غاية التعليمية

أ.د. عطية السيد يكتب ..«أيَّ شيء عَرَفَ من لم يعْرِف ربَّه ؟!» - غاية التعليمية

أ.د. عطية السيد يكتب ..«أيَّ شيء عَرَفَ من لم يعْرِف ربَّه ؟!» - غاية التعليمية

غاية التعليمية يكتُب.. أيَّ شيء عَرَفَ من لم يعْرِف ربَّه ؟!
ومَنْ عَرِفَ الآمِرَ سَهُلَتْ عَلَيهِ الأوامِر...
▪ونستكمل الحديث عن أنواع الظلم،، وقد سبق القول بأن الظلم أنواع ودرجات...
واعلم حفظك الله بأن أعظم الظلم ذنبا،، وأسوأه عاقبة ومآلا،، هو الظلم بأن يشرك الخلق بخالقهم ربا غيره،، أو أن يعبدوا من دونه أحدا سواه..
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية : "الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ".. الأنعام : ٨٢"، شَقَّ ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا : أيُّنا لم يظلم نفسه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ليس كما تظنون، إنما هو كما قال لقمان لابنه : "يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ".. "لقمان : ١٣".. "متفق عليه"..
لما ظن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن ارتكاب المعاصي هو المقصود من "الظلم" في قوله جل وعلا "ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، فبين لهم المعصوم صلى الله عليه وسلم أن المقصود بالظلم هنا هو ما جاء في وصية لقمان لابنه بأن الظلم العظيم، والذنب الذي ليس فوقه ذنب هو الشرك بالله..
بل من أكبر الظلم أن لا يعرف الإنسان ربه،، وأن ينشغل في الدنيا : معرفة وعلما وتعلقا ورجاء وأملا،، بغير الله عز وجل..
▪إن جمال الحياة،، وسر السعادة في الوجود،، ورغد العيش والطمأنينة،، إنما هي في معرفة الله،، ولله در ابن القيم رحمه الله،، كان يقول : "أي شيء عرف من لم يعرف الله ورسله، وأي حقيقة أدرك من فاتته هذه الحقيقة، وأي علم أو عمل حصل لمن فاته العلم بالله والعمل بمرضاته ومعرفة الطريق الموصلة إليه، وماله بعد الوصول إليه"..
- إن الإنصاف مع النفس أن تعرف خالقها وأن تتقرب إليه بالطاعة، ولذلك كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول : "ولا ريب أن أجلَّ معلوم وأعظمه وأكبره هو الله الذي لا إله إلا هو رب العالمين، وقيوم السموات والأرضين، الملك الحق المبين، الموصوف بالكمال كله، المنزه عن كل عيب ونقص.. وإن اللذة والفرحة وطيب الوقت والنعيم الذي لايمكن التعبير عنه إنما هو في معرفة الله سبحانه وتعالى وتوحيده والإيمان به، وليس للقلوب سرور ولا لذة تامة إلا في محبة الله والتقرب إليه بما يحبه، ولا تُمْكِن محبته إلا بالإعراض عن كل محبوب سواه"..
ثم يكمل رحمه الله فيقول : "ولاسعادة للعباد ولاصلاح لهم ولانعيم، إلا بأن يعرفوا ربهم ويكون وحده غاية مطلوبهم، والتعرف إليه قرة عيونهم، ومتى فقدوا ذلك كانوا أسوأ حالا من الأنعام، وكانت الأنعام أطيب عيشا منهم في العاجل وأسلم عاقبة في الآجل"..
ثم يختم ابن القيم رحمه الله بما لا مثيل له من بيان أن معرفة الله والأنس به هما جماع الخير كله،، وأن من فقدها فقد ظلم نفسه ظلما مبينا،، يقول : "والفرح والسرور وطيب العيش والنعيم، إنما هو في معرفة الله وتوحيده والأنس به والشوق إلى لقائه، واجتماع القلب والهمة عليه.. وإن أنكد العيش : عيش من قلبه مشتت، ولو تنقل القلب في المحبوبات كلها لم يسكن ولم يطمئن، ولم تقر عينه، حتى يطمئن إلى إلهه وربه ووليه، الذي ليس من دونه ولي ولا شفيع، ولاغنى له عنه طرفة عين"..
▪ثم اعلم حفظك الله بأن تمام المعرفة بالله ومحبته لا تكون ولا تكتمل إلا باتباع أوامره واجتناب نواهيه، واتباع نبيه محمدا صلي الله عليه وسلم والسير علي هديه.. وكل من ادعى محبة الله ولم يوافق الله في أمره، ولم يهتدي بهدي نبيه صلى الله عليه وسلم، فقد ظلم نفسه، ثم إن دعواه باطلة..
قال الله وهو أصدق القائلين :
- "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ".. "المائدة : ٥٤"..
- "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ".. "آل عمران : ٣١"..
- كان يحيى بن معاذ رحمه الله يقول : "ليس بصادق من ادعى محبة الله ولم يحفظ حدوده".. "كتاب كلمة الاخلاص لابن رجب الحنبلى رحمه الله"
- وكان الإمام ابن القيم رحمه الله : "من أعجب الأشياء أن تعرف ربك ثم لا تحبه، وأن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الإجابة، وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعمل لغيره، وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له، وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته".. "الفوائد"..
يارب : يا ربنا، ويا خالقنا، ويا سيدنا، ويا مولانا، ويا غاية رغبتنا : نسألك أن ترزقنا حبك، وحب من يحبك، وحب كل عمل صالح يقربنا من حبك، وأن تعتق رقابنا، ورقاب آبائنا وأمهاتنا والمسلمين من النار...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أ.د. عطية السيد وكيل كلية التربية بجامعة الأزهر للدراسات العلياوالبحوث
ونائب رئيس مجلس إدارة هيئة ضمان الجودة والإعتماد

اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.

كُنا قد تحدثنا في خبر أ.د. عطية السيد يكتب ..«أيَّ شيء عَرَفَ من لم يعْرِف ربَّه ؟!» - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.

أخبار متعلقة :