حسين السيد... شاعر الألف أغنية (2 - 3) - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. ظهرت موهبة الشاعر حسين السيد في وقت مبكر، وتفوق على أقرانه في اللغة العربية بمدرسة الفرير الفرنسية، وتحول من دراسة الأدب إلى التجارة، وتولى إدارة أعمال والده الراحل، ولعبت المصادفة دورها في دخوله مجال الفن، وكتب قصيدته الغنائية الأولى «اجري اجري» ولحنها موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وأصبح من ألمع شعراء الأغنية المصرية، وتوالت الرحلة... تلاشت أحلام الفتى الوسيم في أن يكون نجماً سينمائياً، وانشغل تماماً بكتابة الشعر الغنائي، لكن غواية التمثيل ظلت تطارده، ولعب شخصية موظف شركة التأمين «سعيد كامل» في فيلم «رسالة من امرأة مجهولة» (1962)، إخراج صلاح أبوسيف، وبطولة فريد الأطرش، ولبنى عبدالعزيز، وماري منيب، وأمينة رزق، وفاخر فاخر، والمفارقة أن حسين السيد لم يكتب أي أغنية من أغنيات هذا الشريط السينمائي. وظهر السيد في فيلم تلفزيوني قصير مع النجمة شويكار، وأدى قصيدته «إنتِ مسافرة» بإحساس رهيف، ولاحقاً غنتها المطربة فايزة أحمد تحت عنوان «انت مسافر»، ولحنها الموسيقار محمد سلطان، وتقول كلماتها: «لأول مرة تغيبي عني ولأول مرة تروحي مني، ولأول مرة الضحك في عنيكي بكى، ولأول مرة بشوف خيالك في البُكا، الدموع دي وصيتك خاليهالي في غربتك، الدموع دي عندي غالية عايز أشوفها في ابتسامة، عايز أشوفها مرة تانية وإنتِ راجعة بالسلامة». وأرسل الموسيقار محمد سلطان رسالة على كارت بوستال أثناء وجوده في روما إلى حسين السيد في القاهرة، أبلغه فيها محاولته تسجيل الأغنية على أوركسترا ضخم.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
كتب الشاعر حسين السيد معظم أغاني الموسيقار محمد عبدالوهاب، وبلغت حوالي 140 أغنية، بجانب أعمالهما مع نجوم الغناء العربي، وتردد أن السيد «الشاعر الملاكي لعبدالوهاب» وكان يغضبه هذا اللقب كثيراً، لأنه تعاون مع ملحنين آخرين، لكن التناغم بينهما تحوّل إلى توأمة فنية، وعلق عبدالوهاب على ذلك قائلا: «هذا شرف لا أدعيه وتهمة لا أنفيها»، وأضاف واصفاً رفيق دربه الفني: «حسين السيد له أذن تغني وهو يكتب».
وتنوعت تجربة السيد وعبدالوهاب، وبعد لقائهما الأول في أغنية واحدة بفيلم «يوم سعيد» عام 1940 للمخرج محمد كريم، استمر التعاون بين «الثلاثي» وكتب السيد جميع أغاني فيلم «ممنوع الحب» (1942)، عدا أغنية «ردي عليّا» للشاعر مأمون الشناوي، وفي «رصاصة في القلب» (1944)، قدم «حكيم عيون» وغناها عبدالوهاب مع راقية إبراهيم، و«أحبه مهما أشوف منه» و«حاقولك إيه» و«يا جلاس»، وكتب جميع أغاني فيلم «لست ملاكًا» (1946)، عدا قصيدة «الخطايا» للشاعر كامل الشناوي.
«أبجد هوّز»شارك في التمثيل مع فريد الأطرش في «رسالة من امرأة مجهولة»
وانفرد السيد وعبدالوهاب بكتابة وتلحين أغاني فيلم «غزل البنات» (1949)، بطولة وإخراج أنور وجدي، وغنت المطربة ليلى مراد «أبجد هوز» و«اتمختري يا خيل»، و«الدنيا غنوة»، و«الحب جميل»، و«ماليش أمل»، و«عيني بترف»، بمشاركة الفنان نجيب الريحاني، وظهر عبدالوهاب بشخصه في هذا الشريط السينمائي، وغنى «عاشق الروح» وتعد الأخيرة من روائع الأغاني المصرية.
واستمر التعاون بين السيد وعبدالوهاب بعيدًا عن شاشة السينما، وقدما عددًا كبيرًا من الأغاني الرومانسية والوطنية منها «قل لي عمل لك إيه قلبي»، و«بافكر في اللي ناسيني»، و«خي»، و«فين طريقك»، و«لا مش أنا اللي أبكي»، و«ساعة المجد»، و«الجيل الصاعد»، و«دقت ساعة العمل»، و«صوت الجماهير»، و«ساعة مابشوفك جنبي»، والأخيرة غنتها أيضًا المطربة نجاة الصغيرة.
وتخلل مشوار حسين السيد وموسيقار الأجيال الكثير من المواقف الطريفة والذكريات، وكان لكل أغنية قصة لا تشبه الأخرى، وتعمقت التوأمة الفنية بينهما، ودائمًا ما كانت تدور نقاشاتهما حول فكرة لأغنية جديدة، وخاطرة موسيقية تفضي إلى لحن متوهج، وأدى هذا التناغم إلى موجات متلاحقة من الثراء والتنوع الفني، ويكفي موقف حياتي عابر أن ينتهي بجلسة فنية بين الشاعر والموسيقار.
وحكى الشاعر حسين السيد موقفًا طريفًا مع عبدالوهاب، إذ إنهما ذات يوم كانا في طريقهما إلى الاستوديو، وأراد السيد أن يمر على مقاول يتولى بناء عمارته، وهناك حدثت مشادة بينهما، لتأخُّر المقاول في بدء العمل، وحين عاد إلى السيارة، قال لعبدالوهاب «توبة أبني بيت مرة ثانية»، فقال له الموسيقار «توبة مطلع أغنية جميلة»، وبعدها كتب السيد أغنية «توبة» وغناها عبدالحليم حافظ.
التقى الشاعر حسين السيد المطربة ليلى مراد في باقة من أجمل أغانيها، منها «الشاغل هو المشغول»، و«اللي يقدر على قلبي» ألحان عبدالوهاب، و«حبيب الروح»، و«إحنا الاثنين» من ألحان رياض السنباطي، و«يا سارق من عيني النوم» لحن عزت الجاهلي، و«كلمني يا قمر» لحن أحمد صدقي، و«أمانة تنسى يوم» لحن محمود الشريف.
وكتب السيد لأغلب مطربي ومطربات جيله، منهم الشحرورة صباح، وغنت له «أكلك منين يا بطة» و«حبيبة أمها» لحن فريد الأطرش، و«ب فتحة باء» و«سلّمولي على مصر» لحن محمد الموجي، و«من سحر عيونك» و«الأهلي والزمالك» لحن محمد عبدالوهاب، والأغنية الأخيرة كتبها لمحاربة التعصب الرياضي.
والتقى الشاعر حسين السيد المطربة وردة الجزائرية، وغنت من كلماته «بقولك حاجة» ألحان رياض السنباطي، و«أهلًا يا حب» و«يا قلبي يا عصفور» ألحان محمد الموجي، و«في يوم وليلة»، وشاركت وردة في الأغنية الوطنية «الجيل الصاعد» مع عبدالحليم حافظ ونجاة الصغيرة وفايزة أحمد، ألحان محمد عبدالوهاب.
وكتب السيد العديد من الأغاني للمطربة شادية، منها «فارس أحلامي»، و«خمسة في ستة بثلاثين يوم»، و«فوت يا حبيبي وسلم»، ودويتو «حاجة غريبة» مع عبدالحليم حافظ، و«إيرما لادوس» من ألحان منير مراد، و«أنا عندي مشكلة» لحن بليغ حمدي، و«تلات شهور ويومين اتنين» لحن رياض السنباطي، و«بسبوسة» لحن محمد عبدالوهاب، و«مين قالك تسكن في حارتنا» لحن محمد الموجي.
«ست الحبايب»«عيني بترف» تكشف موهبة نجيب الريحاني في الغناء مع ليلى مراد
كتب الشاعر الراحل حسين السيد العديد من الأغاني ذات الطابع الاجتماعي، ومن أبرزها الأغنية الأيقونية «ست الحبايب» لحن وغناء الموسيقار محمد عبدالوهاب، وغنتها أيضًا المطربة فايزة أحمد، وترددت روايات مختلفة عن مولد تلك الأغنية، الأولى نشرتها مجلة «الكواكب» في مايو 1958 ورصدت كواليس تسجيلها في الإذاعة المصرية.
وذكرت «الكواكب» أن الناشطة النسائية زينات الجداوي، تولت لجنة تنظيم احتفالية عيد الأم، واقترحت على المسؤولين في الإذاعة إعداد أغنية خاصة بهذا العيد ضمن البرنامج الذي تعدّه لهذه المناسبة، واتصلت بالموسيقار محمد عبدالوهاب، وبدوره كلّف الشاعر حسين السيد بوضع الكلمات، وعندما سمع مطلعها، وشرع في تلحينها، قال إن أصلح صوت يؤدي هذه الأغنية هو صوت فايزة أحمد.
وجاءت الرواية الثانية في مجلة الإذاعة عام 1960، التي ذكرت أن أغنية «ست الحبايب» خرجت إلى النور، بالمصادفة البحتة، عندما كان الشاعر حسين السيد ذاهبًا في يوم 21 مارس إلى منزل والدته، واكتشف أنه نسي شراء هدية لأمه كي يقدمها لها في عيدها، ونظرًا لشعوره بالتعب والإرهاق لم يبادر بالنزول مجددًا للشارع لشراء الهدية، وهداه تفكيره لحيلة أخرى، وأخرج ورقة وقلمًا من جيبه، وجلس على السلم أمام الشقة يكتب كلمات يعبّر فيها عن حبه وتقديره لأمه، ليقدمها لها فور أن تفتح له الباب، وعندما انتهى من الكتابة طرق الباب وقدّم لها تلك الكلمات، فبكت من شدة تأثرها بها، وسألت ابنها هل هذه الكلمات لها خصيصًا أم أنها أغنية جديدة من تأليفه؟ فقال إنها لها وحدها وليست أغنية، مؤكدًا أنها لو رغبت في تحويلها إلى أغنية فسيتم ذلك خلال ساعات وبصوت أجمل المطربات، ووافقت الأم.«الأهلي والزمالك» تواجه التعصب الرياضي بصوت الشحرورة
وعلى الفور، اتصل حسين السيد بالموسيقار محمد عبدالوهاب وروى له القصة، وقرأ عليه الكلمات واكتشف بعد الانتهاء من قراءتها أن عبدالوهاب سجلها في ورقة عنده، ووعده الأخير بتلحينها ليفاجأ السيد في اليوم التالي هو ووالدته بالأغنية تذاع في الإذاعة المصرية وبصوت فايزة أحمد، فقال له عبدالوهاب إنه أعجب بالكلمات ولحنها في 15 دقيقة، واتصل بفايزة أحمد ودعاها على الفور للتدرُّب على اللحن.
ورغم التشابه في بعض تفاصيل الروايتين، فإن ابنة الشاعر الراحل الدكتورة حامدة حسين السيد، أكدت أن القصة الحقيقية لأغنية «ست الحبايب» بدأت عندما فكر الصحافيان مصطفى أمين وعلي أمين في عيد للأم، وعرضا الفكرة على وزير الثقافة وقتذاك ثروت عكاشة، ووافق على فكرة وجود عيد للأم، لكنه اشترط أن يرافقها أغنية للأم، كتبها حسين السيد ولحنها عبدالوهاب خلال 48 ساعة.
كُنا قد تحدثنا في خبر حسين السيد... شاعر الألف أغنية (2 - 3) - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
أخبار متعلقة :