غاية التعليمية

"مختصر حرب تطوان" - غاية التعليمية

"مختصر حرب تطوان" - غاية التعليمية

غاية التعليمية يكتُب.. صدر للأستاذ عمر أشعاش في مطلع السنة الجارية 2025، كتاب من الحجم المتوسط عن حرب تطوان 1859-1860. المُنجز يكتسي أهمية خاصة، لا سيما أنه ينبع من مبادرة فردية غير أكاديمية تهدف إلى إحياء ذاكرة مدينة تطوان وتسليط الضوء على حقبة تاريخية حرجة من تاريخها. الكتاب من القطع المتوسط، يمتد على 250 صفحة، ويُمثل محاولة جادة لجمع تفاصيل مهمة من الأحداث التي عرفتها العلاقات المغربية الإسبانية قبل حرب تطوان، والتي رافقتها خلال الحرب، بالاعتماد على مزيج من المراجع المغربية والإسبانية.

اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.

ما يميز هذا العمل هو أن الكاتب نفسه يُقِرُّ في مقدمته بأنه ليس متخصصاً في مجال التاريخ، لكنه آثر أن يسهم بما يستطيع في توثيق الأحداث المرتبطة بالحرب الإسبانية المغربية (1859-1860) أو كما يسميها الإسبان “حرب إفريقيا”، التي تركت بصمات عميقة في تطوان وسكانها. اعتمد الكاتب على مصادر متعددة، أبرزها موسوعة الأستاذ محمد داود “تاريخ تطوان”، التي تُعد أحد أهم المراجع في هذا المجال، بالإضافة إلى وثائق ومصادر إسبانية تُسهم في تقديم منظور متوازن حول تلك الحقبة.

يتميز الكتاب بأنه ليس مجرد استعراض للأحداث العسكرية والسياسية فحسب، بل عمل يسعى لفهم الأسباب الكامنة وراء اندلاع الحرب، وتحليل نتائجها وما ترتب عنها من تغييرات سياسية واجتماعية كان لها تأثير كبير على مدينة تطوان بشكل خاص، وعلى مستقبل المغرب بشكل عام وامتداداتها الإقليمية.

رغم أن الكاتب يشير في المقدمة إلى أنه اكتفى بجمع الوثائق وترتيبها وعرضها، إلا أن القراءة في هذا المُنجز تُتيح فرصة استكشاف أن العمل يتجاوز مجرد التوثيق إلى محاولة لإعادة ربط حاضر المدينة بماضيها، وجعل التاريخ أداة لفهم التحديات التي واجهتها مدينة تطوان عبر الزمن ودورها البارز في العلاقات الخارجية للدولة المغربية. لذا، فإن الكتاب ليس فقط سرداً للأحداث، بل هو دعوة للتأمل في الذاكرة الجماعية للمدينة وأهلها وعلاقتها بمحيطها الإقليمي المتوسطي والدولي.

الكتاب لا يكتفي بتوثيق تفاصيل الحرب ومجرياتها العسكرية، بل يحاول فهم وشرح جذور النزاع، بما في ذلك الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مهدت لهذه المواجهة، وتأثيرات الهيمنة الاستعمارية على مدينة تطوان والمغرب عموما. كما يتناول ما ترتب عن الحرب من نتائج خطيرة، أبرزها احتلال المدينة لفترة مؤقتة وما صاحب ذلك من آثار نفسية وثقافية عميقة على سكانها.

من خلال هذا العمل، يفتح المؤلف نافذة على ذاكرة تطوان، محاولاً إبقاء الوعي التاريخي حيّاً في أذهان الأجيال الجديدة. فهو يقدم دعوة صريحة للتأمل في العلاقة بين الماضي والحاضر، بين التاريخ والسياسة، وبين الفرد والمجتمع. وبالرغم من افتقار المؤلف إلى التخصص الأكاديمي، إلا أن روح الشغف والحب لمدينته والرغبة في توثيق جزء من هويتها، تجعل من هذا الكتاب خطوة تستحق التقدير والاهتمام.

إن قراءة هذا الكتاب ليست مجرد رحلة لاستكشاف أحداث الحرب وآثارها، بل هي تجربة تُحَفِّزُ القارئ لفهم دور التاريخ في تشكيل حاضر المنطقة. من خلال هذا الكتاب، يُمكن للقارئ أن يعيش تجربة تطوان وأهلها، ويستشعر المعاناة والأمل اللذين شكّلا جزءاً من ذاكرتهم الجماعية.

“مختصر حرب تطوان”: نافذة على تاريخ المغرب

يُعيدنا كتاب “مختصر حرب تطوان 1859-1860″، لمؤلفه الأستاذ عمر أشعاش، إلى لحظة مفصلية من تاريخ المغرب، حيث تتشابك خيوط السياسة والدبلوماسية والحرب، وحيث يلتقي صمود الشعوب بتحديات الطموحات الاستعمارية. الكتاب ليس فقط سرداً لأحداث الحرب، بل هو شهادة تاريخية تعكس تقلبات الزمان وتأثير القوى الكبرى على مصير الأمم.

ينطلق الكاتب بتعريف دقيق وشامل لمدينة تطوان، موضحاً أهميتها التاريخية والجغرافية كواجهة شمالية تربط المغرب بأوروبا وبالعالم. وحاول الكاتب بقراءة تحليلية للوثائق والمخطوطات التي حصل عليها ملامسة تعقيدات النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمنطقة، التي شكّلت الخلفية الحية للأحداث التي عجَّلت بإعلان حكومة الملكة إيزابيل الثانية الحرب على المغرب واحتلال مدينة تطوان.

يستعرض الكتاب العلاقات بين المغرب وإسبانيا التي تراكمت على مر العقود، بدءاً من معاهدات الصداقة التي وُقِّعت بحذر، وصولاً إلى النزاعات الحدودية الدائمة. وقد أبرز الكاتب دور الحكام والسلاطين المغاربة في محاولة الحفاظ على سيادة البلاد، وركز بشكل خاص على شخصية الحاج عبد الرحمن أشعاش قائد تطوان، وعلاقته بسلاطين المغرب، المولى اليزيد والمولى هشام. كما تطرّق أيضاً إلى الأطماع الدولية التي امتدت خلال هذه الحقبة لتشمل محاولات أمريكية للحصول على جزيرة ليلى، في إشارة واضحة إلى أن المغرب لم يكن معزولاً عن مخططات القوى العظمى الاستعمارية في المنطقة.

الخلافات الحدودية ومعاهدات الصداقة

كان احتلال إسبانيا للجزر الجعفرية وتوسيع المناطق المحيطة بمليلية مقدمة مباشرة لحرب تطوان. وعبر صفحات الكتاب، يتغلغل الكاتب في التفاصيل الدقيقة لتلك الخلافات، مستنداً إلى وثائق مغربية وإسبانية تبرز دهاء الدبلوماسية الإسبانية ومَكْرها وتحايلها، وهو ما أضفى على الكتاب مصداقية تاريخية تعزز قيمته العلمية.

احتلال تطوان

يتناول الكتاب مرحلة الحرب (ص94 وما بعدها)، ويرصد التفاصيل الدقيقة عن استعدادات الجانبين، ويُبرز تعيين السلطان المولى محمد بن عبد الرحمن شقيقه المولى العباس قائداً أعلى للجيش، مُسلطاً الضوء على القرارات المصيرية التي اتُّخذت في تلك اللحظة الحرجة من تاريخ المنطقة، كما يتناول الكتاب بدقة وتفصيل لحظات سقوط تطوان، نزول الجيش الإسباني في شاطئ مرتيل والسيطرة على المدينة، وهو الحدث الذي يصفه الكاتب بأنه جرح غائر في الذاكرة المغربية. كما يُبرز الكتاب تفاصيل دقيقة عن إعادة إعمار المدينة تحت السيطرة الإسبانية، وتغيير أسماء أبوابها، وتأسيس مجلس بلدي لمدينة تطوان يعتبر الأول من نوعه في المغرب، واختيار أعضائه من أعيان المدينة من مسلمين ويهود، مما يعكس محاولات الإسبان ترسيخ هيمنتهم ونظامهم وإضفاء طابع إسباني على المدينة.

يهود تطوان: حضور لافت

يُسلط الكتاب الضوء على الدور الذي لعبه يهود تطوان، من خلال حضورهم الاجتماعي والاقتصادي، وأهميته في سياق التحولات الكبرى، ويشير إلى تأسيس أول مدرسة يهودية عصرية في المغرب بمدينة تطوان (ص157-158) ومشاركة يهود تطوان في تسيير المدينة من خلال عضوية أعيانهم في المجلس البلدي للمدينة، وهو ما يعكس دورهم السياسي والثقافي في ظل الاحتلال وبعده.
عودة السيادة وشروط الصلح المُجحفة

يختم الكتاب بفصلٍ مهم عن استرجاع مدينة تطوان، متناولاً تفاصيل معاهدة الصلح التي كانت بمثابة طوق نجاة، لكن بشروط ثقيلة على المغرب. كما يشير إلى عودة القائد الحاج عبد القادر أشعاش لتولي زمام قيادة المدينة، في لحظة تُجسّد استمرار التغلغل الأجنبي في المغرب وتنامي أطماع القوى العظمى في احتلال المغرب وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا.

ما يميز هذا العمل أن مؤلفه، وهو حفيد القائد الحاج عبد القادر أشعاش، لا يكتفي بسرد الأحداث، بل ينقل روحها بأسلوب سهل ومباشر يمزج بين التوثيق ورواية أحداث تأخذنا في رحلة إلى ماضٍ مليء بالتحديات والآمال، مستندا إلى وثائق تاريخية ومراسلات مغربية وإسبانية.

“مختصر حرب تطوان” ليس مجرد كتاب تاريخي؛ إنه دعوة للتأمل في ماضينا لفهم حاضرنا، ودرسٌ في صمود المغاربة من شمال المملكة أمام التحديات الكبرى بقدر ما يُميط اللثام عن مستوى الضعف والانهيار الذي كانت عليه الدولة المغربية آنذاك. بهذا الكتاب وهذا الكم الغزير من الوثائق والمخطوطات بتنوع مصادرها، يُقدّم الكاتب الأستاذ عمر أشعاش عملاً جديراً بأن يُقرأ ويُناقش، ليس فقط لفهم أحداث تلك الحرب، بل لفهم الدروس المستفادة منها واعتمادها من طرف الباحثين والمهتمين بتاريخ المنطقة ودورها في صناعة تاريخ المغرب، وفهم حاضر ومستقبل العلاقات المغربية الإسبانية.

كُنا قد تحدثنا في خبر "مختصر حرب تطوان" - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.

أخبار متعلقة :