غاية التعليمية

كيف يمكن للأسمدة الكيميائية موازنة الإنتاجية والاستدامة الزراعية؟ - غاية التعليمية

كيف يمكن للأسمدة الكيميائية موازنة الإنتاجية والاستدامة الزراعية؟ - غاية التعليمية

غاية التعليمية يكتُب.. يرى العديد من المزارعين في الأسمدة الكيميائية “ركيزة أساسية” في الفلاحة الحديثة بالمغرب وخارجه، إذ ساهمت منذ ستينات القرن الماضي في رفع الإنتاج الزراعي لتلبية الطلب المتزايد على الغذاء. لكن مع مرور الزمن، بدأت الآثار السلبية لهذه الأسمدة تظهر، سواء على جودة التربة أو تلوث المياه الجوفية والسطحية.

اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.

ويحذر الخبراء من أن الاستخدام المفرط للأسمدة الكيميائية قد يؤدي إلى تراكم المعادن الثقيلة في التربة، وتقليل نشاط الكائنات الحية المفيدة، مما يهدد خصوبتها على المدى الطويل. في المقابل، تظل هذه الأسمدة ضرورية لتلبية متطلبات السوق الدولية، بينما تواجه الأسمدة العضوية تحديات تتعلق بارتفاع تكلفتها ومحدودية فعاليتها.

كمال أبركاني، خبير في الهندسة والعلوم الزراعية من الكلية متعددة التخصصات-جامعة محمد الأول بوجدة، قال إن الأسمدة الكيميائية، التي أحدثت ثورة في الزراعة العالمية منذ ستينات القرن العشرين، “ساهمت بشكل كبير في رفع الإنتاج الزراعي، باستخدام عناصر مثل الأزوت والفوسفور والبوتاسيوم إلى جانب المغنيسيوم والكالسيوم.

وأوضح أبركاني، ضمن تصريح لهسبريس، أن هذه الأسمدة “أصبحت ضرورية لتلبية الطلب المتزايد”، إذ لا تستطيع المواد العضوية توفير الوحدات اللازمة لتحقيق إنتاج مرتفع، كما في حالة العنب الذي يتطلب 150 إلى 200 وحدة أزوت، 100 إلى 120 وحدة فوسفور، و150 إلى 200 وحدة بوتاسيوم للوصول إلى إنتاج يتراوح بين 30 و50 طنًا.

وأضاف أن الاستخدام المكثف للأسمدة الكيميائية “أظهر مع الوقت تأثيرات سلبية على البيئة”، مثل تلوث المياه الجوفية والسطحية بفعل ارتفاع نسب النيترات والفوسفور، إلى جانب تدهور جودة التربة وانخفاض نشاط الكائنات الحية الدقيقة المفيدة كالبكتيريا والفطريات، مستحضراً دراسات أكدت أن هذه الأسمدة قد ترفع نسب المعادن الثقيلة في التربة، مما يؤثر على خصوبتها وحيويتها.

وأشار المتحدث لهسبريس إلى أن الدول المتقدمة تشجع على تقليل الاعتماد الكلي على الأسمدة الكيميائية من خلال دمجها مع الأسمدة العضوية، “لكن المغرب لم يضع بعد معايير إلزامية لتوجيه الفلاحين نحو هذا النهج”، مستشهدا بمعايير عالمية مثل “إيزو” التي تحد من تلوث التربة والمياه، مشيرا إلى أن الاستخدام المفرط للأسمدة “يقضي على النشاط الميكروبيولوجي الضروري للتربة، مما يستدعي البحث عن بدائل مستدامة تحافظ على الإنتاج وتقلل من التأثيرات السلبية”.

واقترح الخبير الزراعي ذاته اعتماد طرق زراعية “معقلنة في إطار الزراعة الحافظة، مثل استخدام أسمدة كيميائية ذات تأثير منخفض (كالأسمدة السائلة التي تمتصها النباتات مباشرة دون تلويث المياه الجوفية)، إلى جانب أسمدة عضوية كالكومبوست والأحماض الأمينية والمحفزات الطبيعية”، فضلا عن اعتماد الدورات الزراعية، كزراعة القطاني لتثبيت الأزوت من الجو، أو إعادة المخلفات الزراعية للتربة كمادة عضوية.

وبعد أن شدد على أن التخلي الكلي عن الأسمدة الكيميائية “غير ممكن حاليا بسبب حاجة السوق الدولية”، معتبرا أن “الدمج بين الاثنين يبقى الحل الأمثل”، أشار كمال أبركاني إلى أن “التحدي الكبير يكمن في التنافسية السعرية، حيث تظل الأسمدة الكيميائية في متناول الفلاحين مقارنة بالأسمدة العضوية المكلفة وأقل فعالية إذا استُخدمت بمفردها”.

من جانبه، أكد رشيد بوعبيد، أستاذ بالمدرسة الوطنية للفلاحة بمكناس، أن التسميد “يعد ركيزة أساسية في المسار التقني للزراعة، بهدف توفير العناصر الغذائية الأساسية عبر الأسمدة الكيميائية أو العضوية”، مشيرا إلى أن التسميد المعقلن “هو الذي يجمع بين الإنتاجية والاستدامة دون الإضرار بالتربة والبيئة”.

وشدد بوعبيد، في حديث لهسبريس، على ضرورة اعتماد “مبادئ علمية تأخذ في الاعتبار احتياجات الزراعات والظروف البيئية المحيطة بها، لضمان تحقيق التوازن بين الأهداف الإنتاجية والبيئية”، موضحا أن من أهم هذه المبادئ “معرفة خصائص التربة ومستوى خصوبتها، خاصة كميات العناصر المغذية المتوفرة، لتحديد الكميات اللازمة من الأسمدة بدقة”.

وأبرز أن هذا النهج يضمن إنتاجية عالية من حيث الكم والجودة دون التسبب في خلل بوظائف التربة الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية، مبرزا أن تحقيق ذلك يتطلب تشخيصا دقيقا عبر تحاليل التربة المتوفرة في مختبرات وطنية مدعومة بنسبة 50 في المائة من الدولة. وأشار إلى أن تحاليل التربة تمكن من قياس مؤشرات خصوبتها وتحديد ما يجب إضافته من أسمدة أو الامتناع عن ذلك، لتفادي النقص أو الإفراط الذي قد يؤثر سلبا على الزراعة أو صحة التربة واستدامتها.

وخلص الأستاذ بالمدرسة الوطنية للفلاحة بمكناس إلى التأكيد على أهمية معرفة احتياجات الزراعات الغذائية، التي تختلف باختلاف نوع المحصول والإنتاج المستهدف، داعيا إلى تكييف التسميد بناءً على تحاليل التربة واحتياجات النباتات لضمان نمو متوازن، محذرا من أن “الإفراط في الأسمدة، خاصة الأزوتية، قد يؤدي إلى تلوث المياه الجوفية”.

كُنا قد تحدثنا في خبر كيف يمكن للأسمدة الكيميائية موازنة الإنتاجية والاستدامة الزراعية؟ - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.

أخبار متعلقة :