غاية التعليمية يكتُب.. في إحدى أمسياتي العادية، كنت أتصفح إنستغرام بحثًا عن شيء جديد يلفت انتباهي، فوقعت عيني على حسابٍ بدا من الوهلة الأولى لشخصية غامضة ذات شعر وردي وعيون زرقاء. اعتقدتُ للوهلة الأولى أنني أشاهد مقاطع عارضة أزياء حقيقية، ولكن المفاجأة كانت حين أدركتُ أنها “أيتانا لوبيز” المؤثرة الافتراضية، وليست شخصية حقيقية على الإطلاق. شعرتُ حينها بمزيجٍ من الدهشة والإعجاب؛ فالذكاء الاصطناعي أصبح قادرًا على خلق عالمه الخاص على وسائل التواصل الاجتماعي.

اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.

لقد لاحظتُ أن هذه الحسابات الافتراضية ليست مجرد لعبةٍ تقنية أو تسلية مؤقتة، بل إنها نشاطٌ تجاري حقيقي يمكنه أن يدرَّ أرباحًا باهظةً تفوق أحيانًا دخل المؤثرين البشريين. فعلى غرار المؤثرين التقليديين، يستطيع المؤثرون الافتراضيون عقد شراكات مدفوعة مع العلامات التجارية للترويج لمنتجاتها أو خدماتها عبر منشورات دعائية، ومراجعات للمنتجات، وحتى فعاليات مباشرة على الإنترنت. يمكن لبعض الأسماء الكبرى في مجال المؤثرين الافتراضيين أن تحصد ما يصل إلى 8500 دولار لكل منشورٍ دعائي على إنستغرام، وقد يُحققون ملايين الدولارات سنويًا من شراكات الرعاة وحدها.

إذا كنت تحب متابعة أخبار المشاهير أو تطورات عالم الموضة، فحتماً مرّ عليك اسم “أيتانا لوبيز”، وهي شخصية افتراضية شابة في الخامسة والعشرين من عمرها. رغم أنها لا تمتلك كيانًا بشريًا واقعيًا، إلا أن تفاصيل مظهرها—الشعر الوردي، البشرة البيضاء، والعيون الزرقاء—تجذب الأنظار على الفور. وبحسب تصريحات متابعيها على منصات التواصل، تتقاضى أيتانا ما يزيد على 1000 يورو عن كل إعلان تجاري تنشره كما أنها أصبحت الوجه الإعلاني لشركة “بيغ” للمكملات الغذائية، وهو إنجاز لم يكن يخطر لي ببال منذ بضع سنوات فقط.

أكثر ما أثار دهشتي هو أن كثيرًا من المشاهير تواصلوا مع أيتانا بهدف التعاون أو على الأقل إبداء الإعجاب، دون أن يدركوا في البداية أنها كيان افتراضي بالكامل. وقد انتشرت عدة مقاطع مصوّرة على إنستغرام وسنابشات تُظهر ردود أفعالهم الطريفة عند اكتشاف الحقيقة. والأغرب أن أيتانا لا تكتفي بمنشورات الموضة، بل لديها حسابٌ آخر على منصة “فانفيو” تشارك فيه بعض المحتويات الإضافية، مما ساهم في زيادة قاعدتها الجماهيرية لتتجاوز 121 ألف متابع في وقت قياسي.

إذا أردت مشاهدة جانبٍ من أسلوب أيتانا والتعرف على شخصيتها الافتراضية بشكل أوسع، فإليك هذا الفيديو الذي يشرح كيف ظهرت لأول مرة على وسائل التواصل الاجتماعي واستطاعت أن تحظى بكل هذه الشعبية.

لا أخفي عليكم أنني فكرتُ في تجربة الأمر بنفسي: ماذا لو أنشأت شخصية افتراضية قد تجذب جمهورًا مختلفًا؟ إليكم باختصار الخطوات التي تعرّفت عليها عند البحث في الموضوع، وبعض النصائح التي استفدت منها شخصيًا لأنشئ مؤثر اقتراضي:

كبداية، حاولتُ ابتكار اسم يعكس روح الشخصية التي أودّ إنشاؤها مثل: إياد ريّان (مثال عربي شبابي) أما النبذة: مهووس باللياقة البدنية، والتغذية الصحية، وعاشق للسفر والتعرف على ثقافات جديدة. أشارككم يومياتي الرياضية وطموحاتي في الوصول إلى أفضل نسخة من نفسي. تابعوني للتحديات الرياضية والنصائح اليومية!”

. في هذه المرحلة، قد تستعين بنماذج مثل ChatGPT لتوليد أفكار مميزة لاسم المؤثر وسيرته الذاتية على إنستغرام، لكن لا تتردد في إضافة لمسة إنسانية من إبداعك الخاص أيضًا.

استخدمتُ برامج مثل MidJourney لإنشاء صور أقرب إلى الواقع. ومن المفارقات أنني اعتمدتُ في البداية على صورٍ عشوائية من الإنترنت بهدف تكوين رؤية مبدئية لتصميم الوجه والجسم، قبل أن أستقر على ملامح نهائية مستوحاة من شخصياتٍ عدة.

جمع صور للاستلهام

لتفادي الملل البصري أو تكرار نفس الأسلوب، قمتُ بجمع صورٍ لمؤثرين حقيقيين في مجال اللياقة البدنية. هذه المرحلة كانت ممتعة لأنها سمحت لي بابتكار شخصية افتراضية تجمع نقاط القوة من عدة مصادر متنوعة.

في البداية، كانت النتائج تبدو فضائية بعض الشيء، إذ لم تتطابق تمامًا مع ما أريده. لذا لجأتُ إلى وصف دقيق للملامح والأجواء والألوان عبر الأوامر النصيّة في MidJourney، وكان الفارق واضحًا بعد ذلك.

انضممتُ إلى خادم MidJourney على Discord واستخدمت أمر “Slash Imagine” لرفع الصور المرجعية وتحسينها. شعرت وكأنني أتعامل مع مصممٍ جرافيكي بارع، إذ يتيح لك البرنامج تعديل أدق التفاصيل بصورك.

بعد الحصول على الصور، أنشأتُ حسابًا جديدًا يتضمن اسم الشخصية الافتراضية وسيرتها المقتضبة. حاولتُ انتقاء هاشتاغات مستهدفة وبناء محتوى أوليّ يشمل قصصًا قصيرة عن اهتمامات هذه الشخصية، مثل “الرياضة” و”الموضة” و”التغذية الصحية”.

قررتُ إضافة لمسة إبداعية بالفيديو، فاستعنت بمنصة Runway لتصميم فيديو مدته حوالي أربع ثوانٍ، وحمّلت إحدى الصور التي أنشأتها ثم دمجتها بمؤثرات صوتية من 11 Labs. النتيجة كانت رائعة، إذ نجحت في لفت انتباه المتابعين الجدد.

أصبح من الواضح بالنسبة لي أن المؤثرين الافتراضيين، سواء على إنستغرام أو منصات أخرى مثل LinkedIn أو TikTok، ليسوا مجرد نزوةٍ مؤقتة في مشهد التواصل الاجتماعي. فقد أخذت الإعلانات التفاعلية والترويج للرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) بالانتشار بسرعة هائلة. ومن المتوقع أيضًا أن يواصل التسويق عبر المؤثرين نموّه ليصل إلى حجم صناعة ضخمة تُقدّر بنحو 21.1 مليار دولار بحلول نهاية عام.

إن كنت تتساءل مثلي عمّا يخبّئه المستقبل، فإن المؤثرين الافتراضيين قد يجدون طريقهم إلى كافة جوانب حياتنا الرقمية، وقد نشهد ظهور تطبيقات مبتكرة أكثر تُدمج فيها شخصيات افتراضية قادرة على التفاعل مع الجمهور بلغات متعددة وأساليبٍ لا تخطر على بال.

ختامًا، سواء كنت تُخطط لتجربة إنشاء شخصية افتراضية أو تُفضّل متابعة المؤثرين الحقيقيين، يبقى العالم الرقمي مفتوحًا على احتمالاتٍ لا تنتهي. فربما في المرة المقبلة التي تعجبك فيها صورة مؤثر جديد على إنستغرام، ستتساءل: “هل هو شخصٌ حقيقي، أم ابتكارٌ ذكي آخر من ابتكارات الذكاء الاصطناعي؟”