غاية التعليمية

هل يراجع المغرب تدابير التقشف المائي بعد تساقطات مطرية هامة؟ - غاية التعليمية

هل يراجع المغرب تدابير التقشف المائي بعد تساقطات مطرية هامة؟ - غاية التعليمية

غاية التعليمية يكتُب.. شهدت مختلف مناطق المغرب خلال الأيام الأخيرة تساقطات مطرية هامة، ما أثار ارتياحاً واسعاً في أوساط المواطنين، خاصة بعد فترات لا بأس بها من الجفاف الذي أثر بشكل كبير على الموارد المائية والأنشطة الفلاحية، قبل أن تعمّ هذه الأمطار مناطق مختلفة بدرجات متفاوتة، وتُعيد الأمل في تحسن الوضع المائي وتعزيز المواسم الزراعية المقبلة.

اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.

وأمام التساقطات المطرية والثلجية الأخيرة تُطرح عدة تساؤلات حول مدى تأثيرها الفعلي على الفرشة المائية وحقينة السدود، وما إذا كانت كافية لتخفيف أزمة الجفاف أو إنهائها بشكل كامل. كما يثار النقاش حول إمكانية اعتبار هذه الأمطار بداية لانفراج الأزمة المائية بالمغرب، وما إذا كانت كافية لمراجعة التدابير المتخذة خلال الأشهر الماضية لترشيد المياه.

تساقطات مهمّة لكن محدودة

عبد الحكيم الفيلالي، أستاذ جامعي وخبير في الماء والمناخ، قال إن “الوضع المناخي الحالي في المغرب يتسم بتردد كتل هوائية رطبة قادمة من الشمال الغربي، وكتل باردة من الشمال، مع صعود مركز الضغط المرتفع الآصوري نحو الشمال، إلى جانب تغير في مسار التيارات العليا، وتغير حرارة مياه المحيط الهادي، ما ساهم في تشكل منخفضات جوية شمال غرب البرتغال وإسبانيا، امتد تأثيرها إلى المغرب، خاصة في مناطقه الوسطى والشمالية”.

وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “هذه التساقطات تكتسي أهمية بالغة بالنظر إلى سياقها المرتبط بإجهاد مائي حاد، إذ تعاني البلاد من ضعف نسبة امتلاء السدود وتراجع المخزون الجوفي”، مشددا على أن “لهذه التساقطات وقعًا إيجابيًا على حقينة السدود والفرشات المائية، إذ ستساهم في تخفيف حدة العجز المائي، ولو بشكل جزئي، ما يجعلها ضرورية لمواجهة آثار الجفاف الممتد لعدة سنوات متتالية”.

وأوضح الفيلالي أن “هذه التساقطات، رغم أهميتها، لا تعني نهاية موسم الجفاف، لعدة أسباب، أبرزها أنها لم تشمل جميع مناطق المغرب، كما أنها جاءت بعد سنوات من العجز المائي، إذ مازالت نسبة امتلاء السدود في حدود 30%، وهي نسبة ضعيفة مقارنة بالسنوات الماضية”، ضاربا مثالا بـ”سنة 2018، إذ كانت نسبة ملء السدود حوالي 68 في المائة، ما يعني أن هذه الأمطار لن تعوض التراجع الكبير في الموارد المائية السطحية والجوفية”.

وأكد الخبير ذاته أن “الوضع المائي المتأزم فرض على الحكومة اتخاذ تدابير لترشيد الاستهلاك”، مشددًا على أن “هذه الإجراءات يجب أن تستمر، لأن أزمة الماء في المغرب ليست فقط نتيجة الجفاف، بل ترتبط أيضًا بسوء التدبير والاستهلاك المفرط”، وموردا أن “الحل لا يقتصر على ترشيد المياه فقط، بل يتطلب أيضًا تطوير الموارد غير التقليدية، مثل تحلية مياه البحر، في إطار البرنامج الوطني لتحلية المياه، لضمان الأمن المائي في المستقبل”.

بين الجفاف والعواصف

محمد بازة، خبير دولي في الموارد المائية، قال إن “الوضع المناخي الحالي في المغرب يشهد تغيرات ملحوظة، فبعد عدة سنوات متتالية من الجفاف، ولو أنه من الصعب تأكيد ذلك، نظرا (على سبيل المثال) لما سجّلته سنة 2021 من إنتاج قياسي من الحبوب، فإن الأشهر الأخيرة تميزت بتقلبات كبيرة، إذ شهدت بداية العام الجاري انخفاضًا نسبيا في درجات الحرارة، بعد فترة من الحرارة المفرطة التي استمرت حتى شهر دجنبر الماضي”.

وأضاف المتحدث، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “التغيرات المناخية ظهرت بوضوح في شهري يناير وفبراير، إذ انخفضت الحرارة نسبياً مقارنة بالأشهر السابقة، خاصة في ما يتعلق بالحرارة الدنيا، لكنها الحرارة العليا بقيت فوق المعدل العام”، مشيرا إلى أنه “في مطلع الشهر الحالي، ابتداء من السادس منه، شهد المغرب عاصفة مطرية قوية، كانت مصحوبة برياح شديدة ورعد، ما أدى إلى تساقط كميات كبيرة من الأمطار في بعض المناطق”.

وأوضح بازة أن “هذه الأمطار رغم غزارتها في بعض المناطق كانت طبيعتها مختلفة عن الأمطار الشتوية التقليدية، إذ كانت أكثر رعدية وعاصفية”، موردا أنه “في الماضي كانت التساقطات خلال الشتاء تتسم بالهدوء والاستمرارية، بينما هذه المرة جاءت في شكل زخات عنيفة وغير مستقرة، وهذا التغير يؤثر على الموارد المائية والتربة، خصوصًا مع استمرار موجات البرد في بعض المناطق الداخلية”.

وأكد الخبير الدولي في الموارد المائية أن “تساقط الأمطار خلال الأيام الأخيرة كان وفيرًا في عدة مناطق، خاصة في الشمال والمناطق الجبلية، حيث بلغت حوالي 100 ميليمتر أو أكثر في الشمال، وبين 15 و30 ميليمترا في الجنوب والشرق، لكن لا يمكن الجزم بأنها كافية لإنهاء حالة الجفاف وندرة المياه، إذ تظل الحاجة مستمرة إلى مزيد من التساقطات المنتظمة، خاصة أن بداية الموسم الفلاحي شهدت تأخيرًا في الأمطار، ما أثر على عمليات الحرث والزراعة”.

تحسّن لا ينهي الأزمة

وقال بازة إن “الوضع الزراعي يختلف حسب المناطق، فمثلاً في حوض السايس والشمال والجنوب الشرقي كان هناك تساقط مبكر، ما سمح للفلاحين بالحرث في الوقت المناسب، أما في مناطق أخرى مثل سوس وعبدة فقد تأخرت الأمطار، ما صعب على الفلاحين الاستفادة منها بشكل كامل؛ ورغم ذلك فإن لهذه التساقطات انعكاسات إيجابية على الموارد المائية والسدود والمراعي، لكنها لا تحل المشكلة بالكامل”.

ونبّه المتحدث إلى أن “التأثير على الفرشة المائية مازال محدودًا، لأن هذه التساقطات لم تكن مستمرة لفترة كافية حتى تتسرب المياه إلى الأعماق، لكن المراعي استفادت بشكل مباشر منها، ما سيساعد على تحسين ظروف الماشية”، مستدركا بأنه “في ما يخص تعبئة السدود فالوضع مازال دون المستوى المطلوب، إذ إن الزيادة في المخزون المائي مازالت في حدود أربعة مليارات متر مكعب، ومن المنتظر أن ترتفع أكثر عندما تذوب الثلوج أو إذا استمرت الأمطار في الأيام والشهور القادمة؛ لكن لا يمكن التنبؤ بالموسم الفلاحي فقط على أساس هذه التساقطات”.

ولفت الخبير الدولي في الموارد المائية إلى أن “الحديث عن نهاية موسم الجفاف بمجرد هطول هذه الأمطار ليس دقيقًا، لأن الجفاف الذي نعيشه ليس جفافًا عادياً كما في الماضي، بل هو مرتبط بالتغير المناخي، ومادام هذا التغير لم ينتهِ بعد فلا يمكن الجزم بأن الجفاف زال نهائيًا”، مضيفا أن “تحسن الظروف المطرية حتى خلال سنة أو سنتين لا يعني انتهاء تأثيرات التغيرات المناخية”.

وفي ما يخص رفع التدابير المتخذة لتدبير ندرة المياه بعد التساقطات الأخيرة قال محمد بازة: “لا يمكن ذلك إلا إذا تم رفع مسببات تلك التدابير، ويمكن للجن الجهوية أن تراجع الظروف وترفع بعض التدابير محليا في أماكن معينة إذا ثبت علميًا أن الأسباب زالت، لكن لا يمكن تعميم ذلك على المستوى الوطني”، مشددا على أن “الأزمة مستمرة ولا يمكن التسرع في تخفيف التدابير الاحترازية إلا بعد تقييم دقيق للوضع في كل منطقة”.

كُنا قد تحدثنا في خبر هل يراجع المغرب تدابير التقشف المائي بعد تساقطات مطرية هامة؟ - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.

أخبار متعلقة :