غاية التعليمية

عبدالكريم عبدالقادر أيقونة الشجن والرومانسية (4- 6) - غاية التعليمية

عبدالكريم عبدالقادر أيقونة الشجن والرومانسية (4- 6) - غاية التعليمية

غاية التعليمية يكتُب.. استطاع الفنان عبدالكريم عبدالقادر تحقيق قفزات نوعية خلال مشواره الفني، وقدم أغنيات تعد علامات فارقة في مسيرته الفنية، مثل «ليل السهارى» التي كتبها الشاعر الشيخ خليفة العبدالله، ولحنها عبدالرحمن البعيجان، ثم جاءت أغنية «تعيش وتسلم» التي كتبها الشاعر يوسف ناصر ولحنها عبدالرحمن البعيجان، واستمر النجاح والتفوق بفضل حسن الاختيار وجودة الانتقاء، فكان عبدالقادر يبذل جهدا كبيرا في اختيار ما يناسبه من قصائد وألحان تحوي جملا موسيقية رائعة. والتزم «الصوت الجريح» بهذا النهج والأسلوب ولم يحد عنه، فضمن التفوق والنجاح في مشاريعه الفنية، كما حرص على البحث عن التجديد في الكلمة أو اللحن، فكان يتعامل مع الأسماء الجديدة التي تملك موهبة مبرهنة. في الحلقة الرابعة من سيرة الفنان الراحل، نستعرض أبرز أعماله الفنية التي حققت نجاحا كبيرا، كما نسلط الضوء على علاقته بالفنان عبدالعزيز المفرج، الملقب بـ «شادي الخليج»، وكذلك الشاعر يوسف ناصر الذي كتب أعذب الكلمات وشدا بها عبدالقادر، ومن هذه الأعمال الناجحة «طيف الأحبة»، «أبوعيون فتانة»، «اشحدا ما بدا لك»، «آه يالأسمر يا زين»، «الوجه الصبوحي»، «يكفي خلاص»، وفيما يلي التفاصيل.

اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.

يَعْتَبر الفنان عبدالكريم عبدالقادر زميله الفنان عبدالعزيز المفرج، الملقب بشادي الخليج، والذي سبقه بالانخراط في المجال الفني، بمنزلة الأستاذ لجيل المطربين الشباب في حقبتي الستينيات والسبعينيات، لأنه سعى إلى تقديم شكل غنائي جديد ومختلف عن السائد في تلك الفترة حيث كان المطربون الكبار في ذلك الوقت ينشطون في تقديم الألوان الغنائية مثل السامري والأصوات، وصحيح أن هذه الأشكال الفنية كانت رائجة، وللمطربين الذين يؤدونها شعبية كبيرة ولهم مكانة مرموقة لدى المستمع وكذلك لدى الفنانين، لكن ثمة تطور بدأ يطرأ على الغناء في تلك المرحلة، وإحقاقاً للحق الفنان شادي الخليج هو من حمل لواء التطوير ثم بدأ التطوير يكون سمة تلك المرحلة مع الاحتفاظ بمكتسبات التراث الذي كان يقدمه المطربون الشباب أيضاً.

عبدالكريم عبدالقادر يرى أن شادي الخليج هو حامل لواء التطوير في الأغنية الكويتية

شادي الخليج

اشتهر شادي الخليج بأداء الأغنيات الوطنية، وحقق صدى طيباً على مدار العقود السابقة، حتى أصبح أحد رموز الأغنية الوطنية في الكويت، وهو من مواليد حي القبلة، الكويت (21 مارس 1939)، ودرس الفن، وترقى في المناصب الكثيرة، وقدَّم العديد من الأعمال الفنية الوطنية والعاطفية، وأعاد إحياء العديد من أغنيات التراث. بدأت موهبته الفنية منذ الصغر، فقد جمعته صداقة وطيدة بعدد كبير من العاملين في المجال الفني، منهم: محمد السنعوسي، وعبدالرحمن البعيجان، وبدر فرج العتيقي، وكانوا يعيشون في فريج واحد، ويخرجون من فريجهم في القبلة، ويذهبون إلى سوق الغربللي، ويرون العربات والأحصنة على امتداد الشارع، ويستلون من شعر الحصان، ووضعه فوق علب من الخشب، لتساعدهم على العزف.

وكان شادي الخليج يغني ما يحفظه من الأغاني القديمة، فيما يتولى البعيجان والعتيقي مهمة العزف على هذه العلب، فالموهبة بدأت منذ الصغر، ونمت وخرجت بالتالي للجمهور.

وفي سنة 1958 زار عبدالعزيز المفرج مركز الفنون الشعبية، التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وهناك التقى العديد من الفنانين، من بينهم حمد الرجيب، الذي استطاع إقناعه باحتراف الغناء بعد تردد كبير، بسبب أعراف المجتمع آنذاك للمشتغل في العمل الفني، لذلك قرر الرجيب تغيير اسمه، وإطلاق لقب فني عليه، وهو «شادي الخليج».

الأعمال القديمة فيها كم كبير من الصدق سواء من حيث الكلمة أو اللحن أو أداء المطرب

بين عبدالقادر والرويشد

قدم الفنان عبدالكريم عبدالقادر مجموعة أغنيات ناجحة مع الشاعر يوسف ناصر، ومن أشهرها «طيف الأحبة» و«أبوعيون فتانة» و«اشحدا ما بدا لك» و«آه يالأسمر يازين» وكذلك «الوجه الصبوحي» و«يكفي خلاص»، كما غنى الصوت الجريح عدداً من الأوبريتات من أشعار يوسف ناصر الذي يعتبر من أوائل الشعراء الذين تعامل معهم عبدالكريم عبدالقادر في نهاية الستينيات.

ويروي الشاعر يوسف ناصر موقفاً طريفاً حول إحدى الأغنيات ويقول ضمن هذا السياق: «إن أغنية الوجه الصبوحي التي شدا بها الفنان عبدالكريم عبدالقادر لم تكن في البداية له، بل كنت قد اتفقت مع الفنان عبدالله الرويشد على أدائها، واستلمت منه العربون، لكن فوجئت بأن الملحن راشد الخضر وعبدالكريم عبدالقادر يطلبان هذه الأغنية، لأن عبدالكريم سمعها وأخبر راشد أنه يود أن يغنيها، فخاطبني راشد بهذا الموضوع، وقلت له لا يمكن لأن الفنان عبدالله الرويشد أعطاني العربون وتم الاتفاق بيننا... لكن راشد كان مصراً، وقال: سنتصرف مع الرويشد ونخبره بأي عذر، وفعلاً ذهبت الأغنية إلى الصوت الجريح وشدا بها وحققت نجاحاً كبيراً».

ومن أجواء أغنية الوجه الصبوحي:

يا حي الله ابو الوجه الصبوحي

يا حي الله ابو القلب النصوحي

الا يا عل عيني ما تفقدك

تسلم لي للابد يا روح روحي

إليا شفتك انا يرتاح بالي

واحس ان العمر وياك غالي

ترى ذي حالتي يا حال حالي

اعد واحسب متى زولك يلوحي

اقولك واعترف لك بالحقيقة

ترى مقدر على بعدك دقيقة

ما اطيق الصبر لا ما اطيقه

حيث شوق الهوى امره فضوحي

«الوجه الصبوحي» كانت للفنان عبدالله الرويشد قبل أن يشدو بها عبدالكريم عبدالقادر

من «الداخلية» إلى «الإعلام»

كان الراحل يعمل في وزارة الداخلية بقسم الجوازات، لكن بعد أن أصبح فناناً مشهوراً تقدم بطلب نقل إلى وزارة الإعلام، وتم له ذلك، وعمل بها إلى أن وصل إلى سن التقاعد. وعن هذه الفترة كان يقول الراحل: «في بداية حياتي كنت موظفاً في وزارة الداخلية وتحديدا في الجوازات، وكنت أمارس عملي كأي موظف آخر، ومع مرور الأيام والانخراط في المجال الفني ثم تحقيق الشهرة رأيت أن العمل بوزارة الاعلام سيكون أنسب لي، وتقدمت بطلب رسمي لنقلي من وزارة الداخلية إلى وزارة الاعلام، ولم يقصر المسؤولون حينها، وانضممت إلى الإعلام التي كانت وقتذاك أشبه بخلية نحل، وكنا نعمل بجد واجتهاد ونقدم أعمالاً جميلة ضمن أجواء يسودها الحب والمودة والرغبة في العمل وتحقيق الإنجازات، وكانت هناك فرقة موسيقية في الوزارة تضم عدداً من أبرز الفنانين العرب، وجلهم من الأساتذة الكبار ولديهم خبرة طويلة، وحينما تذهب للاستديو لا تخشى على شيء فستجد خيرة الموسيقيين والعازفين، وكانت الدولة تقدم الدعم المادي والمعنوي لكل العاملين في الوزارة لأن السياسة العامة للدولة كانت ترغب في أن تضعنا تحت دائرة الشمس، ورفع اسم الكويت عالياً في المحافل الدولية والرسمية».

الصوت الجريح: لإنتاج أغنية واحدة كان فريق العمل يعقد الجلسات والاجتماعات ويحتاج إلى 3 أشهر لتنفيذها

أغنية السبعينيات معاصرة وفيها روح الحداثة

عن أغنية حقبة السبعينيات يقول عبدالكريم عبدالقادر: «إنها معاصرة وفيها روح الحداثة، وكانت أغنية مكبلهة، أي أنها تتضمن كوبليهات متنوعة أو مقاطع متنوعة، ولكل مقطع موسيقي لحن مختلف نوعاً ما عن المقطع الآخر، وكل المقاطع تشكل وحدة لحنية للأغنية، ومن منظوري الأغنية تتطور، شأنها شأن الكائن الحي وتمر بمراحل مختلفة».

وحول استمرار نجاح الأغنيات القديمة ومنافستها الأغاني الحميمة الصادرة حديثاً يقول عبدالقادر: «هذه الأعمال فيها كمّ كبير من الصدق، سواء من حيث الكلمة أو اللحن وكذلك أداء المطرب، وكنا نعمل 3 أشهر لإنتاج أغنية، ونعقد جلسات واجتماعات ونجري بعض التعديلات ونحاول إصلاح الخلل إن كان موجودا، ونبحث عن البديل والمتاح لنا وفق الإمكانات التي نملكها، لذلك كانت الأعمال معبرة عن الحالة بكل صدق وشفافية، فضلا عن رغبة كل ضلع في الأغنية في النجاح والتفوق وتقديم الأفضل، بمعنى أننا كنا نشتغل بصدق وود وبشكل جماعي، فالنجاح ينسب لفريق العمل، ولم نكن نشعر بحب الذات والتضخم بل حب العمل الذي يمثل الجميع، هذا الجو الصحي جدا كان يبعث روح التنافس والحماس في نفوس المطربين والشعراء والملحنين لتقديم أفضل ما لديهم، هذه الأجواء ساهمت في إثراء الساحة الغنائية والفنية في تلك الفترة».

الصوت الجريح: أغنية السبعينيات مختلفة فلكل مقطع موسيقي لحن مغاير عن المقطع الآخر وكل المقاطع تشكل وحدة لحنية للأغنية

«آه يالأسمر يا زين» نقلة نوعية

قدم الفنان عبدالكريم عبدالقادر أغنية جميلة بعنوان «آه يالأسمر يا زين»، من كلمات يوسف ناصر وألحان مصطفى العوضي، حققت في وقتها نجاحا كبيرا، ونظرا لشهرتها قام بأدائها عدد من الفنانين العرب، وتعد الأغنية مرحلة جديدة في مشوار الصوت الجريح، وكانت نقلة نوعية في مشواره، والمتابع لمسيرة عبدالكريم عبدالقادر يتلمس مدى حرصه على تقديم أغنيات مختلفة عن السائد، وتتضمن مضمونا يجذب المتلقي.

ومن أجواء أغنية «آه يالأسمر يا زين»:

آه يالأسمر يا زين

حبك أسرني ودلالك غير ألواني

يا منى الروح والعين

الشوق أمرني أطيعك وانسى خلاني

الشوق أمرني... الشوق أمرني

الشوق امرني اطيعك وانسى خلاني

سهمك جرحني وغرامك تيه أفكاري

وشوقك فضحني... وبيح بالهوى أسراري

كانك دريت فيني... بالك تخليني

الشوق أمرني... الشوق أمرني

الشوق امرني اطيعك وانسى خلاني

من يوم عرفتك وطعم النوم ما اذوقه

كانك دريت فيني بالك تخليني

حققت هذه الأغنية نجاحاً كبيراً، وغناها الكثير من المطربين سواء الخليجيون أو العرب.

واستطاع الفنان عبدالكريم عبدالقادر تقديم أغنيات متنوعة خلال مشواره باحثاً عن التطوير والتجديد، فكان يحرص على التعامل مع الملحنين الشباب الذين يحملون أفكارا مختلفة، ويرغبون في تقديم أشكال موسيقية جديدة، ومن هؤلاء الملحن مصطفى العوضي ويوسف ناصر، كما حدث في مرحلة لاحقة في تعامله مع الفنان عبدالرب إدريس والشاعر بدر بورسلي.

وحول مسحة الحزن التي تختفي بين نبرات صوته، كان الراحل يوضح: «الرومانسيات ومسحة الحزن التي تعتري صوتي هي بفضل من الله عز وجل ولم أفتعلها، وكنت من خلال هذه المعطيات أود إيصال شيء إلى الناس، الحمد لله أني راض عما قدمته من أعمال، كما أنا راض عن هويتي الفنية التي بحثت فيها عن التميز والاختلاف، وأعتقد ان مسحة الحزن ساعدتني كثيراً على أن أترجم مشاعري بالكلمة واللحن، كما كنت أحدد اختياراتي وفقاً لهذه الإمكانات وقناعتي الفنية، ويجب هنا ألا أغفل دور الذين تعاملت معهم من أستاذة كبار وكانوا لي خير معين لتقديم ما كنا نتوافق عليه، والحمد لله أننا حققنا النجاح معا».

وعن الطريقة المثلى للوصول إلى النجاح، يرى عبدالقادر أن الفنان يجب عليه أن يعرف ما يريد، فالفن يحتاج إلى جهد كبير، والبعض يتساهل في التعامل مع ما يغنيه، ومثلاً بعض الفنانين يلبون رغبة الملحنين حينما يقترح عليه أحدهم أداء أغنية وهي لا تناسب صوته أو لا تتماشى مع اختياراته، هنا تحدث المجاملة لكن على حساب الفن.

ويضيف: «بالتدقيق جيدا فيما تقدمه سواء من الكلمة أو اللحن وإجراء بعض التعديلات لإضفاء جمال أكثر على الأغنية، يجب على الفنان أن يكون شجاعاً فإن كانت الأغنية لا تتماشى مع إمكاناته يفضل أن يعتذر عن عدم أدائها، وأعتقد أن من يريد أن يصنع تاريخاً لنفسه يجب عليه أن يبتعد عن المجاملة وترك التساهل ويتخلى عن التسرع، ويجب كذلك أن يتصف بالصبر والجلد والرغبة في التجديد والتطور».

كُنا قد تحدثنا في خبر عبدالكريم عبدالقادر أيقونة الشجن والرومانسية (4- 6) - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.

أخبار متعلقة :