بوصوف يرصد تداعيات التوتر الدبلوماسي بين أمريكا وجنوب إفريقيا - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. قال عبد الله بوصوف، الخبير في العلوم الإنسانية، إن قرار طرد سفير جنوب إفريقيا بالولايات المتحدة يوم 15 مارس الجاري واعتباره “شخصًا غير مرغوب فيه” جاء في سياق التوتر المتصاعد بين إدارة ترامب وحكومة بريتوريا، مضيفًا أن التقارير المتحدثة عن استهداف الضيعات الفلاحية المملوكة للبيض وتصاعد العنف ضدهم ساهمت في اتخاذ هذا القرار.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
وأشار بوصوف، في مقال له بعنوان “فضيحة دبلوماسية تهز جنوب إفريقيا وترامب يطرد السفير ويشعل المواجهة”، إلى أن تداعيات القرار شملت توقيف المساعدات المالية لجنوب إفريقيا، مبرزا أن وقف دعم قيمته 440 مليون دولار سيؤثر على برامج محاربة السيدا، ويهدد 15 ألف وظيفة، إضافة إلى مخاطر اقتصادية تطال المبادلات التجارية والقروض الدولية.
نص المقال:
كان قرار طرد سفير جنوب إفريقيا Ebrahim Rasool بالولايات المتحدة الأمريكية يوم 15 مارس الجاري واعتباره “شخصا غير مرغوب فيه” إحدى محطات الصراع والتراشق القوية بين إدارة ترامب 2.0 وحكومة بيرتوريا، خاصةً بعد تصريحات السفير يوم الجمعة بأن الرئيس ترامب انتخبه السكان البيض مخافة أن يصبحوا أقلية في أمريكا، مما فُسـر بأنه توجه عنصري يحرض على الكراهية ضد الرئيس ترامب وأمريكا.
وقد ذهب بعض المراقبين إلى أن قرار طرد ديبلوماسي جنوب إفريقيا يعود أساسا إلى سياسة حكومة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم، التي تقترب وتتودد لكل خصوم أمريكا كالصين وإيران وروسيا، بالإضافة إلى ترافعها أمام محكمة الجنايات الدولية ضد إسرائيل.
فيما مال البعض الآخر إلى كون مصادقة حكومة بريتوريا في يناير الماضي على تمديد قانون نزع الملكية بدون تعويض قد يكون أقرب إلى منطق الطرد المبني على العنصرية وكراهية أمريكا، خاصةً إذا علمنا أن 75 بالمائة من الأراضي هي ملك للسكان البيض الذين يمثلون 7 بالمائة من السكان، أي حوالي 4.5 ملايين نسمة. وقد تمت المصادقة على تمديد هذا القانون الذي ورثه حزب المؤتمر الوطني الحاكم منذ فترة نيلسون مانديلاـ أقول ـ إن المصادقة تمت بدون موافقة حزب التحالف الديمقراطي (وسط اليمين) المحسوب على السكان البيض، مما جلب تعاطف ومساندة اليمين في أوروبا وأمريكا.
أكثر من هذا عجلت عدة تقارير صادرة عن AfriForum بتكوين صورة واضحة عن الميز العنصري والكراهية التي تتبناها حكومة Cyril Ramaphosa، وتهديد الضيعات والمقاولات الفلاحية المملوكة للبيض. أحد التقارير، مثلًا، تحدث عن استهداف 300 ضيعة فلاحية سنة 2023 وموت 49 من السكان البيض نتيجة أحداث عنف. كما سجل وقوع 75 حالة وفاة يوميا سنة 2023. وهذا ما يبرر تدوينة ترامب المرحبة بكل الفلاحين مع أسرهم الراغبين في الهروب من جنوب إفريقيا لأسباب أمنية، مع العمل على تسريع مسطرة تجنيسهم.
كما أرجعت التقارير نفسها سبب رفض حكومة بريتوريا للترخيص لشركة إيلون ماسك Starlink ” بأنه أبيض، عندها خرج إيلون ماسك ذو الأصل الجنوب افريقي في منصة X، وقال إن سبب رفض الترخيص له أنه “غير أسود”.
لكن هل تستطيع حكومة جنوب إفريقيا تحمل الكلفة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لكل العقوبات الأمريكية؟ وهل ستتكلف حليفتها الجزائر بسد العجز المالي في إطار التضامن؟ وهل يسير حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم بجنوب إفريقيا نحو أزمة سياسية قد تدعو إلى انتخابات مبكرة، وتعويضه بالتحالف الديمقراطي؟..
أعتقد بوجود سياقات سياسية وأيديولوجية معينة دفعت بالاعتقاد أن دولة جنوب إفريقيا تستحق أن تكون الأولى في حجم الاستثمارات الخارجية، والأولى في تلقي الإعانات وبرامج المساعدات وتسهيلات في منح القروض من طرف المؤسسات المالية العالمية.
في حين تقودنا لغة المنطق إلى أن الحزب الحاكم وظف سيئات نظام الأبارتايد وسجن نيلسون مانديلا كقصة ملهمة للمقاومة والحرية ورأسمال وحيد للحزب الحاكم ببريتوريا، في الوقت الذي تزخر القارة الإفريقية بالعديد من القادة العظماء إبان الاستعمار، وفي مقدمتهم السلطان محمد الخامس والسنغالي ليوبولد سنغور وتوماس سانكارا والغاني كوامي نكروما وغيرهم كثير، وحتى قبل ميلاد دولة جنوب إفريقيا سنة 1994. إذ يسجل التاريخ اعتراف نيسلون مانديلا في تجمع كبير بدور الملك الراحل الحسن الثاني في تحرر جنوب إفريقيا من العبودية واستقباله للدكتور عبد الكريم الخطيب، رحمه الله، في أبريل من سنة 1995، الذي كان مكلفا من طرف العاهل المغربي بتقديم السلاح والدعم المالي لحركة مانديلا.
وقد أجازف بالقول إن جنوب إفريقيا أُريد لها أن تكون قوية رغم أنف الجميع بقوة صفقات سياسية واقتصادية وبغطاء إعلامي وسينمائي وفني كبير لأن لغة الأرقام والواقع تشير إلى غرق سكان جنوب إفريقيا في الظلام بدون كهرباء ساعات طويلة في اليوم، وارتفاع معدلات البطالة والفقر والجريمة والعصابات المنظمة والرشوة وفساد نخب الحزب الحاكم منذ 1994.
اليوم تجد جنوب إفريقيا نفسها أمام امتحان سياسي كبير بمقاطعة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو اجتماع G20 المنعقد بجوهانسبرغ يومي 20 و21 أكتوبر الماضي، وطرد السفير لنفس الأسباب، أي التسويق للكراهية ضد ترامب وأمريكا. بالإضافة إلى عقوبات مالية كبرى. فقد وقع الرئيس ترامب “أمرا تنفيذيا” بإيقاف المساعدات المالية لجنوب إفريقيا. ويكفي التذكير أنه سنة 2023 توصلت بريتوريا بـ 440 مليون دولار خصصت لبرامج محاربة السيدا، حيث يصل رقم المصابين إلى 7 ملايين مصاب. وتوقيف هذه المساعدات يعني الإضرار ببرنامج محاربة السيدا وفقدان 15 ألف منصب شغل.
تداعيات وقف المساعدات الأمريكية تهدد حوالي 4 مليارات دولار من الصادرات بتسعيرات تفضيلية African Growth and Opportunities Act Agora ، وهي الاتفاقية التي ستنتهي نهاية هذا العام، كما تهدد قروض التنمية الاقتصادية، سواء مع البنك الدولي أوصندوق النقد الدولي، وتهدد أكثر من 20 مليارا من المبادلات التجارية في مجالات الفلاحة والمال والسيارات.
يقول البعض إن البديل أمام Cyril Ramaphosa هو مجموعة البريكس، لكنها فرضية ضعيفة في ظل التقارب الروسي- الأمريكي حول إيقاف الحرب في أوكرانيا.
بالمناسبة لم نسمع صوت دولة العالم الآخر وقوتها الضاربة لإنقاذ حليفها من وحل العنصرية والكراهية أو تقديم خراطيم الغاز والبترول كقربان للعفو عن حكومة جنوب إفريقيا.
كُنا قد تحدثنا في خبر بوصوف يرصد تداعيات التوتر الدبلوماسي بين أمريكا وجنوب إفريقيا - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
أخبار متعلقة :