هازان: المغرب يوفر الإرادة السياسية لإلغاء الإعدام من القانون الجنائي - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. قال رافايل شينويل هازان، المدير العام للجمعية الفرنسية “جميعا ضد عقوبة الإعدام” (ECPM)، التي تعقد المؤتمر العالمي ضد هذه العقوبة كل ثلاث سنوات، إن تصويت المغرب في 17 دجنبر الماضي لفائدة قرار الإيقاف العالمي لتنفيذ عقوبة الإعدام أمام اللجنة الثالثة للأمم المتحدة، والتوقف عن الامتناع، “يقوي أرضية خصبة يتوفر عليها المغرب الذي يعيش في وضع يشبه الإلغاء، بما أنه لم يطبق العقوبة منذ 1993″، كما يعكس “نضجا في الإرادة السياسية”.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
شنويل هازان، الأمين العام الأسبق نائب الرئيس السابق للتحالف العالمي ضد عقوبة الإعدام، لفت في هذا الحوار الذي خص به هسبريس إلى أن وجود وجهة نظر “شرسة” بالمغرب تدافع عن العقوبة السالبة للحياة، “لا يصرف النظر عن شيء مهم أيضا، هو وجود أصوات صلبة تدافع عن طرح التخلي عنها”، وزاد: “لهذا، أرى أن التصويت المغربي قرار سياسي يمثل جزءا من مسار متواصل شرعت في إرسائه المملكة على مدار العشرين سنة الماضية”.
وعند استفساره حول قراءتهم على مستوى المنظمة البارزة عالميا بخصوص إمكانية التحاق المغرب قريبا بركب “الإلغاء” ومن ثم تعبيد الطريق أمام “احتضان النسخة العاشرة من المؤتمر العالمي”، لم يستبعد المتحدث ذلك مع أنه لم يعرب عنه صراحة، وقال: “نعرف كلنا أن المغرب في السنوات الأخيرة أظهر قدرته الرائعة على تنظيم أحداث مهمة وكبيرة حول قضايا حقوق الإنسان، ولنأخذ المنتدى العالمي لحقوق الإنسان في مراكش سنة 2014 بمشاركة الآلاف كأفضل مثال”.
نص الحوار:
في نقاش سابق لنا بالعاصمة الألمانية برلين على هامش المؤتمر العالمي الثامن لإلغاء عقوبة الإعدام، اعتبرتَ أن المغرب لديه وضع خاص في شمال إفريقيا والشرق الأوسط لكونه لم يطبق العقوبة منذ 1993. الرباط صوتت لأول مرة بالإيجاب على قرار الإيقاف العالمي لتنفيذ عقوبة الإعدام أمام اللجنة الثالثة للأمم المتحدة. كيف تلقيتم هذا النبأ؟
في منظمة “جميعا ضد عقوبة الإعدام”، أفرحنا كثيرا هذا النبأ باعتباره الخطوة الأساسية والركيزة الرئيسية نحو إلغاء العقوبة. القرار ليس ملزما من الناحية القانونية، ولكن التصويت مؤشر على نضج الإرادة السياسية للدول بشأن الكف عن تفعيل القتل باسم القانون. وهو بمثابة تكريس لموقف يسانده المجتمع الدولي.
في حالة المغرب، نرى أن التصويت لديه أهمية خاصة؛ لأنه نتاج سنوات عديدة من التفكير المشترك ونمو الإرادة السياسية. كما أنه مهم، بشكل استثنائي، بالنظر لاتخاذ القرار في سياق إعادة النظر الحالية في مجموعة القانون الجنائي المغربي. وهو مشروع كبير تشتغل عليه وزارة العدل.
كما أن المملكة لديها وضع خاص؛ فهي تحظى بموقع استراتيجي يجعلها في قلب مناطق جغرافية عدة: إفريقيا، أوروبا، البحر الأبيض المتوسط والعالم العربي والإسلامي. ولا حاجة للتذكير بأن القارة الأوروبية تقدمت في إلغاء العقوبة على كافة الأصعدة، لا سيما دول البحر الأبيض المتوسط المجاورة للمملكة المغربية مثل إسبانيا وإيطاليا وفرنسا.
لا شك عندي في أن القارة الإفريقية ستكون هي التالية في هذا المسار المتعلق بحذف الحكم القضائي السالب للحياة من التشريع. هذا الفضاء من الأرض يشهد دينامية لا غبار عليها، ولنذكر أنه مؤخرا ألغت زامبيا وزمبابوي عقوبة الإعدام. أما في ما يتصل بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فقد أجرت الجمعية رصدا بين أن أكثر من الثلثين من أعضاء منظمة التعاون الإسلامي يؤازرون طرح الإلغاء إما في القوانين أو من خلال تعليق التنفيذ.
كل هذا يجعل هذه العقوبة أقل استخداما حتى في العالم الإسلامي، طبعا باستثناء المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية. ولكن المغرب عموما من حيث القيم لديه ارتباط أكبر بإفريقيا وأوروبا.
بالنسبة للإلغاء بالمغرب، يبدو ذلك “صعبا”. ونحن على بينة بوجود “ممانعة قوية” داخل البلد تعاند تغييب العقوبة من التشريع الوطني. لهذا رغم أن بلدنا صوت لصالح القرار الأممي، إلا أن مناضلين حقوقيين يستبعدون الإلغاء من القوانين المغربية قريبا ويتوقعون التقليص في الأحكام فقط. ما رأيك؟
أتصور أنه حتى لو كانت هناك ممانعة ورفض كبيرين، فيجب ألا ننسى أن المملكة المغربية هي بلد يستوعب بالضرورة أصواتا صلبة تدافع عن طرح التخلي عن الإعدام. لهذا، أرى أن هذا القرار السياسي هو جزء من مسار متواصل شرعت في إرسائه المملكة على مدار العشرين سنة الماضية حيث تم التأسيس لإصلاحات تشريعية عدة، أهمها الإصلاح الدستوري سنة 2011؛ فهذه الوثيقة الجديدة نصت في فصلها الـ20 على أن “الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان. ويحمي القانون هذا الحق”.
وفي 2014، أدى إصلاح قانون القضاء العسكري إلى إلغاء عشرات الأحكام المتعلقة بعقوبة الإعدام، مما حد من نطاق تطبيقها. وهذه الدينامية ستدعمها شرعية ملكية أيدت بوضوح الحوار بشأن العقوبة. كما رحب الملك بجهود الجمعيات التي تعضد نقاش الحق في الحياة، في رسالة غير مسبوقة تؤكد راهنية الحوار المفتوح وجدوى تحركات المجتمع المدني.
الملك قال حينها في رسالة موجهة للمشاركين في أشغال الدورة الثانية للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان سنة 2014: “نشيد بالنقاش الدائر حول عقوبة الإعدام، بمبادرة من المجتمع المدني، والعديد من البرلمانيين ورجال القانون. وسيمكن هذا النقاش من إنضاج وتعميق النظر في هذه الإشكالية”.
هيئة الإنصاف والمصالحة أيضا تمخضت عنها توصيات هامة أدرجت في قلب الدستور..
تماما، فهذه الهيئة التي تأسست بمقتضى قرار ملكي في يناير 2004، وكانت آلية للعدالة الانتقالية، قدمت تقريرها النهائي سنة 2006 بعد جلسات استماع ولقاءات. ومن التوصيات الهامة بشأن عقوبة الإعدام، دعا التقرير، وبوجه خاص، إلى تقليص نطاق عقوبة الإعدام والتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يهدف إلى إلغائها. وقد تابعنا لاحقا كيف أعرب عدد من وزراء العدل المغاربة علانية عن تأييدهم لإحراز تقدم في النقاش.
وأنت تعرف أن حديث وزير العدل السابق، محمد أوجار، خلال افتتاح المؤتمر العالمي السابع لمناهضة عقوبة الإعدام الذي نظمته جمعيتنا في البرلمان الأوروبي ببروكسل سنة 2019 كان الأول من نوعه. وبعد شهور، دعا وزير العدل المجلس الوطني لحقوق الإنسان والائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام وجمعية “جميعا ضد عقوبة الإعدام” لعقد مائدة مستديرة حول الموضوع بمقر الوزارة.
ثم، قبل سنتين من الآن، أي تحديدا سنة 2022، شارك وزير العدل الحالي، عبد اللطيف وهبي، في الجمع العام للائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، المنظم من طرف الائتلاف سالف الذكر والمرصد المغربي للسجون و”ECPM”. أعلن الوزير حينها أن هذه العقوبة تعتبر “من بين أهم الأوراش التي انصب عليها إصلاح العدالة الجنائية”.
أضف إلى ذلك أن المغرب يتوفر على مؤسسة دستورية هي المجلس الوطني لحقوق الإنسان. هذه المؤسسة لديها دور ريادي في الترافع المحلي ومكافحة العقوبة، وقد نادت مرارا وتكرارا بالإلغاء في مختلف المحافل الوطنية والإقليمية والدولية. كما أنها تنخرط بانتظام في المبادرات التي يقودها المجتمع المدني، ولا سيما الائتلاف المغربي، والشبكات المدنية وجمعيتنا أيضا. وبالنسبة لآمنة بوعياش، رئيسة المجلس منذ 2018، فإن موقف الهيئة الداعي إلى إلغاء عقوبة الإعدام وترسيخ الحق في الحياة راسخ ومؤكد.
بذكرك المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كيف تنظرون على مستوى الجمعية “ECPM” إلى التعاون معه كهيئة رسمية تقرب البلد من الالتحاق بالدول التي أسقطت “العقوبة الوحشية” من تشريعاتها؟
بالتأكيد، نحن في جمعيتنا نراهن بشكل كبير على المجلس. فدوره رئيسي ضمن طريق الإلغاء بالمملكة المغربية. أكثر من ذلك، نحن نعد هذه المؤسسة من أكثر الهيئات الرسمية نشاطا في العالم بخصوص هذا النقاش. وذلك من خلال الترافع المستمر، واشتغال المجلس ولجانه الجهوية على تتبع وحماية حقوق الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام، وكذا تنظيم زيارات دورية لفائدتهم لرصد أوضاعهم، ونشر النصائح والتوصيات والمذكرات وتمتين التوعية التي تستهدف كذلك الشباب. فضلا عن تعاونه المتواصل مع الفعاليات المدنية الداعية للتخلص من القتل أو الثأر باسم القانون.
كيف تتوقعون حضور المغرب خلال المؤتمر العالمي التاسع ضد عقوبة الإعدام علما أن المشاركة الأخيرة في برلين كانت مميزة؟
هذا مهم، وبطبيعة الحال من الممكن توجيه دعوة إلى السلطات المغربية رفيعة المستوى للحضور إلى المؤتمر العالمي المقبل لتسليط الضوء على هذه الخطوة الأساسية المتعلقة بالتصويت لفائدة القرار الأممي ولنكتشف لم لا تذهب الرباط إلى أبعد من ذلك لتظهر أن المغرب رائد إقليمي وعالمي.
إلى أين أفضى رهانكم على الشباب، ففي النسخة الفائتة من المؤتمر كان التركيز على مشاركة الشباب ضمن “AbolitionNowTour”؟
ما يزال هذا الرهان متواصلا؛ لأننا في الجمعية نؤمن بنهج حقوقي يرتكز على إشراك هذه الفئة الحيوية. الأمر يضمن تحويل الشباب إلى عامل تغيير رئيسي. ومشاركتهم في الحياة السياسية والاجتماعية والبيئية والاقتصادية تنال لدينا عناية فائقة، وهي ضرورية للتقدم نحو التنمية الشاملة والمستدامة التي نتطلع جميعا إليها.
وبالطبع، هذا التصور ينطبق أيضا على ديناميات إلغاء عقوبة الإعدام. و”ECPM” تتشبث وشركاؤها بالاشتغال أكثر على هذا الأمر المتعلق بفئات الشباب.
الرباط احتضنت المؤتمر الجهوي لإلغاء عقوبة الإعدام سنة 2012، لكن هل يمكن أن يستقبل البلد المؤتمر العالمي العاشر مثلا ويكون أول بلد في المنطقة المغاربية والعربية والإفريقية الذي يقوم بذلك؟
نعرف كلنا أن المغرب في السنوات الأخيرة أظهر قدرته الرائعة على تنظيم أحداث مهمة وكبيرة حول قضية حقوق الإنسان. خذ المنتدى العالمي لحقوق الإنسان في مراكش في عام 2014، بمشاركة الآلاف، كأفضل مثال. ولا أخفيك أن لدي حلم بأن المغرب في يوم من الأيام سيقود هذه الحركة العالمية لإلغاء عقوبة الإعدام؛ لأن الإلغاء العالمي لهذه العقوبة أمر مؤكد، فهي لم يعد لها مكان في عصرنا تماما مثل التعذيب أو الرق أو الاستعمار.
كُنا قد تحدثنا في خبر هازان: المغرب يوفر الإرادة السياسية لإلغاء الإعدام من القانون الجنائي - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
أخبار متعلقة :