د. وائل كامل يكتب: "السياسات التعليمية.. الاعتراف بالحق فضيله" - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. في خطوة جيدة وهامة ومؤثرة، أصدر المجلس الأعلى للجامعات في مصر قرارًا بضرورة أن تتضمن الامتحانات الجامعية أسئلة مقالية بجانب أسئلة الاختيار من متعدد (البابل شيت)، وذلك لتوفير تقييم شامل يعكس قدرات الطلاب بطرق متعددة ويوفر توازنًا مثاليًا في قياس مستويات الطلاب المعرفية ويسهم في تطوير مهاراتهم الأكاديمية والعملية.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
هذا القرار يعد خطوة هامة نحو إصلاح خطأ لقرار سابق يخص البابل شيت، فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الخطأ والإصرار عليه، ولكن لابد من النظر إلى أبعاد هذا التغيير وآثاره على المنظومة التعليمية بشكل عام.
من المعروف أن نظام الاختيار من متعدد أصبح شائعًا في معظم الامتحانات الجامعية وما قبلها بمدارس الثانوي والإعدادي في الفترة الأخيرة. يتميز بسرعة التصحيح والقدرة على تغطية عدد كبير من الأسئلة في وقت محدود. لكن، هذا النظام يواجه العديد من الانتقادات التي تؤثر سلبًا على قياس مستوى الطالب: منها عدم قياس الفهم العميق، لاعتماد هذا النظام على قدرة الطالب على تحديد الإجابة الصحيحة من بين مجموعة من الخيارات، دون الحاجة إلى تفسير أو شرح، وهذا يعني أن الطلاب يمكنهم اجتياز الامتحانات دون فهم عميق للمفاهيم أو القدرة على تطبيقها.
في بعض الأحيان، تحتوي الأسئلة على خيارات متشابهة أو مُشتَتة، ما يؤدي إلى أن الإجابة الصحيحة قد تكون عشوائية في بعض الحالات، مما يهدد دقة التقييم، ومع التركيز على الاختيار من متعدد، يُحرم الطلاب من فرصة التعبير عن أفكارهم بطريقة مكتوبة، مما يحد من تطوير مهارات الكتابة والقدرة على التفكير النقدي والتحليلي والإبداع، ويمكن أن يسهل نظام الاختيار من متعدد عملية الغش مقارنة بالأسئلة المقالية، حيث يمكن للطلاب ببساطة نسخ الإجابات الصحيحة من زملائهم أو استغلال بعض الحيل الأخرى مثل توجيه إشارات على الوجه معتبرًا الجبهة إجابة (أ) والعين إجابة (ب) والأنف إجابة (ج) والفم إجابة (د)...الخ من الحيل المستخدمة.
على النقيض من ذلك، تتمتع الأسئلة المقالية بالعديد من الفوائد التي تجعلها أداة فعالة في قياس قدرة الطالب على الفهم والتحليل والتركيب والإبداع، وتساهم في تقييم الفهم العميق، وذلك لأن الطالب عليه أن يشرح ويحلل الموضوع بشكل كامل، مما يعكس فهمه العميق للمادة، وتتيح الفرصة لتطوير مهارات التفكير النقدي والتحليلي لدى الطلاب، حيث يضطرون إلى تقييم المعلومات وربطها ببعضها البعض بطريقة منطقية، وهو ما يعد أمرًا أساسيًا في التعليم الجامعي. كما تساعد على تنشيط المستويات العليا من التفكير الموجودة في هرم بلوم المعرفي والذي يشتمل على ستة مستويات (المعرفة، الفهم، التطبيق، التحليل، التقييم، والتركيب مع الإبداع)، خاصة في مراحل التحليل والتقييم والإبداع، وهو ما يعجز نظام الاختيار من متعدد عن تحقيقه.
إن تطوير مهارات الكتابة والتعبير في ظل انتشار مواقع التواصل وتداخل اللغة العربية مع العامية مع الفرانكو آراب مع الإنجليزية، تسبب في إضعاف مهارات الكتابة والتعبير باللغة العربية السليمة لدى قطاع عريض من الطلاب، وبالرغم من أن القدرة على التعبير لغويًا من المهارات الأساسية التي يحتاجها الطلاب في حياتهم المهنية والأكاديمية المستقبلية، إلا أن القرار الخاطئ بتعميم أسئلة الاختيار من متعدد بدون الأسئلة المقالية كان يصيبها في مقتل ويساهم في إضعاف تلك المهارة، خصوصًا لو اعتاد الطالب عليها طوال مرحلة تعليمه قبل الجامعي.
في حين أن قرار المجلس الأعلى للجامعات بعدم تعميم الاختيار من متعدد وجعله الأداة الوحيدة للتقييم وضرورة وجود أسئلة مقالية هو خطوة يجب أن نمدحها لأنها تعكس رغبة في تحسين جودة التعليم والتقييم، إلا أن الاختيار من متعدد لا يزال مُطبقًا من قبل وزارة التربية والتعليم في مراحل تعليم ما قبل الجامعي ليشكل نسبة أسئلة اختيار من متعدد حوالي 85٪ من إجمالي الامتحانات، ونسبة الأسئلة المقالية لا تتجاوز 15٪، مما قد يجعل البعض يتجاهل حل تلك الأسئلة لما تشكله من نسبة ضئيلة لن تؤثر في درجة الطالب، ولم يتم تغيير تلك النسبة حتى الآن رغم أهمية وجود توازن في نوعية الأسئلة.
مثل هذه القرارات التي تتخذ بشكل عشوائي في التربية والتعليم والتي كانت أحد أسبابها هو إدخال التابلت في المنظومة التعليمية لتفعيل امتحانات الاختيار من متعدد، والذي أثبت فشله مع ضعف البنية التحتية وعدم توفر سيرفرات جيدة، وتغيير سياسة وزارة التربية والتعليم بشأن أهداف التابلت واستخداماته، ومؤخرًا إجبار أولياء أمور طلاب الصف الأول الثانوي على التوقيع باستلامه كعهدة لمدة ثلاثة سنوات ويجب تسليمها بحالتها ودفع قيمته لو حدث به تلف، وبدون تحديد سعر الجهاز ولا تسليم شهادة ضمان له، بعد أن كان منحة لا ترد تم تسديد تكلفتها من خلال مصروفات البريد التي فرضت على طلاب جميع مراحل تعليم ما قبل الجامعي وتم تحصيل رسوم تأمين ضد التلف خلال السنوات السابقة.
بالرغم من اعتراضات أولياء الأمور على استلامه كعهدة، إلا أنه وكعادة وزارة التربية والتعليم لم تنصت لشكاوى أولياء الأمور ولازالت تصر على تسليمه كعهدة يجب تسليمها بحالتها رغمًا عن أنف الجميع، ورغم أن الأجهزة الإلكترونية تتعرض بطاريتها والشاحن للتلف مع الاستخدام وقد تتعرض الشاشة للكسر داخل الشنطة المدرسية..!!.
مثل تلك القرارات الخاطئة التي تستمر بإصرار بدون الرجوع عنها قد تكون لها بعض الآثار السلبية على المنظومة التعليمية ككل، من حيث إرباك الطلاب وأولياء أمورهم، ومن المهم دائمًا أن يكون هناك مجال لتعديل القرارات والسياسات التعليمية بعد تطبيقها بناء على نتيجة التجربة بتقييم دقيق لآثارها مع استطلاع رأي الخبراء والمجتمع من الطلاب وأولياء أمورهم، وعدم التشبث بالخطأ واتخاذ خطوات لإصلاح الوضع في سياسات التعليم بكل مراحله، للارتقاء وتحقيق نهضة وتقدم لوطننا الحبيب.
كُنا قد تحدثنا في خبر د. وائل كامل يكتب: "السياسات التعليمية.. الاعتراف بالحق فضيله" - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
أخبار متعلقة :