د. محمد كامل يكتب: إثراء المكتبة العربية - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. من أهم الموضوعات التي تشغلني هي افتقار المكتبة العربية إلى المراجع العلمية، اللهم إلا قليل جدًا ممن يحاولون تأليف مرجع علمي، وغالبيتهم - للأسف - من باب الوجاهة العلمية، وحتى صاحب الرؤية يجد صعوبة في ترويج كتابه بين مكتبات الجامعات، سواء في صورة هدايا أو تسويق من خلال صداقات علمية.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
لذلك، نجد أن المكتبات الجامعية فقيرة في محتواها العلمي من أمهات المراجع العالمية والعلمية المعتبرة. حتى من يطبع كتابًا يكون باللغة الأجنبية، وحتى لا ندفن رؤوسنا في الرمال، فمن الملاحظ أن غالبية المؤلفين يكونون من المعارين للسعودية والخليج، وفي شراكة مع باحثين غالبيتهم من الهند وباكستان، نظرًا لخبرتهم، ولأن لغتهم الرسمية أو شبه الرسمية هي الإنجليزية، وكذلك لخبرتهم في هذا المجال، خاصة بعد منافسة الهند في سوق بيع المراجع العلمية رخيصة التكاليف بسبب نوعية الورق والطباعة. ولذلك، نجد أن مرجعًا أوروبيًا ثمنه 500 دولار تكون طبعته الهندية أقل كثيرًا من ذلك، مما أصبح ظاهرًا في العقدين الماضيين من كثرة محتوى المكتبات الجامعية من الطبعات الهندية.
ورغم أن الصغير والكبير من علماء وباحثي الغرب يقرون بفضل حركة ترجمة الكتب العربية على حضارتهم، إلا أننا قد أصابنا الإصرار على التبعية العلمية واللغوية، مما أثر على الحصيلة العلمية لطلاب العلم العرب، وأدى إلى غياب مدرسة علمية عربية خالصة، حاولنا التغلب عليها من خلال عدد الاستشهادات العلمية التي غالبًا ما تصب في مضمار عالمي مُسبق الإعداد، يدور في فلكه غالبية باحثي العالم، وكأن هناك من يوجه البحث العلمي العالمي كما يشاء.
لعل أغلبنا يتذكر ضرب إسرائيل للمفاعل النووي العراقي، وقد ظهر بالفعل التفوق العلمي في العراق في تلك الفترة التي سبقت حرب الكويت، حيث ربطت السياسة العلمية للعراق حركة الترجمة مع ترقية أساتذة الجامعات، وأصبحت أحد متطلبات الترقية ترجمة مراجع علمية حديثة. وأصبح تسخير العلم وتطويعه للفكر العربي مما يؤدي إلى استقلالية مضطردة، أدت إلى استغلال المثل، وظهر مردوده على الحركة العلمية في العراق خلال تلك الفترة.
إن الاهتمام بالترجمة وربطها بالترقيات الجامعية سيُثري المكتبة العربية، ويُيسر لنا الانتقال التدريجي نحو تعريب العلم والاستقلال الفكري والبحثي، مما سيرفع بلا أدنى شك حصيلة التعلم، بعيدًا عن الجودة الظاهرية التي ندور في فلكها، مصحوبة بتدني مستوى خريجي الجامعات باستمرار.
لا بد للمجلس الأعلى للجامعات المصرية أن يأخذ في الاعتبار تغيير شروط الترقيات، وإضافة خيار الترجمة لأمهات المراجع العلمية الحديثة.
فما الضرر في أن يُضاف ذلك الخيار لشروط الترقية للأستاذ المساعد؟ كأن يُطلب منه تأليف مرجع علمي قيّم باللغة العربية في مجال تخصصه، أو ترجمة مرجعين إلى اللغة الأم، أو المشاركة بفصل أو أكثر في ثلاثة مراجع في مجال التخصص، بحد أقصى خمسة فصول. ويتم ترقية الأستاذ المساعد إلى أستاذ إذا قام بتأليف مرجعين علميين باللغة العربية في مجال تخصصه، أو ترجمة ثلاثة مراجع إلى اللغة الأم، أو المشاركة بفصل أو أكثر في ثلاثة مراجع في مجال التخصص، بحد أقصى ثمانية فصول. أليس هذا إضافة للمترقي ليكون ملمًّا بأحدث ما توصل إليه تخصصه؟ أليس هذا يُعتبر موردًا يسيرًا لمن يريد أن ينهل العلم لتوسيع مداركه، خاصة الطلاب خريجي الجامعات؟ إن زيارة واحدة لإحدى مكتبات الجامعة تفصح لك عن مسار حركة الجامعة في الترجمة. أليس هذا أفضل من الدوران في فلك الجودة التي أرجعتنا إلى ما قبل حقبة النوابغ في الثلاثينيات من القرن الماضي؟ ألم تضطرنا إلى تجميل مستوى الطالب الجامعي المتردي بإلزام الأستاذ بنوعية محددة من الأسئلة، بحيث يكون نصف الامتحان "بابل شيت"، والنصف الآخر مقالي، ورحنا نغير ونبدل في طرق الامتحان وأسلوبه لمواراة تدني معدل التحصيل العلمي لدى الطلاب؟
إن وجهة نظري المحدودة لا ترى سبيلًا للخروج من تلك الدائرة المفرغة إلا بتعريب العلوم، خاصة وأننا لا يهمنا من العلم إلا المصطلحات العلمية فقط، والطالب نفسه يطلب تفسيرها بالعربية، وغالبية البرامج الإنجليزية يتم شرحها بالعربية ليستوعبها الطالب، وكل ما في الأمر أن يعرف أن ما شرحته بالعربي وفهمه بالعربي هو النظام، واسمه بالإنجليزية system، ثم يكون فقط الامتحان بالإنجليزية، ويتخبط الطالب لدرجة تحيّرك وأنت تصحح الامتحان: هل الطالب يقصد الشيء أم عكسه؟! لماذا هذا التخبط؟ أليس العلم واحدًا سواء كان بالإنجليزية أو العربية أو الروسية أو الأردية أو بأي لغة أخرى؟.. أتمنى أن نفيق قبل يوم القيامة.
كُنا قد تحدثنا في خبر د. محمد كامل يكتب: إثراء المكتبة العربية - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
0 تعليق