تصاميم ناجحة لطائرات تجارية أسرع من الصوت - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. في صيف عام 1985، كان بوسع المسافرين الأثرياء تناول الإفطار في نيويورك، وتناول الغداء في لندن، والعودة إلى ديارهم لتناول العشاء، في رحلة عبر المحيط الأطلسي بسرعة تعادل ضعف سرعة الصوت على متن الطائرة «كونكورد»، كما كتبت جاكي سنو(*).
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
لقد كانت تلك أياماً مهيبة من السفر الأسرع من الصوت، عندما كان أسطول الخطوط الجوية البريطانية من الطائرة «كونكورد» يحمل نجوم هوليوود، وكبار رجال الأعمال، والأثرياء بين القارات بسرعة تبلغ «2 ماخ». وقد تكون هذه الأيام على وشك العودة، وإن كان في عالم طيران مختلف تماماً.
اختبارات لتصاميم جديدة
في يناير (كانون الثاني) الماضي، وصل نموذج استعراضي لطائرة «إكس بي 1» XB-1 من شركة «بوم سوبرسونيك» Boom Supersonic إلى سرعة بلغت «1.122 ماخ» (أو 750 ميلاً/ساعة، 1207 كيلومترات/ساعة) عند تحليقها فوق صحراء موهافي بولايتي كاليفورنيا ونيفادا. وأصبحت أول طائرة مدنية تكسر حاجز الصوت منذ تقاعد «كونكورد» في عام 2003.
أثبتت تلك التجربة صحة التقنيات الحاسمة التي تأمل شركة «بوم» في تطويرها لصالح الطائرة «أوفرتشر» Overture airliner، وهي طائرة نفاثة يمكنها أن تحمل ما يصل إلى 80 راكباً لمسافة تصل إلى 4250 ميلاً بحرياً (نحو 4888 ميلاً أو 7866 كيلومتراً)، وهي مُصممة للطيران بسرعة تبلغ «1.7 ماخ»، أو ما يزيد قليلاً على 1300 ميل (2092 كيلومتراً) في الساعة. وهذا تقريباً يبلغ ضعف السرعة التي تسير بها طائرات الركاب التجارية الحالية.
ويمثل هذا الإنجاز نقطة تحول محتملة في مسعى الطيران التجاري الذي استمر عقوداً لإعادة السفر الأسرع من الصوت إلى الواجهة. ولكن في حين نجحت شركة «بوم» في تأمين أكثر من 600 مليون دولار أميركي من التمويل مع 130 طلباً مؤقتاً من شركات الطيران الكبرى، فإن الطريق إلى الربحية لا يزال صعباً. يجب على الشركة أن تثبت أنها قادرة على التغلب على نفس تحديات الفيزياء والاقتصاد التي أوقفت عمل «كونكورد» في الوقت الذي تختبر فيه أيضاً المخاوف الجديدة بشأن تأثير الطيران على البيئة.
وقد بدأت رحلة الشركة التي تتخذ من دنفر مقراً لها في تحقيق هذا الإنجاز في عام 2016، عندما تلقت دعماً حاسماً من مجموعة «فيرجين غروب»، التي لا تزال تعمل في برنامج احتضان الشركات الناشئة «واي كومبيناتور». وعرضت الشركة المملوكة للثري ريتشارد برانسون الدعم الهندسي واختارت أول 10 طائرات ركاب. وهي خطوة مناسبة نظراً لأن برانسون حاول من دون جدوى في عام 2003 شراء أسطول طائرات «كونكورد» المتقاعد من الخطوط الجوية البريطانية لاستخدامها من قبل شركة «فيرجن أتلانتيك». وكانت شركة «فيرجين غالاكتيك» بدأت منذ ذلك الوقت في تصميم طائرتها الأسرع من الصوت. ثم شرعت شركة «بوم»، التي تضم بين مستثمريها كلاً من: بول غراهام، وريد هوفمان، وسام ألتمان؛ في بناء الطائرة «إكس بي 1»، وهي نموذج أوليّ بحجم الثُلُث من الطائرة «أوفرتشر».
طيران سريع
الاحتمالات مُشَوِّقة للغاية: تقول شركة «بوم» إن هناك أكثر من 500 مسار للاستفادة من طائرتها. من الممكن أن تنخفض ساعات الطيران من طوكيو إلى سياتل من 8.5 ساعة إلى 4.5 ساعة تقريبا، ومن لوس أنجليس إلى سيدني من 14.5 ساعة إلى 8.5 ساعة، ومن نيويورك إلى لندن من 6.5 ساعة إلى 3.5 ساعة فقط.
هناك بالفعل بعض الأطراف المهتمة. فقد وقعت شركة «يونايتد إيرلاينز»، «اتفاقية شراء مشروطة وغير ملزمة» لـ15 طائرة مع خيارات لشراء 35 طائرة أخرى، وفقاً لما ذكرته وسائل الإعلام الإخبارية الأميركية. وقد حذت كل من شركة «أميركان إيرلاينز» والخطوط الجوية اليابانية حذوهما ليصل المجموع إلى 130 طائرة. وبتكاليف تبلغ 200 مليون دولار لكل طائرة، فإن هذا يمثل قدراً كبيراً من ثقة السوق، ولو أن قدامى أقطاب الصناعة يتذكرون التزامات مماثلة تعهدت بها شركة «كونكورد» ولم تتحقق قط.
إن تحديات الاقتصاد والفيزياء التي عصفت بالطائرة «كونكورد» قبلاً ما تزال تلوح في الأفق. إذ استخدمت طائرة بوينغ 747 - التي دخلت الخدمة التجارية في عام 1970، بعد أشهر من أول اختبار ناجح للطائرة «كونكورد» - ربع مقدار الوقود، وحملت خمسة أضعاف عدد الركاب. ومنذ ذلك الحين، صارت الطائرات غير الأسرع من الصوت هي الأكثر كفاءة.
وكما صرح بليك شول، الرئيس التنفيذي لشركة «بوم» لشبكة «إن بي آر»: «كانت أكبر مشكلة في (كونكورد) ببساطة هي أن تشغيلها كان باهظ الثمن للغاية. لذا، فإن المشكلة الأكثر أهمية التي يتعين علينا حلها ليست كسر حاجز الصوت، وإنما كسر الحاجز الاقتصادي».
تصميم أكثر كفاءة وأقل ضجيجاً
وتزعم شركة «بوم» أن الطائرة «أوفرتشر» الخاصة بها سوف تعمل بتكلفة أقل بنسبة 75 في المائة من «كونكورد» من خلال مواد حديثة أخف وزناً ومحركات أكثر كفاءة.
هناك أيضاً تغييرات في فهم الفيزياء التي يمكن أن تعني أن الضوضاء العالية والنوافذ المكسورة ستكون شيئاً من الماضي. وتزعم شركة «بوم» أن تقنية «بومليس كروز» التي تستخدمها تعني أن الطائرة «أوفرتشر» ليست أعلى صوتاً من الطائرات الحالية عند الإقلاع.
سيكون بإمكان الطائرة «أوفرتشر» أن تطير بسرعة «1.3 ماخ» (نحو 1000 ميل/ساعة أو 1609 كيلومترات/ساعة) من دون أن يكون هناك دوي مسموع، ما يقلل من وقت الرحلات من الساحل إلى الساحل في الولايات المتحدة لمدة تصل إلى 90 دقيقة، إذا لم يكن هناك قانون يحظر الرحلات الأسرع من الصوت فوق سطح الأرض.
لقد تغير مشهد الطيران بصورة كبيرة منذ رحلة «كونكورد» الأخيرة، وبطرق يمكن أن تساعد في إنجاح السفر الجوي الأسرع من الصوت هذه المرة. ويتوقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي أن تبلغ عائدات شركات النقل الجوي العالمية في عام 2025 مبلغ تريليون دولار للمرة الأولى. وتشهد سوق السفر الفاخر توسعاً سريعاً، حيث تشير التوقعات إلى نمو يبلغ 37.45 مليار دولار بحلول عام 2029، بمعدل ثابت يبلغ 6.5 في المائة سنوياً. فهناك نحو 20 في المائة فقط من سكان العالم يستخدمون السفر الجوي بانتظام، وهو ما يشير إلى حيز كبير للنمو. وتتوقع شركة «أفياشن بينيفتس» أن يصل عدد الركاب إلى 10 مليارات مسافر بحلول عام 2050.
وحتى مع توفر التكنولوجيا الأفضل وقطاع السفر المتنامي، فإن هدف شركة «بوم» لعام 2029 في مجال الخدمات التجارية يواجه رياحاً معاكسة كبيرة. ورغم أن اختبار الطائرة «إكس بي 1» قد أثبت صحة التقنيات الرئيسية، فإن ترقية هذه التقنيات لصالح طائرة تجارية كاملة يُشكل تحديات هندسية وتنظيمية هائلة. فمن المرجح أن تستخدم طائرة تجارية أسرع من الصوت، مثل تلك التي تصممها شركة «بوم»، خمسة إلى سبعة أضعاف كمية الوقود لكل "كيلومتر- مسافر" مقارنة بالطائرة التجارية غير الأسرع من الصوت.
وهذا يعني الكثير من ثاني أكسيد الكربون، وهو أمر تشعر شركات الطيران بقلق متزايد حياله. وقد أدلى شول بشهادته أمام لجنة فرعية معنية بالطيران تابعة لمجلس النواب الأميركي في العام الماضي قائلاً: «إن وقود الطائرات المستدام، أو (SAF)، يُشكل المفتاح لاستدامة الطائرة (أوفرتشر)، ونحن نعمل على تصميم الطائرة (أوفرتشر) من القاعدة إلى القمة بحيث تعمل على 100 في المائة من وقود الطائرات المستدام، الأمر الذي يمكنها من الطيران في رحلة خالية تماماً من الانبعاثات الكربونية».
ولكن مع ارتفاع أسعار وقود الطائرات المستدام إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف أسعار وقود الطائرات التقليدي، فإن شركة «بوم» تواجه سؤالاً حاسماً: هل تستطيع شركات الطيران كسب المال من بيع تذاكر الطائرات الأسرع من الصوت في حين تحرق الوقود الممتاز؟ تقول شركة «بوم» إنها تتوقع أن تكون الرحلات الجوية مربحة من خلال فرض أسعار الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال، على الرغم من أن التكاليف متروكة في نهاية المطاف إلى شركات الطيران. قد يُحدد الجواب ما إذا كان السفر الأسرع من الصوت سوف يبقى ذكرى حنين إلى ماضي الطيران، أو يصبح في النهاية جزءاً من مستقبله.
* مجلة «كوارتز» - خدمات «تريبيون ميديا»
كُنا قد تحدثنا في خبر تصاميم ناجحة لطائرات تجارية أسرع من الصوت - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
أخبار متعلقة :