مسندم العمانية تشهد تحولات تنموية تعزز مكانتها الاستراتيجية على مضيق هرمز - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. في أقصى شمال سلطنة عمان، حيث تلتقي الجبال الشاهقة بالمياه الزرقاء العميقة لمضيق هرمز، أحد أهم الممرات البحرية التي يمر عبرها نحو 40 في المائة من النفط العالمي، بما يعادل 20 إلى 30 ناقلة يومياً، تشهد محافظة مسندم تحولات تنموية كبيرة تهدف إلى تعزيز مكانتها الاستراتيجية، وتحقيق نهضة اقتصادية وسياحية متكاملة.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
وسط هذه الجغرافيا الفريدة، تتسارع مشاريع البنية التحتية، وتتزايد الفرص الاستثمارية، في خطوة تسعى من خلالها السلطنة إلى جعل مسندم مركزاً إقليمياً للنمو والازدهار.
تكثف سلطنة عمان جهودها لتحويل العديد من محافظاتها، بما في ذلك مسندم، إلى مراكز اقتصادية رئيسية تلعب دوراً محورياً في جذب السياح والمستثمرين من مختلف أنحاء العالم، ولا سيما من دول الخليج. حيث تتمحور هذه الجهود حول مجموعة من المشاريع التنموية الطموحة التي تهدف إلى تحقيق النمو الاقتصادي، وتحسين جودة الحياة في المنطقة.
ومع موقعها الاستراتيجي الفريد، الذي يشكل همزة وصل بين الخليج العربي وبحر عمان، تتجه الأنظار إلى مسندم بوصفها وجهة رئيسية للتنمية.
ومن هنا، تتبنى سلطنة عمان رؤية واضحة لتعزيز الاستفادة من هذا الموقع، من خلال تطوير قطاعي السياحة والاستثمار، وتعزيز البنية التحتية البحرية والجوية، وتوسيع شبكة الطرق، لتمكين المحافظة من لعب دور أكثر تأثيراً في حركة التجارة العالمية.
الزوار الخليجيون
أكد محافظ مسندم، إبراهيم بن سعيد البوسعيدي، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن استراتيجية التنمية الاقتصادية للمحافظة كانت تستهدف استقبال 1.2 مليون زائر سنوياً. لكنه أشار إلى أن المحافظة باتت تركز على جودة الزوار بدلاً من الأرقام المرتفعة، بما يضمن استفادتهم الكاملة من المرافق والخدمات المتوفرة.
وأوضح أن الاستثمار السعودي في القطاع السياحي بالمحافظة لا يزال محدوداً. قائلاً: «في الوقت الحالي، لا يوجد استثمار سعودي واضح في القطاع السياحي». بينما أضاف أن الفرص قد تتاح قريباً، مع تعزيز التعاون الخليجي في هذا المجال. خاصة مع تزايد حركة المركبات السعودية في الموسم الشتوي الحالي.
وتابع: «نظراً للتوسع والخطط الواضحة في السعودية، قمنا بزيارة عدد من المواقع للاطلاع على المشاريع القائمة في الرياض والعلا، والتي تعدّ تجارب رائدة. وبدأنا في الاستفادة من هذه التجارب لتوطين بعض الأفكار».
وأكمل: «نأمل في المستقبل، مع جاهزية المشاريع المرتبطة بالربط اللوجيستي، أن نتمكن من استقبال عدد أكبر من الزوار من دول الخليج، وخاصة السعودية التي تتمتع بأكبر عدد من السكان في المنطقة».
كما أشار البوسعيدي إلى أن سفن «كروز شب» القادمة من دول الخليج تسهم في زيادة الحركة السياحية للسلطنة، خاصة في موانئ مسندم، مثل خصب. ولفت إلى أن بلاده تمكنت خلال الـ50 سنة الماضية من الحفاظ على تراثها الثقافي وعادات مجتمعها، مع التوازن بين الحداثة والحفاظ على الهوية.
وتناول المحافظ جهود تطوير البنية التحتية والمرافق السياحية في مسندم.
الاستثمارات الأجنبية
تسعى سلطنة عمان إلى تطوير قطاع السياحة في محافظة مسندم، نظراً لما تتمتع به من معالم طبيعية فريدة وموقع جغرافي مميز. وتشمل المشاريع أيضاً تعزيز قدرات المنطقة في مجال الطاقة واللوجيستيات، مما يساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز الاقتصاد المحلي.
يتناغم في هذه المحافظة الجمال الطبيعي مع تاريخ طويل وحياة تراثية متأصلة؛ إذ تشكل الجبال نحو 95 في المائة من مساحة مسندم.
ومن بين هذه السلاسل الجبلية الممتدة، تبرز الطرق الوعرة المتعرجة التي تربط مختلف ولايات المحافظة، بما فيها خصب. كما تتميز المنطقة بشواطئ صخرية تتداخل مع البحر، وتخلق 4 أخوار رئيسية، وهي: خور شم، وخور نجد، وخور غب علي، وخور الحبلين.
جزيرة «التلغراف»
في قلب خور شم بمحافظة مسندم، وخاصة ولاية خصب، تقع جزيرة «التلغراف» التي تحمل إرثاً تاريخياً عميقاً يعود إلى القرن التاسع عشر، تحديداً في عام 1864. وقد سميت بذلك نظراً لأنها شهدت مرور أول خط تلغراف في الشرق الأوسط (والذي تم مده تحت الماء) ويربط بين مومباي في الهند والبصرة في العراق، مما جعلها نقطة التقاء بين الشرق والغرب. وقد استفادت منها السلطات البريطانية آنذاك لنقل أخبارها إلى مستعمراتها بسرعة كبيرة.
اليوم، تُعد جزيرة «التلغراف» بوابة سياحية مهمة، حيث أطلقت السلطات العمانية مشروعات تطوير سياحي للحفاظ على تاريخها الغني، وتحويلها إلى وجهة مميزة. ففي يونيو (حزيران) الماضي، تم وضع حجر الأساس لمشروع تطوير الجزيرة بتكلفة 1.5 مليون ريال (3.9 مليون دولار)، بهدف تعزيز السياحة البيئية والتاريخية في المنطقة.
مشاريع كبرى
مع هذه الجهود، تشهد مسندم تنفيذ مشاريع كبرى تسهم في تعزيز البنية التحتية وربط ولاياتها المختلفة بطرق حديثة، مثل مشروع طريق السلطان فيصل بن تركي، الذي يهدف إلى تحسين الترابط بين ولايات خصب ونيابة ليما ودبا، وتسهيل التنقل بين الموانئ والمناطق السياحية.
وقد تم إنجاز 37 في المائة منه حتى الآن، مع توقعات بأن يسهم في تسريع التنمية الاقتصادية والسياحية في المحافظة.
كما يعد تطوير ميناء الصيد البحري في ولاية دبا من أبرز المشاريع التنموية، باستثمارات تصل إلى 40 مليون ريال (104 ملايين دولار). ويهدف إلى دعم قطاع الثروة السمكية، وتحفيز الحركة الاقتصادية، وخلق فرص عمل جديدة، بالإضافة إلى تعزيز النشاط السياحي من خلال تطوير المرافق البحرية.
كما يتم العمل على إنشاء سوق للأسماك بميناء الصيد البحري في ولاية خصب بتكلفة 3 ملايين ريال (7.8 مليون دولار)، بهدف تعزيز منظومة التسويق السمكي والإسهام في زيادة حجم الاستثمارات المرتبطة بالصيد البحري.
في هذا السياق، تم توقيع اتفاقية لتمويل مشروع استزراع الأحياء المائية في خصب، بقيمة 4 ملايين ريال (10.4 ملايين دولار)، بطاقة إنتاجية تصل إلى 7 آلاف طن سنوياً، مما يعزز الأمن الغذائي.
ويتم العمل على مشروع استزراع الأسماك الزعنفية في ولاية خصب بمحافظة مسندم، بتكلفة تقدر بنحو 10.3 مليون ريال (26.78 مليون دولار). حيث يقع في منطقة الحرف على مساحة 32.7 هكتار، ويهدف لتعزيز الأمن الغذائي وزيادة فرص العمل في القطاع، من خلال استخدام نظام الأقفاص العائمة لاستزراع الأسماك الزعنفية (الكوفر).
إلى ذلك، يعدّ «مركز زوار موقع دبا الأثري» من المشروعات الجديدة الذي يتم العمل على تنفيذه، حيث تصل تكلفته الإنشائية المبدئية إلى أكثر من 2.7 مليون ريال (7.02 مليون دولار)، وسيوفر منصة متكاملة لتقديم المعلومات والخدمات للسياح القادمين إلى المنطقة، إلى جانب العمل على تفعيل مراكز المعلومات السياحية في المحافظة لتقديم خدمات متنوعة تساعد الزوار على استكشاف الوجهات السياحية بأفضل طريقة ممكنة.
ويجري العمل على إنشاء منتجع سياحي فاخر يضم 32 فيلا خاصة، وفق معايير 7 نجوم، إلى جانب نادٍ صحي، باستثمارات تصل إلى 5 ملايين ريال عماني (13 مليون دولار). ويأتي هذا المشروع ضمن استراتيجية تهدف إلى تحويل خصب إلى وجهة سياحية راقية تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم.
إلى جانب السياحة، تقدم مسندم فرصاً استثمارية واعدة، حيث توفر تسهيلات للمستثمرين، تشمل الإعفاء من الرسوم الجمركية المترتبة على مواد البناء والأدوات والتجهيزات التي يتطلبها المشروع السياحي في أثناء فترة التشييد، إضافة إلى الإعفاء من ضريبة الدخل على الشركات، البالغ قدرها 15 في المائة، بدءاً من التشغيل الفعلي للمشروع ولمدة 10 سنوات.
في عمق جبال مسندم، تقع قرية «كمزار» النائية، التي يعيش أهلها حياة قديمة تعود إلى الأزمنة البعيدة. فالوصول إلى هذه القرية ليس بالأمر السهل؛ فقد اعتاد سكانها أن يقطعوا المسافة التي تتراوح من ساعة إلى ساعتين عبر قوارب البحر.
كما احتفظ سكانها، الذين يعتمدون بنسبة 90 في المائة على رزقهم من الصيد، بأسلوب حياة تقليدي فريد. ويتحدثون لغة خاصة يعتقد أنها مزيج من العربية وعدة لغات أخرى مثل الفارسية والبرتغالية.
تمويل المشاريع
يشار إلى أن بنك التنمية العماني يساهم بشكل فعال في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث بلغت قيمة القروض الممنوحة للمشاريع في مسندم أكثر من 6.1 مليون ريال (15.86 مليون دولار) خلال عام 2024. وكان قطاع الثروة السمكية الأكثر استفادة، يليه قطاع السياحة، مما يعكس التوجه نحو تعزيز الأنشطة الاقتصادية المتنوعة.
مع هذه التحولات الطموحة، تواصل مسندم مسيرتها نحو تحقيق رؤية «عُمان 2040»، التي تركز على تنويع الاقتصاد وتعزيز التنمية المستدامة. ومن خلال المشاريع الجارية، من المتوقع أن تصبح المحافظة مركزاً رئيسياً للسياحة والاستثمار، يجذب الزوار والمستثمرين من مختلف أنحاء العالم، ويؤكد مكانة عمان بوصفها محوراً استراتيجياً في المنطقة.
كُنا قد تحدثنا في خبر مسندم العمانية تشهد تحولات تنموية تعزز مكانتها الاستراتيجية على مضيق هرمز - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
أخبار متعلقة :