ما بين إيريك فروم وطه عبد الرحمن فٌلم :محسن المحمدي - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. ما بين إيريك فروم وطه عبد الرحمن
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
فٌلم :محسن المحمدي
أو ما بين مدينة الكينونة ومدينة الائتمان
يقول فروم: “نحن الآن بأمس الحاجة إلى تركيبة تجمع مابين إيمان العصور الوسطى السالفة، والعقل والعلم في القرنين الماضيين، هذه هي الوسيلة التي أراها للخلاص من وضع الفاشية التكنوقراطية”. هذه التركيبة المأمولة عنده يسميها: بـ”مدينة الكينونة”، مضيفاً أن زماننا الحداثي هو زمن السعي الدؤوب نحو “التملك” والمزيد من التملك، إذ أصبح عادياً الكلام على أن الإنسان يساوي ملايين الدولارات، وأن من لا يملك لا يساوي شيئا. مما جعل فروم يستنتج أن البشرية الحديثة نسيت “الكينونة”، فهي أصبحت تسعى نحو أن تملك لا أن تكون، وهو في هذا كما لا يخفى على الباحثين قد سار في درب مارتن هايدغر…
يعول فروم على فعل “الكينونة”، وليس على فعل “التملك” لخلاص الحداثة من شراهة الاستهلاك الدالة على فقدان للمعنى كبير، وهو ما نبه إليه معلمو الحياة قديماً: فبوذا كان ينصح بأنه “لا ينبغي اشتهاء الممتلكات” و”المسيح” كان يردد: “ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم وخسر نفسه”، وكذلك كان يقول المعلم “أكهارت”: “يجب أن لا يكون لديك شيء، وأن تفتح نفسك وتفرغها ولا تترك “الأنا” تقف حائلاً دون وصولك إلى الثراء الروحي”، بل حتى ماركس يقول عنه فروم: أنه كان يدعو المرء للكينونة لا التملك، فالترف خطيئة والفقر خطيئة، منبها إلى أنه يتحدث عن ماركس الإنساني الأصيل، وليس البدعة المبتذلة التي قدمتها شيوعية السوفيات.
إن شخصية المرء عند فروم تتحدد بحسب هل هو يميل إلى التملك أم يميل إلى الكينونة؟ ولكي يوضح فروم الفرق بين منطق أن تكون ومنطق أن تملك يقدم مثالا بشاعرين، واحد من الغرب والآخر من الشرق، في لحظة مثولهما أمام زهرة، الأول إنجليزي في القرن التاسع عشر، والثاني ياباني في القرن السابع عشر.
يقول الشاعر الإنجليزي:
“أيتها الزهرة في الحائط المشقوق
انتزعتك من بين الشقوق
وأمسكتك بيد يجذرا وكلا.
أيتها الزهرة الصغيرة-لو كان بإمكاني
أن أفهمك، جذرا وكلا بكل.
لفهمت الله والإنسان”.
أما الشاعر الياباني فيقول
“عندما أمعن النظر
أرى في السياج إشراقه الزهر!”
يعلق فروم على الشعرين الموجهين لموضوع واحد هو الزهرة، بأن الشاعر الإنجليزي في زمن الحداثة يتحدث بلغة قاسية فيها الانتزاع والمسك والاقتلاع من الجذور، بل هو يراهن على أن معرفة الله والإنسان لا تكون إلا بقتل الزهرة. فهو يحتاج امتلاكها كي يفهم، لذلك يمكن تشبيه هذا الشاعر بـ “أولئك العلماء الغربيين الذين يبحثون عن الحقيقة بقطع أوصال الحياة”.
أما الشاعر الياباني فهو على العكس من ذلك تماماً، حيث يتعامل مع الزهرة دون نزعها أو حتى لمسها، فكل ما يريد أن يطيل التمعن فيها، وهذا هو منطق “الكينونة”، حيث لا يكون للإنسان شيء.
واضح أن المجتمع الحداثي عند فروم شبيه بالشاعر الإنجليزي، يلهث وراء التملك حيث الجشع والشهرة والقوة هي المسيطرة، مما يُخلف الدمار. فهي أصبحت تعرف نفسها بأنها تلك التي تملك وتستهلك، فأصبح المرء لا يرى إلا هذه الطريقة في الحياة، فَنسِي الطريقة الأخرى والمرتبطة بنهج الكينونة. حيث يترك الإنسان ما لديه ويحرر نفسه من كل القيود. وهذه مرجعية صوفية تذكرنا بطه عبد الرحمن فهو أيضاً جاء بمشروع يريد منه أن ينبه إلى سوأة العالم الكبرى، وهي التملك المرتبط عنده بحب الشهوات وسفك الدم.
وإذا أردنا أن نبحث عن التشابه بدقة، بين فروم وطه عبد الرحمن، ما علينا إلا أن نعوض نظرة التملك بالنظر الملكي ونظرة الكينونة بالنظر الملكوتي. حقا الاختلافات قائمة، إذ يعتمد طه عبد الرحمن المسلمات الإسلامية في بناء تصوره، لكن عمق الفكرة واحد عند الرجلين. لقد كان القصد عندنا من تقديم رؤية إريك فروم النقدية للحداثة، والتي سعت إلى إصلاح عيوبها، والتخفيف من قسوتها، وإرادة تملكها لكل شيء، هو إبراز أن طه عبد الرحمن ما هو إلا تتمة لعمل هؤلاء الباحثين عن إصلاح للحداثة (هايدغر، فروم، فرانكل…)، مع فرق واضح هو أن فيلسوفنا سيقدم نموذجا بلبوس إسلامي سيسميه بـ “الفلسفة الائتمانية” [ذات الأفق الصوفي]، والتي تحافظ على الحضور الإلهي الذي طاله التغييب.
التفاصيل من المصدر - اضغط هنا
مشاهدة ما بين إيريك فروم وطه عبد الرحمن ف لم محسن المحمدي
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ ما بين إيريك فروم وطه عبد الرحمن ف لم محسن المحمدي قد تم نشرة ومتواجد على ازيلال 24 وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، ما بين إيريك فروم وطه عبد الرحمن فٌلم :محسن المحمدي.
في الموقع ايضا :
كُنا قد تحدثنا في خبر ما بين إيريك فروم وطه عبد الرحمن فٌلم :محسن المحمدي - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
أخبار متعلقة :