الكائنات البحرية في منطقة المد والجزر - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. منطقة المد والجزر في البحر هي المنطقة التي ينحسر عنها الماء في أدنى جزر ويغطيها الماء في حالة المد، وتحدث حالتا المد والجزر مرتين في اليوم في معظم بحار العالم بما فيها الخليج العربي، ويسمى أدنى جزر بالعامية قراح (وتلفظ القاف جيما قاهرية)، كما يسمى أعلى مد بالعامية طفوح، وعندما يكون البحر في حالة المد التي تستغرق نحو ست ساعات فيقال بالعامية «الماية سَجي»، أما في حالة الجزر التي تستغرق أيضا نحو 6 ساعات فيقال بالعامية «الماية ثَبر».
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
وتختلف مساحة المناطق التي ينحسر عنها الماء على سواحل الكويت، فقد لا يزيد انحسار الماء على 60 متراً في بعض المناطق مثل ساحل الفنطاس، وقد يصل إلى أكثر من كيلومترين في مناطق أخرى مثل ساحل الصليبيخات، وذلك يعتمد على عمق المنطقة وتضاريسها، كما أن مساحة المنطقة التي ينحسر عنها الماء تختلف من يوم إلى آخر ومن شهر إلى آخر، فالانحسار يزداد في أيام بداية عمر القمر ومنتصفه (أيام الحمل) وينخفض في الأيام الآخرى (أيام الفساد)، كما أن انحسار الماء عادة يزيد في أشهر الشتاء ويقل نسبيا في أشهر الصيف، وذلك يعتمد على مواقع القمر والشمس بالنسبة إلى الأرض.
تغيرات المناخ: ومن صفات منطقة المد والجزر الجفاف الذي يصيبها من جراء انحسار الماء أثناء الجزر مما يؤدي إلى تعري المنطقة وانكشافها لأشعة الشمس الحارقة في الصيف، وبرودة الجو في الشتاء مع انخفاض تركيز غاز الأوكسجين المذاب في الماء، لذا فإن الكائنات الحية التي تعيش في هذه المنطقة لها صفات فريدة في تكيفها مع التغيرات اليومية مع حالة البحر وحرارة وبرودة الماء وانخفاض غاز الأوكسجين، وقد تكون هذه الصفات غائبة في الكائنات الحية التي تعيش داخل البحر مما يميز الكائنات الحية في منطقة المد والجز بتعدد أنواعها وطريقة معيشتها. إن منطقة المد والجزر معرضة لمتغيرات طبيعية بسبب تغير المناخ وارتفاع متوسط درجات حرارة الجو في العالم التي يتوقعها الخبراء بسبب الاحتباس الحراري، مما يسبب زيادة معدلات ذوبان الجليد في القارات القطبية، ونتيجة لذلك يتوقع الخبراء ارتفاع منسوب البحار في العالم، مما سينتج عنه اختفاء أو تقليص مساحة العديد من مناطق المد والجزر، لذا فإنه من الضروري القيام بدراسات على منطقة المد والجزر لمعرفة أنواع الكائنات الحية التي تعيش فيها وتحديد انتشارها وتقدير وفرتها بغرض الكشف عن أي متغيرات مستقبلية في التنوع البيولوجي نتيجة مفعول العوامل الطبيعية التي يتوقعها خبراء العالم بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.
التنوع البيولوجي: عندما نمشي على رمال الساحل في وقت المد وبمحاذاة أمواج البحر، نرى بعض الطيور البحرية تلتقط غذاءها على طرف مد الموجة وانحسارها مما يشير إلى أن هناك العديد من الكائنات الدقيقة مدفونة في رمال الساحل، حيث تعمل الأمواج على كشفها لتكون غذاءً للطيور. وعندما ينحسر الماء خلال الجزر يظهر قاع البحر بما يحتويه من صخور أو رمال أو طين أو مزيج بين الصخر والرمل والطين، وذلك يعتمد على المنطقة، فساحل منطقة الصليبيخات على سبيل المثال معروف بقاعه الطينية والساحل الممتد من منطقة المسيلة إلى الفحيحيل معظمه قيعان صخرية، أما المنطقة بين رأس الأرض حتى المسيلة وسواحل جزيرتي فيلكا وعوهه فمعظم قيعانها مزيج بين الصخر والرمل والطين. وتختلف أنواع الكائنات الحية التي تعيش في منطقة المد والجزر باختلاف نوع القاع، فعلى سبيل المثال نشاهد على القاع الرملية بيوتا لأنواع من الديدان كما نشاهد في الداخل بقعا من الماء القبقب الأزرق الذي يحاول أن يختبئ بجسمه داخل الرمل (أو يطبن بالعامية)، كما نشاهد صغار سمك الميد والعديد من القواقع، وعلى القيعان الصخرية تظهر انواع من القواقع والمحار ونجم البحر وقنفذ البحر ملتصقة فوق الصخور. ونرى على الصخور كذلك أنواعا من المحار وأنواعا من النو (barnacle)، وتظل خلال فترة الجزر العديد من الكائنات الصغيرة مختبئة داخل الشقوق في الصخور، كما تظل العديد من الكائنات الحية مختبئة تحت الصخور مثل بعض أنواع من الربيان الصغير وأنواع من صغار القباقب وسمكة النقاقة، كما قد يشاهد بيض الخثاق ملتصقا بالصخرة كعنقود عنب، أما في المناطق الطينية على ساحل الصليبيخات فالمشاهدة تنحصر على الساحل فقط بسبب كثافة الطين التي قد تسبب، في حالة المغامرة بدخول المنطقة، الغور في الطين إلى ما فوق الركبة، وتعيش في المناطق الطينية مجموعات من أسماك بوشلمبو (نطاط الوحل) وبعض أنواع من صغار القبقب حيث تشاهد مجموعات من هذه الكائنات تبني بيوتا لها من الطين، كما ترى في هذه المنطقة خلال معظم أيام السنة طيور الفلامينغو (النحام) تغتاد على صغار الربيان والقبقب.
دراسة شاملة والسؤال هنا، هل تمت دراسة الكائنات البحرية التي تعيش في منطقة المد والجزر في السواحل الكويتية؟
وقبل الإجابة عن هذا السؤال، أطلب من القارئ تخيل حجم المنطقة التي يجب دراستها، فهي منطقة كبيرة تشمل أعلى نقطة شمال جزيرة بوبيان وحتى آخر نقطة جنوب النويصيب، وبمسافة تعادل نحو 180 كيلو متراً، إضافة إلى سواحل جميع الجزر الكويتية. والجواب نعم، فالبرغم من حجم المساحة المراد دراستها وصعوبتها قامت د. منال الكندري الباحثة بمعهد الكويت للأبحاث العلمية بدراسة ميدانية مدتها ثلاث سنوات ونصف، بدأت في شهر ديسمبر 2013، حيث قامت هي وفريقها العلمي بمسح سواحل الكويت من خور الصبية شمالا إلى ساحل النويصيب جنوبا إضافة إلى جميع سواحل الجزر وبمجموع 36 موقعا. وحتى تتم دراسة جميع السواحل في أوقات الجزر الأدنى، تم الاستعانة ببرنامج خاص يحدد مكان وأوقات الجزر الأدنى على السواحل الكويتية، وبسبب حجم المساحة فإنه من الصعب دراسة كل الكائنات الحية ولكن بالإمكان أخذ عينات متفرقة وبطريقة علمية بحيث تكون العينات مؤشرا حقيقيا على أنواع الكائنات الحية ووفرتها في كل منطقة يتم دراستها.
فحص وتعريف الكائنات: وفي الأيام الذي يكون البحر في أدنى جزر (أيام الحمل)، يقوم فريق العمل بزيارة أحد المواقع وأخذ عينات من الكائنات الحية حسب نوعية القاع، ومن ثم يتم نقلها إلى المختبر، ويتم في المختبر التقاط جميع الكائنات الحية في العينات، بعدها يتم دراسة كل كائن لتحديد نوعه وتقدير وفرته في العينة، وإذا صادفوا صعوبة في معرفة نوع الكائن الحي، يتم الاستعانة بالمختصين سواء داخل الكويت أو خارجها، وقد تم تصنيف 748 نوعا من الكائنات الحية بمساعدة خبراء التصنيف المحليين والدوليين، وكانت الديدان هي المجموعة الأكثر تنوعاً بـ240 نوعاً، تليها الرخويات (الاصداف والقواقع) بـ218 نوعاً تليها القشريات بما فيها الربيان بـ212 نوعاً، وبلغ عدد الأسماك 33 نوعاً، و45 نوعاً من كائنات اخرى متفرقة، وكان أعلى تنوع للكائنات الحية في منطقة الأدنى جزر، وأقلها في منطقة الأعلى مد، وكان التنوع في المناطق الصخرية والرملية أعلى من المناطق الطينية، كما أسفرت الدراسة عن العثور على عدة أنواع من الكائنات الحية التي تم تعريفها لأول مرة على أنها تعيش في سواحل المياه الكويتية.
أهمية الدراسة: لا شك أن هذا الجهد الكبير الذي تمخض عن إنتاج قاعدة بيانات لجميع الكائنات الحية التي تعيش في منطقة المد والجزر في الكويت لن يسهم في معرفة أنواع الكائنات الحية ووفرتها في الوقت الحالي فقط، بل في كشف أي تغيرات مستقبلية بأنواع الكائنات الحية ووفرتها من جراء التوقعات في تغير السواحل في المستقبل، كما أنه يتطلب في أي مشروع إنشائي على السواحل في المستقبل أن يتم دراسة تقييم الأثر البيئي للمشروع وبالتالي يجب معرفة المكونات الحيوية للبيئة المراد إنشاء المشروع عليها، ومما لا شك فيه أن الدراسة التي أنجزتها الدكتورة منال الكندري ستكون مرجعاً هاماً لمتطلبات مثل هذه الدراسات، حيث أذكر أنه عندما كنت أعمل بمعهد الكويت للأبحاث العلمية قام مستشار مشروع بناء وتشييد جسر جابر بالاتصال بالمعهد، وطلب بيانات عن جميع المكونات البيئية لمنطقة جون الكويت بما فيها الدراسات عن أنواع الكائنات الحية وذلك كمتطلبات لعمل دراسة تقييم الأثر البيئي من إنشاء الجسر.
وفي الختام أشكر د. منال الكندري على هذا الجهد الطيب في إنجاز هذه الدراسة الضخمة، كما أشكر كل من معهد الكويت للأبحاث العلمية ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي لتشجيعهما ودعمهما لمثل هذه الدراسات المهمة.
* مدير دائرة الزراعة البحرية والثروة السمكية بمعهد الكويت
للأبحاث العلمية سابقاً.
كُنا قد تحدثنا في خبر الكائنات البحرية في منطقة المد والجزر - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
أخبار متعلقة :