غاية التعليمية

تفكيك "خلية الأشقاء" الإرهابية يرفع منسوب الثقة في المؤسسات الأمنية - غاية التعليمية

تفكيك "خلية الأشقاء" الإرهابية يرفع منسوب الثقة في المؤسسات الأمنية - غاية التعليمية

غاية التعليمية يكتُب.. سلّط الدكتور عبد الله بوصوف، الخبير في العلوم الإنسانية، الضوء على الأهمية الكبرى للأمن والاستقرار في المغرب، مبرزا الدور الريادي الذي تلعبه الأجهزة الأمنية، وخاصة المكتب المركزي للأبحاث القضائية (البسيج)، في مواجهة التهديدات الإرهابية.

اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.

وأبرز بوصوف، في مقال توصلت به هسبريس بعنوان “الحاجة إلى أمل متجول وليس إلى عدمية متجولة”، أن العملية الأمنية التي أحبطت مخطط “خلية الأشقاء” بمنطقة حد السوالم لم تكن مجرد استعراض للقوة؛ بل حملت دلالات تواصلية تعزز ثقة المواطن في مؤسساته الأمنية.

واستحضر الخبير في العلوم الإنسانية مسرحية “موت تاجر متجول” لآرثر ميلر، مستعينا بها لتشبيه بعض الظواهر السلبية في المجتمع، مثل تجار الدين والسياسة وصناع الوهم الذين يوهمون الناس بالنجاح الزائف، كما فعل بطل المسرحية “لو مان”، مشيرا إلى أن “هؤلاء التجار يستغلون حاجة المجتمع إلى الأمل؛ لكنهم في الواقع يغذون مشاعر الإحباط والكراهية، مما يجعلهم في مواجهة مباشرة مع الفاعل الديني الحقيقي، الذي يجب أن يكون حاملا لرسالة التسامح والتعايش، بدلا من التورط في خطابات متطرفة أو تبريرية للعدمية”.

ودعا الكاتب المغربي، في ختام مقاله، إلى تعزيز خطاب الأمل ومواجهة التيارات الهدامة التي تنشر العدمية عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن “مواجهة التطرف لا تقتصر على الجانب الأمني فقط؛ بل تحتاج إلى استنهاض الوعي المجتمعي والعودة إلى القيم الأصيلة التي دعت إليها خطابات الملك محمد السادس، القائمة على الوسطية والاعتدال وبناء وطن يسع جميع أبنائه”.

نص المقال:

لم تعد اليقظة الأمنية أو الجاهزية وغيرها من الخصائص، التي يتمتع بها الجهاز الأمني المغربي بكل مستوياته، موضوعا إخباريا أو مادة لسبق صحافي؛ بل إن الجهاز ذاته وما عُرف عن مسؤوليه من حنكة ورؤية استباقية، سواء تعلق الأمر بالجانب البشري أو اللوجيستيكي، هو ما دفع بأقوى الأجهزة الأمنية العالمية إلى عقد شراكات تعاون وتنسيق مع الجهاز المغربي من أجل محاربة الجريمة العابرة للقارات والإرهاب الدولي.

لذلك، فالعمل النوعي الذي قامت به عناصر “البسيج” يوم 25 يناير من سنة 2025 لإجهاض أحلام إرهابية بمنطقة حد السوالم أو ما عُرف بـ”خلية الأشقاء” لم يكن الهدف منه هو استعراض العضلات؛ بل إن العملية التواصلية التي رافقت العملية الأمنية، بدءا من نشر وقائع التدخل النوعي إلى عقد مؤتمر صحافي من أجل تقديم تفاصيل العملية للرأي العام المغربي، أشّرت على مستوى عالٍ في التواصل من أجل ضمان حق المواطن في الأمن.

لذلك، فإن نشر وقائع “حد السوالم” فيه الكثير من رسائل الاطمئنان والسكينة وأن للمغرب عيونا ساهرة على أمنه.

ولأن رب ضارة نافعة، فإن حادثة “خلية الأشقاء” تحمل رسائل مفادها أن صيانة حق المواطن في الأمن هو مسؤولية الجميع وليس الفاعل الأمني وحده الذي يحتاج إلى خدمات الفاعل السياسي والحزبي والإعلامي والمثقفين والقوى الحية للوطن.

ونعتقد، من جهة أخرى، أن مسرحية “موت تاجر متجول” للعملاق الأمريكي آرثر ميلر سنة 1949 وأسلوبها الواقعي / السيكولوجي تصلح أن تكون موضوع إسقاط لحالات اليأس والعدمية المتجولة في أكثر من مجال، حيث كثر تجار الدين والسياسة وبائعو الوهم وصانعو الكراهية والخوف وهم يقفون على قدم المساواة مع السيد “لو مان” بطل المسرحية الذي يحمل اسمه “لومان” معاني الرجل الوضيع والرخيص بإمكانيات محدودة وقدرات خجولة؛ لكنه يجيد الاختباء وراء وهم الشعور بالعظمة والنجاح ويسعى إلى تحقيق الحلم الأمريكي أي الشهرة والثروة…

فتجار الوهم / الموت يمتهنون أو ينتحلون وظائف تضفي عليهم سحرا خاصا، كما أنهم يعيشون حياة مترفة تكسبهم بعض المصداقية أو بعض الوجاهة الاجتماعية من لدن الطبقات المستهدفة والغاضبين والمهمشين ومن يمثلهم ويشببهم في مسرحية “موت تاجر متجول” أي أبناء لومان وزوجته.

وفي المقابل، هناك الفاعل الديني بكل تمثلاته الوظيفية و”نفوذه الأدبي” والذي يجب ألا نرى فيه السيد “لومان” الباحث فقط عن الثروة والشهرة مستعملا كل أدوات الخداع…

لأن الفاعل الديني ليس بتاجر؛ بل هو أرقى بكثير، فهو حاضن للهوية ومؤتمن على الدين وعلى الأمن الروحي.. كما أن الفاعل الديني يجب ألا يشبه “لومان” في حلوله التراجيدية والمتطرفة واختياره الانتحار من أجل مبلغ التأمين يتركه لأبنائه..

فالمفروض على الفاعل الديني نشر ثقافة التعايش والتسامح، وأن يكون السقف الآمن وينشر ثقافة الأمل في غد أفضل.. وهنا نكون أمام معادلة صعبة؛ أحد طرفيها فاعل ديني محصن بتكوين علمي عال ويجيد لغة الإعلام والحوار وقبول اختلاف الآخر والعيش المشترك، وطرف ثان (السيد لومان) الذي يجيد لغة الخداع وبيع الوهم وقدرات علمية محدودة وله استعداد لاعتناق حلول راديكالية؛ بما فيها الموت وقتل النفس والتشجيع عليه.

لكن صرخة الزوجة ليندا “تحررنا” على قبر زوجها “لومان” هي بمثابة رصاصة الرحمة على القيم المزيفة والأفكار التحريضية التي كان يحملها زوجها “لومان”.. ويجب أن تكون كذلك صرخة للتحرر من إيديولوجيات سياسية متطرفة وخلفيات دينية دخيلة على البيئة الثقافية المغربية من حيث شرعيتها التاريخية واعتدالها وتسامحها..

إننا اليوم في حاجة إلى الرفع من منسوب الأمل في غد أفضل، بدل عدمية متجولة بكل حرية في مختلف شبكات التواصل الاجتماعي ومنصات صناعة الكراهية والخوف العابرة للقارات.. وما دام تجار الموت قد كشفوا عن وجوههم في “محطة” حد السوالم، فهذا يعني إعلان عن بداية نهاية محور الكراهية أمام محور الأمل..

فهل يجب التذكير مرة أخرى بالعديد من خطابات الملك محمد السادس بخصوص الابتعاد من خطابات التيئيس والعدمية والممارسات التضليلية البالية؟ هل يجب إعادة التذكير بدعوة أمير المؤمنين إلى الوسطية والاعتدال والتسامح؟ وهل يجب التذكير بخطاب القيم الإنسانية والجدية في بناء وطن يتسع لجميع أبنائه ويحتضن كل فرقائه تحت سقف “الله الوطن الملك”.

كُنا قد تحدثنا في خبر تفكيك "خلية الأشقاء" الإرهابية يرفع منسوب الثقة في المؤسسات الأمنية - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.

أخبار متعلقة :