ما أورده الخبير الاقتصادى ريتشارد كين.

الأسبوع الماضى، أعاد إيلون ماسك، الذى يشغل منصب موظف حكومى بدوام جزئى، صدى أفكار كوزنتس، مؤكداً أن «المقياس الأكثر دقة للناتج المحلى الإجمالى من شأنه أن يستثنى الإنفاق الحكومى، لأن احتسابه يجعل الناتج المحلى الإجمالى يبدو أكبر بشكل مصطنع عبر إنفاق الأموال على أشياء لا تحسّن حياة المواطنين».

وبعد فترة وجيزة، أعلن وزير التجارة هوارد لوتنيك، الذى تتولى وزارته مسئولية إعداد بيانات الناتج المحلى الإجمالى الأمريكى، أنَّ الحكومات لطالما تلاعبت بالناتج المحلى الإجمالى عبر احتساب الإنفاق الحكومى ضمنه. لذا، سأفصل هذين العنصرين لجعل البيانات أكثر شفافية.

خسر كوزنتس هذا الجدل خلال الأربعينيات، ومنذ ذلك الحين استمرت وكالات الإحصاء فى الولايات المتحدة وحول العالم فى إدراج الإنفاق الحكومى ضمن حسابات الناتج المحلى الإجمالى. وتغيير هذا النهج فجأة ولأسباب تبدو سياسية سيكون خطوة مروعة.

تأثير الإنفاق على الناتج المحلى الإجمالي

مع ذلك، هناك بالفعل بند محدد ضمن الحسابات الرئيسية للناتج المحلى الإجمالى يُعرف باسم نفقات الاستهلاك الحكومى والاستثمار الإجمالى، وهو عنصر يمكن فصله بسهولة.

فى المقابل، يركز بعض المحللين الاقتصاديين على مقياس آخر يُسمى المبيعات النهائية للمشترين المحليين من القطاع الخاص، والذى يستبعد أيضاً بيانات التجارة المتقلبة، ما يجعله مؤشراً أكثر دقة للنشاط الاقتصادى الأساسى مقارنةً بالناتج المحلى الإجمالى العام.

إذا كان لوتنيك يريد فقط إبراز هذه المقاييس فى التقارير الفصلية للناتج المحلى الإجمالى، فإن ذلك يبدو إجراءً مقبولاً، رغم أن التجربة الأخيرة تُظهر أن هذا التغيير لن يُحدث اختلافاً جوهرياً فى الصورة العامة للنمو الاقتصادي.

أما استبعاد الإنفاق الحكومى بالكامل من الناتج المحلى الإجمالى، فهذه مسألة مختلفة؛ إذ إنَّ معظم الإنفاق الفيدرالى فى الولايات المتحدة لا يوجه للاستهلاك والاستثمارات، بل يتمثل فى مدفوعات تحويلية.

فى هذه العملية، تجمع الحكومة الأموال من مجموعة من دافعى الضرائب وتعيد توزيعها على فئات أخرى.

وتظهر هذه المدفوعات فى حسابات الناتج المحلى الإجمالى كإنفاق من قِبل المستفيدين، وليس هناك أى طريقة لفصلها دون الإضرار بالنظام الحسابى بأكمله.

ومع ذلك، فإن النسبة المتزايدة من هذه المدفوعات التحويلية، التى تأتى فى شكل ديون حكومية يتحملها دافعو الضرائب فى المستقبل، تُعد أمراً يستحق الانتباه.

فإذا حاولنا إعادة حساب الناتج المحلى الإجمالى مع مراعاة هذا العامل، فإنَّ الصورة التى تعكسها حالة الاقتصاد الأمريكى غير الحكومى خلال العقدين الماضيين ربما تكون مضللة، أو كاشفة لبعض الجوانب المخفية، لكنها فى جميع الأحوال قاتمة للحد الذى يجعلنى أعتقد أن لوتنيك سيعيد التفكير فى الفكرة بأكملها.

دور التجارة فى النمو الاقتصادى

هذا لا يعنى أن الناتج المحلى الإجمالى مثالى فى صورته الحالية. فلم يكن الإنفاق الحكومى العنصر الوحيد الذى أراد كوزنتس استبعاده من الحسابات.

ففى عام 1937، كتب أن هناك بعض أشكال الإنفاق التى لا تسهم فعلياً فى رفاهية الأفراد، مثل الإنفاق على الإعلانات، و«المحامين غير النزيهين»، و«الأنشطة المالية والمضاربة»، ناهيك عن «النفقات الضخمة فى المدن الحضرية ومترو الأنفاق والإسكان الفاخر وغيرها»، والتى ليست سوى «شر لا بد منه لكسب العيش».

ومع ذلك، خسر كوزنتس هذه المعركة أيضاً، ولسبب وجيه؛ حيث يمكن أن يكون لدى الأشخاص العقلاء رؤى متباينة حول أى نوع من الإنفاق ينبغى احتسابه ضمن الناتج المحلى الإجمالى.

ومع ذلك، لا يزال هذا المقياس موضع انتقاد لعدم قدرته على قياس ما يجعل حياة الناس أفضل، لكن هناك مقاييس بديلة مثل مؤشر التنمية البشرية التابع للأمم المتحدة.

من ناحية أخرى، لم يكن هذا تحديداً ما قصده ماسك الأسبوع الماضى. فقد جاء منشوره كرد فعل على الانخفاض المفاجئ فى تقديرات بنك الاحتياطى الفيدرالى فى أتلانتا لنمو الناتج المحلى الإجمالى فى الربع الأول؛ حيث تراجعت من 2.3% إلى -1.5%، وهو ما بدا أنه يربطه بجهود إدارة الكفاءة الحكومية التى أسسها لخفض التكاليف.

لكن السبب الفعلى وراء هذا التراجع يعود إلى اختلاف آخر فى طريقة حساب الناتج المحلى الإجمالى؛ حيث يتم طرح الإنفاق على الواردات من الإجمالي.

وفى يناير، ارتفع عجز الميزان التجارى بشكل ملحوظ، مع تسارع المستوردين إلى إدخال المنتجات إلى الولايات المتحدة قبل أن يبدأ الرئيس دونالد ترامب فى فرض رسومه الجمركية التى كانت عُرضة لتغييرات متكررة.

العلاقة بين الدين الحكومى والنمو

منذ ذلك الحين، تراجعت تقديرات الناتج المحلى الإجمالى إلى -2.4% نتيجة لبعض البيانات الاقتصادية الضعيفة الفعلية، لكن تأثير التجارة سيشهد انعكاساً جزئياً على الأقل بحلول نهاية الربع.

كما أن الإنفاق الحكومى الفيدرالى يُحسب حالياً كعامل إيجابى صافٍ فى نمو الناتج المحلى الإجمالى فى الربع الأول.

حتى الآن، لم يكن لإدارة الكفاءة الحكومية التى أسسها ماسك أى تأثير ملحوظ على الإنفاق الفيدرالى الإجمالى، والذى واصل الارتفاع بوتيرة أسرع حتى الآن هذا العام مما كان عليه فى أوائل عامى 2023 و2024، وفقاً لتحليل أجراه مختبر الميزانية فى جامعة ييل استناداً إلى بيانات يومية صادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية.

إذا نجحت إدارة الكفاءة الحكومية فى تقليص الإنفاق الحكومى، فإنَّ ذلك سيشكل بالفعل ضغطاً هبوطياً على الناتج المحلى الإجمالى، وقد تكون المبيعات النهائية الحقيقية للمشترين المحليين مقياساً أكثر دقة لقياس القوة الأساسية للاقتصاد.

فعلى سبيل المثال، خلال تخفيضات الميزانية الفيدرالية أواخر التسعينيات، نما هذا المقياس بوتيرة أسرع بكثير من الناتج المحلى الإجمالى الرئيسى.

لكن منذ ذلك الحين، لم يكن هناك فرق كبير بين المقياسين، باستثناء فترة وجيزة شهدت تقلبات حادة فى النشاط الاقتصادى فى بداية تفشى جائحة كوفيد ـ 19. (استخدمت هنا التغير على أساس سنوى بدلاً من التغير الفصلى بمعدلات سنوية، وهو نهج يُستخدم عادةً من قبل مكتب التحليل الاقتصادى التابع لوزارة التجارة، نظراً إلى أنه أقل تقلباً).

كما ذُكر سابقاً، فإنَّ معظم الإنفاق الفيدرالى الآن لا يشمل نفقات الاستهلاك والاستثمار الإجمالي، واللذين يمكن فصلهما بسهولة فى حسابات الناتج المحلى الإجمالى، وإنما يتألف من مدفوعات تحويلية لا يمكن إزالتها.

وفى معظم الحالات، لا ينبغى استبعادها. فعندما يجمع نظام الضمان الاجتماعى الأموال من العمال ثم يعيد توزيعها على المتقاعدين، لماذا لا يُحتسب إنفاق هؤلاء المتقاعدين (حتى لو كان الإنفاق على محامين محتالين) ضمن الناتج المحلى الإجمالي؟ لكن عندما تأتى هذه الأموال من مشترى السندات الحكومية، يُثار تساؤل حول مدى استدامة نمو الناتج المحلى الإجمالي.

الدين الفيدرالي

أحد المقاييس الشائعة لهذه الظاهرة هى نسبة الدين الفيدرالى إلى الناتج المحلى الإجمالى، والتى تضاعفت أربع مرات تقريباً منذ عام 1980.

يبقى الجدل قائماً حول الحد الذى يمكن عنده اعتبار الدين الحكومى مفرطاً، وليس الهدف هنا حسم هذا النقاش.

لكننى رأيت أنه من المثير للاهتمام طرح معدل نمو الدين من نمو الناتج المحلى الإجمالى لمعرفة كيف ستبدو الصورة حينها.

ما يتضح هو فجوة كبيرة بدأت تتشكل فى الثمانينيات، ولم يتم ردمها إلا لبضعة أعوام فى أواخر التسعينيات.

علاوة على ذلك، أصبح معدل النمو المعدل للناتج المحلى الإجمالى سلباً منذ عام 2001. وتظهر هذه البيانات عند تقسيمها وفق فترات الرئاسة الأمريكية.

من الواضح أن أى مقياس اقتصادى يجعل حقبتى كارتر ونيكسون تبدوان وكأنهما أفضل الأوقات يستدعى بعض الشك.

ويرجع جزء من هذه النتائج إلى ارتفاع التضخم، الذى يجعل قيمة الديون الحكومية المُتكبدة فى الماضى تتقلص نسبة إلى الناتج المحلى الإجمالى. وهذا أمر ينطبق أيضاً على فترة رئاسة جو بايدن.

لكن من الواضح أنه منذ عهد كلينتون، أصبح النمو الاقتصادى يعتمد بشكل متزايد على التوسع فى الدين الفيدرالي.

وحتى الآن، رغم الحديث عن تحقيق موازنات متوازنة، ليس هناك أى مؤشر يدل على تغير هذا الاتجاه خلال الولاية الثانية لترامب.

المصدر: وكالة أنباء «بلومبرج»
بقلم: جاستن فوكس، كاتب مقالات رأى لدى «بلومبرج»

كُنا قد تحدثنا في خبر هل يؤثر إدراج الإنفاق الحكومى فى الناتج المحلى الإجمالى على دقة قياس النمو الاقتصادى؟ - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.

جميلة الهادي
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق