بين المجون والتوبة.. رقعة غامضة عند رأس "أبي نواس" يتقدم بسببها "الشافعي" للصلاة عليه - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. في أزقة بغداد، حيث كان صخب الحياة الأدبية يمتزج بأصوات الشعراء والمغنين، برز اسم أبو نواس، الشاعر الذي عرف بمجاوزته للحدود، ومزجه بين الحكمة والمجون في أبياته.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
كان لسانه سليطًا، وأشعاره لا تخلو من جرأة، خاصة في وصفه للخمر والحياة العابثة، حتى قيل إنه قال يومًا:
دعِ المساجدَ للعُبَّادِ تسكُنُها * وطُف بنا حول خَمَّارٍ ليسقينا
ما قال ربُّك ويلٌ للذين سكروا * ولكنَّه قال ويلٌ للمُصلّينا
أثار هذا الشعر غضب الخليفة هارون الرشيد، فكاد يأمر بقتله، لولا أن أبو نواس برر موقفه بقول: "الشعراء يقولون ما لا يفعلون"، فعفا عنه الخليفة، ولكن ظل اسمه مقرونًا بالمجون حتى آخر أيام حياته.
لحظة التوبة
حين أنهك المرض جسد الشاعر، وبدأ يشعر بقرب نهايته، انكفأ على ذاته، متأملًا في حياته التي قضاها بين شهوات الدنيا. وبينما كان يرقد على فراش الموت، زاره الإمام الشافعي، وسأله عن حاله وما أعدّه لهذا اليوم. عندها، رفع أبو نواس بصره بصعوبة وأنشد بصوت واهن:
تَعَاظَمَني ذَنْبي، فَلَمَّا قَرَنْتُهُ * بِعَفْوِكَ رَبِّي، كَانَ عَفْوُكَ أَعْظَمَا
وما زِلْتَ ذَا عَفْوٍ عَنِ الذَّنْبِ لَمْ تَزَلْ * تَجُودُ، وتَعْفُو مَنَّةً، وتَكَرُّمَا
تأثر الشافعي بكلماته، وأدرك أن هذا الرجل، الذي عرفه الناس بلسانه الحاد، يودّع الدنيا بقلبٍ منكسر، يأمل في عفو الله.
سر الرقعة الغامضة
بعد رحيله، وأثناء تجهيز جسده للدفن، عثر المغسلون عند رأسه على رقعة صغيرة، كُتب عليها:
يا ربِّ إنْ عَظُمَتْ ذُنُوبي كَثْرَةً * فلقد عَلِمْتُ بأنَّ عَفْوَكَ أعْظَمُ
إنْ كانَ لا يَرْجُوكَ إلا مُحْسِنٌ * فَبِمَنْ يَلُوذُ وَيَسْتَجِيرُ المُجْرِمُ
أدعوكَ رَبّي كما أمَرْتَ تَضَرُّعًا * فإذا رَدَدْتَ يَدِي فَمَنْ ذا يَرْحَمُ
لم يتمالك الشافعي نفسه، فبكى بكاءً شديدًا، ثم تقدم ليصلي عليه، مؤكدًا أن رحمة الله واسعة، وأن باب التوبة لا يُغلق أمام من يعود بقلب صادق.
حكاية بين الحقيقة والأسطورة
توارثت الأجيال هذه القصة، واختلف المؤرخون حول صحتها، فبعضهم أكد زيارة الشافعي لأبي نواس في مرضه الأخير، بينما رأى آخرون أن بعض التفاصيل قد تكون أضيفت بمرور الزمن. لكن المؤكد أن هذه القصة، سواء صحت أو لم تصح، تحمل درسًا خالدًا: لا أحد بعيد عن رحمة الله، ومهما بلغت الذنوب، يبقى الأمل في المغفرة حاضرًا حتى آخر نفس.
كُنا قد تحدثنا في خبر بين المجون والتوبة.. رقعة غامضة عند رأس "أبي نواس" يتقدم بسببها "الشافعي" للصلاة عليه - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
0 تعليق