د. وائل كامل يكتب: لماذا أصبح الشباب أكثر عدوانية؟.. تحليل لأسباب التغيرات السلوكية في المجتمع المصري - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. شهد المجتمع المصري، تغييرات كبيرة في العادات والتقاليد والقيم والسلوكيات خلال العقود الأخيرة، نتيجة تفاعل العديد من العوامل التربوية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية هذه التغيرات أثرت بشكل ملحوظ على سلوكيات بعض الشباب، مما يتطلب دراسة هذه الظواهر بعمق واقتراح حلول عملية لمواجهتها.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
من أبرز ما ظهر مؤخرا هو حوادث العنف وما وقع مؤخرًا في بعض المدارس، حيث تعرضت طالبة للضرب على يد ثلاث طالبات في إحدى المدارس الخاصة بالتجمع الخامس وتم نقلها للمستشفى، وفي الزيتون وقعت مشاجرة بين طالبتين في مدرسة إعدادية استخدمت أحدهما قطعة زجاجية أسفرت عن جرح غائر استدعى 40 غرزة. وفي إحدى المدارس الدولية بالإسكندرية نشبت مشاجرة طلابية أسفرت عن إصابة طالب بجروح خطيرة، كما اقتحمت سيدة مدرسة زراعة في إحدى قرى قنا وطعنت طالبًا بسبب مشاجرته مع ابنها. هذه الحوادث تبرز حاجة ماسة لتحليل الأسباب التي تقف وراء هذه الظواهر والبحث عن حلول للحد من انتشارها.
استعرض هنا بعض من الاسباب التي ادت لتلك التغيرات.
"أهمية التربية الدينية وتأثيرها في تهذيب النفس"
ان مادة التربية الدينية سواء الإسلامية أو المسيحية، لها دور كبير جدا ومحوريًا في تهذيب النفس وتوجيه سلوك الأفراد نحو الخير والعفو والعدالة. فهي تساهم في غرس القيم الأخلاقية مثل الصدق، والاحترام، والتعاون...، مما يعزز من قدرة الطلاب على التعامل مع الآخرين بشكل إيجابي. بالإضافة إلى ذلك، تساعد التربية الدينية في بناء شخصية متوازنة وقادرة على مواجهة التحديات اليومية بروح من التسامح والاحترام. ولهذا، فإن وجود مادة التربية الدينية ضمن المجموع بمراحل النقل يعد أمرًا ضروريًا وهاما، ولهذا اتفق مع وزارة التربية والتعليم في أهمية وجودها داخل المجموع بسنوات النقل، حيث تعد هذه المادة جزءًا أساسيًا من تكوين شخصية الطالب، وتساهم في غرس القيم الدينية والأخلاقية التي تساعد على بناء فرد صالح في المجتمع، لانها تعزز من اهتمام الطلاب بها مثلها مثل باقي المواد الاخرى بنفس الاهمية، فهي تشكل جزءًا من مجموع درجاتهم ويشجعهم على التفاعل معها بجدية. عكس وجودها خارج المجموع فينظر لها على انها هامشية ولا يتم استذكارها إلا قبل امتحانها بضع أيام.
ولكن اختلف وبشدة مع وزارة التربية والتعليم في قرار جعل مادة التربية الدينية ضمن المجموع بالشهادات العامة وخصوصا شهادة الثانوية العامة والاعدادية. فهذا المقترح قد يكون سلبياته اكبر من ايجابياته، نظرا لاختلاف طبيعة محتوى المقرر بين الديانتين وتأثير المجموع الكلي في تحديد مسار ومستقبل الطلاب.
"غياب الفن والموسيقى وتأثيره على السلوك"
إن غياب تدريس الفن والموسيقى في المناهج الدراسية يخلق فراغًا كبيرًا في حياة الطلاب. فالفن والموسيقى ليسا مجرد وسائل ترفيهية أو أنشطة هامشية يمكن الاستغناء عنها وتحويل حجراتها لفصول دراسية، بل هما أدوات تعليمية تسهم في تنمية الإبداع، وتعزيز القدرة على التعبير عن الذات، وتفريغ الطاقة السلبية بشكل إيجابي. وعندما يُحرم الطلاب من هذه المواد، قد يجدون صعوبة في إيجاد منافذ صحية للتعبير عن مشاعرهم، مما يزيد من احتمالية ظهور السلوكيات العدوانية. بالإضافة إلى ذلك، يعمل الفن والموسيقى على تحسين مهارات التعامل مع الضغوط النفسية، مما يساهم في تقليل العدوانية بخلاف طبعا ما اثبتت فيه الدراسات الحديثة من تأثيرها على نشاط المخ ومعدل الذكاء والذاكرة.
"تأثير الإعلام والعنف على الشباب"
تلعب وسائل الإعلام دورًا مؤثرًا في تشكيل سلوكيات الشباب، خاصة من خلال الأفلام والمسلسلات التي تتضمن مشاهد عنف. مثل هذه الأعمال، بما في ذلك أفلام السبكي ومحمد رمضان التي تروج للبلطجة، تساهم في تكوين صورة مغلوطة عن القوة والبطولة. فالتكرار المستمر لمشاهد العنف قد يؤدي إلى تطبيع هذه السلوكيات في ذهن الشباب، مما يجعل العنف يبدو وكأنه سلوك مقبول. كما أن الأبطال الذين يعتمدون على العنف لحل المشكلات يصبحون قدوة للبعض، مما يعزز من ميلهم لتقليد هذه التصرفات.
"التوسع العشوائي في التعليم الخاص الأجنبي وتأثيره على أخلاقيات وعادات المجتمع"
أصبح التوسع العشوائي في التعليم الخاص، خاصة في المدارس الأجنبية، ظاهرة متزايدة في المجتمع المصري. هذه المدارس تروج في كثير من الأحيان لقيم وأفكار قد تكون بعيدة تماما عن العادات والتقاليد المجتمعية، ومهما ادعت وزارة التربية والتعليم ان هناك سيطرة عليهم، الا انها سيطره هامشية كأسم بدون فعل وبدون تدخل بالمناهج والمحتوى والفاعليات والأنشطة، مما يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الهوية الثقافية للمجتمع المصري وعاداته وتقاليده. من جهة أخرى، يسهم هذا التوسع في زيادة الفجوة الطبقية بين فئات المجتمع، حيث يصبح التعليم الخاص حكرًا على الطبقات الأكثر ثراء، مما يزيد من العزلة الاجتماعية ويقلل من التفاعل بين الطبقات المختلفة ويزيد من الاحقاد الطبقية ويخلق "لكنات مستحدثه " ليست عربية ولا أجنبية ولا حتى الثبات على اللهجة العامية المصرية الاصيلة.
"التربية الأسرية بين الماضي والحاضر"
تختلف أساليب التربية بالمنزل بين الأجيال السابقة والحالية. في الماضي، كانت التربية تعتمد على القيم الدينية والأسرية والتقاليد الاجتماعية، مع تركيز كبير على الانضباط واحترام الكبار. وكانت الأسرة أكثر تماسكًا، والأطفال يتعلمون في بيئة تحكمها قيم
الانضباط والطاعة التي كانت تعتمد عليها التربية في الماضي استبدلت بالتربية الحديثة التي تشجع على الاستقلالية والتفكير النقدي، ورغم ان التربية الحديثة تعزز قدرة الطفل على التعبير عن نفسه. ولكن قد يؤدي هذا التحول أحيانًا بالتزامن مع باقي المتغيرات السابقة إلى صراعات بين الأجيال وتدمير للعادات والتقاليد الاصيلة بتغييرات سلبية تضر بالمجتمع وتماسكه، خاصة في ظل ما يحدث من تغيرات ثقافية واجتماعية سريعة.
فقد شهدت القيم والعادات والتقاليد في مصر تغيرات ملحوظة خلال الخمسين عامًا الأخيرة. في الماضي، كانت القيم الأخلاقية تعتمد على مبادئ دينية واجتماعية ثابتة مثل التعاون والاحترام والالتزام بالقيم الأسرية. ولكن مع مرور الوقت، بدأت هذه القيم تتراجع لصالح القيم الفردية والمنافسة نتيجة للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية وتأثيرات العولمة، وانتشار مصطلحات تخالف تقاليدنا المصرية الاصلية بالتركيز على الحرية والاستقلالية، لكن دون وجود ضوابط واضحة، وانتشار مفاهيم مثل “المرأة القوية” أو “الـ Strong Independent Woman”، التي تُقدم أحيانًا بشكل خاطئ في بعض المسلسلات، ما يساهم في ترسيخ عادات وتقاليد مستوردة تتعارض مع الهوية المصرية.
و كما أن انتشار الكمبوندات السكنية المغلقة ساهم في تعزيز الفوارق الطبقية والعزلة الاجتماعية، مما قلل من التفاعل بين طبقات المجتمع المختلفة.
"تأثير الأوضاع الاقتصادية"
تلعب الظروف الاقتصادية الصعبة دورًا كبيرًا في تشكيل سلوكيات الشباب. الاضطرابات الاقتصادية مثل البطالة وارتفاع تكلفة المعيشة ومستلزمات الدراسة ومصروفاتها، تولد شعورًا بالإحباط لدى العديد من الشباب، مما قد يؤدي إلى سلوكيات عدوانية أو عزلة اجتماعية. كما أن الوضع الاقتصادي قد يؤثر على تحصيلهم الدراسي، حيث يصبح اهتمامهم منصبًا على تلبية احتياجاتهم اليومية بدلًا من التركيز على التعليم.
مقترحات للحلول
لتجاوز هذه التحديات، يجب تبني نهج شامل يتضمن:
1. تعزيز دور الأسرة:
يجب على الأسرة أن تلعب دورًا أكبر في تربية الأبناء، وخلق بيئة تشجع على القيم الأخلاقية والعادات والتقاليد المصرية الأصلية الأصيلة، واقترح وضع دورات تدريبية لأولياء الامور الزامية توضع مع كتيب تطعيمات الطفل لترشدهم لطرق التربية السليمة من خلال خبراء في تخصص علم نفس الطفل ومراحل نموه وعلم الاجتماع والتربية.
2. إعادة الاهتمام بالفن والموسيقى في المناهج الدراسية:
من الضروري تغيير نظرة المجتمع تجاة دراسة الفنون وجعلها مواد لا انشطة هامشية، لتحفز إبداعهم وتفرغ طاقاتهم السلبية وتكتشف مواهبهم وترفع من درجة الذوق العام لجيل المستقبل.
3. تعزيز دور التربية الدينية:
يجب وضع مادة التربية الدينية داخل المجموع بنفس اهمية المواد الاخرى في سنوات النقل لمساعدة الطلاب على بناء شخصية أخلاقية متوازنة وتأسيسهم جيدا بعيدا عن التطرف، وعدم وضعها ضمن المجموع بالشهادات العامة.
4. تحسين الظروف الاقتصادية: يجب العمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية من خلال توفير فرص عمل وزيادة دور الاخصائي الاجتماعي بالمدارس وتقديم دعم للمتعثرين ماليا او دراسيا.
5. تعزيز القيم المجتمعية والعادات والتقاليد المصرية:
يجب تعزيز الحوار المجتمعي للتمسك بالعادات والتقاليد المصرية الأصيلة والقيم الأخلاقية والاجتماعية وتشجيع التعاون والتضامن.
في النهاية، فإن فهم العوامل المؤثرة في سلوك الشباب يتطلب منظورًا شاملًا يعالج جميع الجوانب التربوية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية. من خلال تبني حلول متكاملة، ووقتها يمكن بناء مجتمع أكثر تسامحًا وتوازنًا، يتمتع فيه الشباب بفرص أفضل لتحقيق إمكاناتهم.
كُنا قد تحدثنا في خبر د. وائل كامل يكتب: لماذا أصبح الشباب أكثر عدوانية؟.. تحليل لأسباب التغيرات السلوكية في المجتمع المصري - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
أخبار متعلقة :