تحولات "فن الحرب" - غاية التعليمية
(يمكن أن يتم خلق اضطراب والتأثير على سير الحياة العامة وخلق تشويش وفوضى، لكن دون بلوغ حالة الحرب تلك) ــ روسو
القراءة الأخرى لكتاب “فن الحرب” لسون تزو، بالعين التي تشاكس معنى الفن الحربي، كعملية منهجية جافة ومبتسرة من لمستها الإنسانية والكونية، ستحيلنا لا محالة إلى إعادة تقييم “الحرب”، ليس كفن مطلق، أو أفعال محكومة بالزمن العسكري وإرادة الإنسان المدفوع بقوة التجهز والارتهان المادي للأشياء، بل بتورية مخزون الأخلاق الحربية، وتجسير دوالها، وجعل عناصرها المحكمة للمصائر والارتهانات البعدية مشاركة في نقد التزييف والاستلاب والتجوهر في الذات الحربية.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
لا يهمنا هنا، في فكرة ارتباط “فن الحرب” بالذكاء العسكري والصناعات الحربية والاستراتيجيات الحربية والتفوق الكفاءاتي والاستخباراتي البشري والتدريبي والطقس الحربي، وما إلى ذلك من بواعث وضوابط النجاعة التنظيمية والتخطيطية قبل وبعد الإعلان عن الحرب، بل في التنبيه إلى خوالف وانثيالات هذه الأبعاد المشكلة لفعل الحرب وممارستها على نطاق واسع، وتوسيعها في جغرافيا العنف والاستيطان الرعبي، والتجريف الأخلاقي لجانب مهم من بدائل يمكن أن تكون أكثر مرونة من “الفن الحربي” ذاته. ليس بالفهم الحقيق نفسه لممارسة “تجزئ” تصورنا الإنساني وقصورنا الفهمي لتحول العبث أو المكارثية إلى منظومة “فن”، بل لتحول هذا الفهم إلى مناطق نفوذ واستقواء وعنجهية لا أخلاقية.
إنه لمن الطبيعي أن تتصادم الأنساق المعرفية التقليدية والمحدثة، حيث إن تكامل الأنساق المعرفية يستغرق وقتا. كما أنه ما لم تتغير أنساق المعرفة المهيمنة، تكون الأنساق التقليدية مهددة بخطر الزوال قبل أن تأخذ الوقت الكافي لتصبح جزءا لا يتجزأ من التغيير (*).
هذا المفهوم المتحرك للظواهر الإنسانية ينطبع لزوما في المركزية المشاعة لدلالة “الحرب”، حيث يعلو نسقها التقليدي المهيمن على المعرفة الجديدة بأساليب واستراتيجيات الحرب الحديثة على كل التجليات والرؤى الأخرى المتقاطعة مع حدود ما يصطلح عليه بـ”الإنتاج السوقي والاستهلاك”، فيصير التركيز على الخطاب المعرفي النمطي أعلى نفقا للتغيير التطوري. وهو ما يمكن تلمسه في هذه العملية التراتبية، القائمة على رفض الفصل بين قيم الوسائل وقيم الغايات. إذ إن “فن الحرب” قد يكرس شكلا من أشكال العسف بمزيج غير متساو مع حقيقته المجردة.
ولا نجد تبريرا في الكمائن الفلسفية المنتقاة من قبل من يسمون فضاضة “رعاة الفلسفة الاستعمارية”، كما هو الشأن بالنسبة لسيبولفيدا الذي دافع عن ما أسماه “السبب العادل للحرب ضد الهنود”، وبتقرب أقل، ما استلهم باطلا من مذهبية أرسطو بخصوص “العبودية الطبيعية”، وما استخرج منه لاحقا من كون الهنود “خدم بالفطرة”، لهذا “يكون الخير والحق لهم في أن يحكمهم البشر الذين هم أفضل منهم، لكونهم العقلانيين الأكثر اكتمالا في تقدمهم” (**).
ليس هذا فقط، بل إن دوسيل يذهب إلى أبعد من ذلك، فيقول إن “هذه الحرب وهذا الغزو عادلان للجميع، لأن أولئك البرابرة الجهلة الهمج (الهنود) خدم بالفطرة، من الطبيعي أن يرفضوا حكم الأكثر تبصرا والأقوى، حكم البشر الأكمل تطورا الذي يعود عليهم بالخير العميم، بحكم الطبيعة ومن أجل الخير للجميع، ينبغي أن تطيع المادة الصورة، والجسد يطيح الروح، والمتوحشون يرضخون اللاآدميين، وتطيع المرأة زوجها، والناقص يطيع الكامل، والأسوأ يرضخ للأفضل”.
(*) “نقض مركزية المركز” أوما ناريان وساندرا هاردنغ، عالم المعرفة ع 396 ج2 / 2013 ص 44
النشرة الإخبارية
اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة هسبريس، لتصلك آخر الأخبار يوميا
اشترك
يرجى التحقق من البريد الإلكتروني
لإتمام عملية الاشتراك .. اتبع الخطوات المذكورة في البريد الإلكتروني لتأكيد الاشتراك.
لا يمكن إضافة هذا البريد الإلكتروني إلى هذه القائمة. الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني مختلف.>
كُنا قد تحدثنا في خبر تحولات "فن الحرب" - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
أخبار متعلقة :