غاية التعليمية

دراسة: ولاية تبون تكرس استيلاء نظام الجزائر الاستبدادي على السلطة - غاية التعليمية

دراسة: ولاية تبون تكرس استيلاء نظام الجزائر الاستبدادي على السلطة - غاية التعليمية

غاية التعليمية يكتُب.. خلصت دراسة تحليلية إلى أن “الحكومة المدنية الجديدة في الجزائر”، التي يجسدها الرئيس عبد المجيد تبون وحاشيته، واجهت، منذ “انتخابها”، في الولاية الأولى، “صعوبات في إيجاد قاعدة سياسية”، مشيرة إلى أنه “على عكس سلفه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي رفض أن يكون ‘رئيسًا من ثلاثة أرباع’، يبدو أن تبون لا يرغب في منافسة البريتوريين على صدارة القرار السياسي”.

اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.

الورقة المنشورة ضمن أبحاث “مبادرة الإصلاح العربي” أشارت إلى أنه “من الصعب وصف سجل عبد المجيد تبون بغير كونه حفاظا على الوضع الراهن المهين، المقترن باستيلاء سلطوي على المجال السياسي”، مسجلة أنه “تاريخيًا كانت لحظات التغيير في الواجهة المدنية للنظام فرصًا لإعادة تشكيل موازين القوى، ورغم أنها لم تكن تغيّر الطبيعة البريتورية للنظام فإنها كانت تعيد ترتيب التوازنات العشائرية داخله، وهو توازن يظل غامضًا إلى حد كبير”.

“حلة جديدة بهياكل قديمة”

أوردت الوثيقة التفكيكية لبنية النظام الموسومة بـ”الجزائر: بعد الانتخابات الرئاسية، عودة النظام العسكري إلى الحياة المدنية؟”: “حظي بوتفليقة بدعم جميع المنظمات التابعة للنظام، إلا أن أكثرها رمزية، مثل المنظمة الوطنية للمجاهدين والاتحاد العام للعمال الجزائريين، لم تدعم تبون في ولايته الأولى”، مبرزة أن “الصعوبة التي واجهها تبون في الاعتماد على هذه القوى الموالية له تعود إلى أن انتخابه لم يلقَ إجماعا داخل الجيش”.

وتابعت الوثيقة شارحةً: “هذا ما يفسر الموقف الحذر الذي تتخذه الزبائنية التقليدية في انتظار أن تهدأ الصراعات الخافتة بين مختلف فصائل ‘أصحاب القرار'”، موضحة أنه “على صعيد الدعم يواصل عبد المجيد تبون الاعتماد على الأحزاب التقليدية للنظام، مثل جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، رغم فقدانها مصداقيتها إلى حد كبير، وذلك بدعم من التيار الإسلامي المدجن”.

هذا التيار حصل، وفق المستند، “على امتيازات مريحة”، من بينها “منح امتيازات لأعيانه، وإلغاء اللغة الفرنسية لصالح اللغة الإنجليزية، والإبقاء على الأزمة الدبلوماسية المتكررة مع فرنسا”، مضيفة أن “النظام غير قادر على خلق لحظات وفرص جديدة كما في الماضي، ما يجعله في مأزق هيكلي”، وزاد: “غالبًا ما يعزو المعلقون هذا العجز عن إعادة الهندسة السياسية إلى رحيل العديد من قيادات الجيش، بمن فيهم الجنرال توفيق، رئيس جهاز المخابرات السابق، الذي كان المنظم الرئيسي للحياة السياسية منذ بداية التسعينيات”.

عمل سياسي مخنوق

على صعيد العمل السياسي تجد الورقة أن “السلطات المدنية تبشر بمجيء ‘الجزائر الجديدة’، وهي العلامة التجارية لعبد المجيد تبون، في مقابل جزائر بوتفليقة، وذلك لتمييز تصرفات الرئيس عن تصرفات سلفه؛ ومع ذلك يصعب على المراقب الفطن أن يجد أي مضمون في هذا الشعار”، مسجلة أنه “من وجهة نظر الحكومة تتجلى هذه القطيعة مع الماضي في اختفاء أعيان النظام القديم، وفي إعلان محاربة الفساد والرغبة في استعادة الأموال التي نهبتها القلة الحاكمة في عهد بوتفليقة”.

وأورد معد الورقة أغليس آيت العربي، وهو رائد أعمال ومحلل سياسي: “في الواقع، رغم أن بعض رموز النظام السابق يقبعون الآن في السجون إلا أن الفساد مازال منتشرا على نطاق واسع، ولم يتغير إلا المستفيدون منه. وعلاوة على ذلك، وبخلاف الأرقام المعلنة على شاشات التلفزيون، لم يتم تقديم أي دليل على حجم رؤوس الأموال التي اختلسها الأوليغارشيون ويُزعم استرجاعها”.

وبالنسبة للكاتب ذاته فإنه “كان من المفترض أن تتجسد ‘الجزائر الجديدة’ في تاريخين رئيسيين؛ أولاً على الصعيد الداخلي، من خلال تنظيم استفتاء دستوري عام 2020″، مردفا: “شملت التعديلات الرئيسية التكريس الرسمي لدور ‘الحراك المبارك’ في ديباجة الدستور، وتعزيز صلاحيات الأغلبية البرلمانية عبر منصب الوزير الأول، إلى جانب فرض قيود على الحريات، ولاسيما حرية الضمير، التي لم تعد مكفولة كما كانت في الدستور السابق”.

التاريخ الثاني، كما تجد الورقة “يتجسد في سعي الجزائر إلى الانضمام إلى مجموعة البريكس، وكان من المقرر أن يتحقق ذلك عام 2023؛ غير أن هذه المحاولة، التي انتهت بالفشل، كشفت عن ارتجالية الطبقة الحاكمة وحدود السياسة القائمة على الشعارات”.

وأردف الباحث: “بعيدا عن الكليشيهات الرسمية حول ‘الجزائر الجديدة’ يبدو أن الواجهة المدنية الجديدة للنظام عاجزة عن ممارسة أي تأثير حقيقي على الإدارة”، لافتا إلى “انتقاد الرئيس تبون في خطاباته المتكررة الانسداد الإداري، خاصة في ما يتعلق بالاستثمار المنتج، ما يعكس صورة قائد طائرة لا تستجيب له لوحة التحكم”.

أعراض لافتة

لعل إحدى السمات الرئيسية لـ”الجزائر الجديدة”، كما يلخصها الكاتب، “هي على الأرجح الاستيلاء بقوة على المجالات السياسية والإعلامية والمدنية”، مسجلا أنه “في مواجهة الاحتجاجات السلمية الكبرى خلال الحراك قلّص النظام بشكل كبير من نطاق مختلف مجالات التعبير والحريات العامة”.

على سبيل المثال يذكّر المحلل ذاته بأن “المجلس الأعلى للأمن، وهو هيئة استشارية مكونة من وزارات الحكومة وممثلين عن الجيش، أعلن أن الحركتين السياسيتين ‘رشاد’ (الإسلامية) و’الماك’ (حركة تقرير مصير منطقة القبائل، وهي حركة استقلالية قبائلية) إرهابيتان، رغم أن أعمالهما كانت غير عنيفة، كما تمّ حل أحزاب قانونية مثل حزب العمال الاشتراكي والحركة الديمقراطية والاجتماعية”.

كما تشير الورقة إلى أن “عودة النظام إلى السيطرة الأمنية هي بالأساس انعكاس لرغبته في السيطرة على المجال السياسي والاجتماعي، بعد عام من الاضطرابات الشديدة في 2019″، مبينة أنه “في حين تميزت فترة حكم بوتفليقة بمساحة كبيرة للتعبير النقدي فإن القائمين على السلطة يدركون ضعف التجسيد الذي وفره تبون وهشاشة موقفهم. ويفسر هذان العاملان تقليص نطاق الحريات العامة وتكميم كل الأصوات المنتقدة للحكومة”.

وتبرز الدراسة أن “النظام أثبت عجزه عن إدارة التحكيم الهيكلي، مثل اختيار رئيس الجمهورية القادم”، مشددة على أن “هذا التضييق يسمح أيضًا بتركيز السلطات في يد حفنة من الجنرالات المسؤولين عن شؤون الأمن الداخلي”.

وأجملت الوثيقة: “هذا الاستيلاء على السلطة من قبل البريتوريين، الذي يعكس حالة من الحمى في النظام، وجد تعبيره أيضا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة”، مسجلة أن “التسلسل السياسي الذي بلغ ذروته في انتخابات شتنبر الماضي أظهر كلاً من عودة البريتوريون إلى السيطرة على الحياة المدنية وعجز النظام عن إعادة خلق توافق بين مختلف مراكز صنع القرار”.

كُنا قد تحدثنا في خبر دراسة: ولاية تبون تكرس استيلاء نظام الجزائر الاستبدادي على السلطة - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.

أخبار متعلقة :