وزير الاقتصاد الأسبق ولعلو يغوص في "مأساة غياب الاتحاد المغاربي" - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. في تقديم أحدث كتب الاقتصادي فتح الله ولعلو، قال الأكاديمي ووزير الاقتصاد والمالية في عهد “حكومة التناوب” إن “مأساة” المنطقة المغاربية المستمرة هي “غياب مشروع الاتحاد المغاربي”؛ ما يجعل “لمنطقتنا نقطة ضعف”، ويعيق طموحات مثل الانضمام إلى اتحادات عالمية.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
وفي هذا الصدد، أبرز ولعلو، خلال عرض مضامين مؤلّفه الصادر عن المركز الثقافي للكتاب بعنوان “من العالم الثالث إلى الجنوب المعولم” بتنظيم من شعبة القانون العام والعلوم السياسية اليوم الأربعاء بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالعاصمة الرباط، أنه “لا يمكن على حدة الدخول إلى (اتحاد) ‘البريكس’، كما تصورت الجزائر؛ لكن بالمغارب يمكن تحقيق ذلك”، علما أن من العوائق “عدم فهم” المنطقة أن الترابط الاقتصادي ممكن رغم الخلافات، مثلما تعيشه الصين والهند بـ”تناقضهما الوجودي” مع “ترابط اقتصادي”؛ وهو “ما لا يُفهم في المنطقة المغاربية التي تعيش بانكسار اقتصادي، وسياسي، وجيو-استراتيجي”.
وسجّل القيادي اليساري السابق، الذي شغل منصب رئيس المجلس الإداري لوكالة بيت مال القدس، أن “توحيد الفلسطينيين أنفسهم ضرورة” ليكون “المخاطَب من طرف الدول واحدا، وليتحدث معهم الناس بما في ذلك الصين، التي ولو تضامنت مع فلسطين فإنها تحتاج المخاطَب (…) ولكنها لن تخوض معارك الجنوب بدلا عنه في إفريقيا كذلك”.
واهتم ولعلو بتطور مفهوم “العالم الثالث” ثم الانتقال إلى مفهوم “الجنوب العالمي”، قائلا إن هذا المفهوم قد انتشر بفضل سياسيين؛ من بينهم نكروما، وجمال عبد الناصر، والمهدي بن بركة في المغرب. علما أنه مفهوم من حيث “الإنتاج الأدبي الاقتصادي” يحكمه توجّهان أحدهما إصلاحي فيه كثير من الاقتصاديين المعروفين في أمريكا اللاتينية، وآخرين من الغرب.
أما ثاني التوجّهين في الإنتاج المعرفي الاقتصادي حول “العالم الثالث” فـ”توجه معارض للرأسمالية”؛ من بين أعلامه سمير أمين وغوندر فرانك وآخرون “نظّروا لتوجه ضد الرأسمالية وضد الإمبريالية، وسينخرط الاقتصاديون المغاربة في هذا، ويُعطوا عطاءَهم”.
واستدرك الاقتصادي قائلا: “مد العالم الثالث عرف تراجعا، لأسباب جيوسياسية هي خسارة 1967 وانحسار المد الناصري، واعتبارات اقتصادية هو بروز الاقتصاديات الآسيوية الصناعية الجديدة الأربع: سنغافورة، تايوان، جنوب كوريا، وهونغ كونغ؛ وهذه بلدان جنوب تطمح لتكون قوة اقتصادية، وهذا توجه أول خلق نوعا من الانكسار داخل مجموعة العالم الثالث، ثم بعد 1973 كان من العوامل بروز الدول النفطية الريعية. فَالثورة الإيرانية في سنة 1979، التي أدت إلى أن بلدان الجنوب صارت قوى، دون أن تكون بلدان نامية، لكنها غنية بثرواتها”.
أما المرحلة التي نعيشها اليوم، في القرن الحادي والعشرين، فيقول المتحدث إن ما يطبعها، أولا، هو “صعود الصين، وأن العولمة كانت لها قاطرة واحدة هي الغرب والولايات المتحدة، لكن ستفرض القاطرة الآسيوية نفسها؛ ثم تحديات الانفجار الديموغرافي الذي هو أولا ظاهرة إفريقية، ففي نهاية هذا القرن عدد سكان نيجيريا سيكون أكثر من عدد سكان الصين على سبيل المثال”.
وحول مفهوم “الجنوب” المستعمل حاليا، سجّل المتحدث أنه نتيجةٌ لـ”تفاقم الفقر وسوء التوزيع، ثم مع حرب أوكرانيا وأحداث غزة”، علما أن تاريخه يعود إلى العشرينيات مع “أنطونيو غرامشي المفكر الماركسي الإيطالي، الذي تحدث عن الجنوب الإيطالي الفقير، وقارنه مع الشمال الغني”.
ورصد فتح الله ولعلو الصدمات الخمس التي توالت مع بداية القرن، والتي سيكون لها تأثير، وهي: “11 شتنبر 2001، التي برزت فيها مواجهات مرتبطة بالهوية إضافة إلى مواجهات أخرى سابقة اقتصادية وعسكرية (…) والأزمة المالية في سنة 2008، والمهم فيها أن الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما سيجد أن الولايات المتحدة ليست قادرة لوحدها على مواجهة الأزمة، فمدّ اليد للدول الصاعدة، ومجموعة العشرين، التي من بينها مجموعة السبع؛ لتلعب دورا في مواجهة الأزمة، وخاصة الصين، لأنها ستشتري ديون الولايات المتحدة وهنا سيتغير توازن القوى، وسيصير لدول مهمشة سابقا دور في الحكامة الدولية”.
جائحة “كوفيد”، بدورها، خلقت، وفق المصدر ذاته، “تباينا بين الشمال والجنوب”، وتلتها “صدمة أوكرانيا”، فـ”صدمة غزة.. وكل هذا أعطى “صحوة لمفهوم الجنوب؛ وهي صحوة بدأت في بداية القرن، بمبادرة التعاون شنغهاي وإنشاء بنك مرتبط بها بين الصين وروسيا (…) نظرا لهدف الصين الحضور في آسيا وهدف روسيا أن ترجع إلى الإشعاع السابق للاتحاد السوفياتي. ثم مجموعة ‘بريكس’ التي تنتهج فرصة الدور الذي تلعبه الدول الصاعدة في مجموعة العشرين لتلعب دورها؛ دون أن تكون متوحدة تماما فالتناقض مثلا بين الصين والهند وجودي، مع ترابط اقتصادي لا يُتصوّر (بمعنى: هائل)”.
أما المجموعة الثالثة مع المبادرتين المذكورتَين فهي “مجموعة دول جنوب شرق آسيا التي تأسست في سنة 1987، والتي تلعب دورا أساسيا لأن حركيتها مرتبطة بحركية الاقتصاد الصيني”.
وتطرق المتدخل إلى “مفهوم برز مع رئيس وزراء الهند مودي؛ هو ‘تعدد الأطراف’، وقبل ذلك كان المفهوم هو ‘عدم الانحياز’، فصار ‘الانحياز المتعدد’؛ أي مواقف متعددة اقتصادية وسياسية… فللهند علاقات عادية مع الصين، وإندونيسيا كذلك وفيتنام، ولكنها في الوقت نفسه دول متناقضة مع الصين، وهذا من نقط ضعف الصين؛ فَـ جيو-استراتيجيا وسياسيا الدول المحيطة بها ضدها، رغم التعاون الاقتصادي”.
ومن بين الدول التي تطرقت لها كلمة ولعلو تركيا التي وظّفت لصالحها الجغرافيا التي جعلتها “بين أوروبا والشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط”، ثم “إندونيسيا التي هي بلد مسلم صاعد صعودا هادئا ومؤكدا”، و”البرازيل التي في سنة 2050 ستكون من الخمس الكبار: الهند، إندونيسيا، والبرازيل، إلى جانب الصين وأمريكا”.
المملكة العربية السعودية من بين ما اهتمت به كلمة تقديم الكتاب؛ وهي دولة “عليها أن تهيّء ما بعد النفط، وتنوع اقتصادها، ولها إمكانيات وطموح. وتستعمل في التنويع علاقات مع الولايات المتحدة والصين”.
ومن بين ما اقترحه فتح الله ولعلو قراءةٌ للواقع العالمي ومستقبله الممكن؛ حيث كان العالم “عالَم قطبين في القرن العشرين، بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، ثم القطب الأحادي بين 1990 و2010، فَالقطبية الثنائية الجديدة بين الولايات المتحدة والصين، والمرحلة القادمة ربما ستكون متعددة الأقطاب. مع هذا ستظهر في بلدان إفريقيا تغييرات، من بينها انقلابات في دول الساحل، بأخذ موقف ضد فرنسا، وهذا جنوب آخر وتعبير آخر للجنوب المعولَم”.
لكن “هذا العالمَ منكسرٌ، وعالمُ لا يقين”، والمغرب “لديه إمكانية ليكون إحدى تعبيرات الجنوب المعولَم، وله قضية أساسية وجودية هي قضية الوحدة الترابية التي تجعله يتعامل مع العالم انطلاقا من هذه الفكرة، وهذا يسجنه ربما، لكن له هذه الخصوصية”.
ثم استرسل قائلا: “المغرب كان حاضرا في عشرينيات القرن الماضي، وبعد الاستقلال كان من أول البلدان التي اعترفت بالصين في وحدتها الترابية، خلال حكومة بلافريج في 1958، وهي مسألة شجاعة في عهد محمد الخامس (…) وزيارة الرئيس الصيني تشي جينغ بين للرباط، ولو كانت عابرة واستقباله من ولي العهد إشارة (…) لأن الصين تنظر في المدى البعيد لا القريب”.
لكن الصين رغم تخطيطها ليست على ما يرام تماما، فهناك المحيط الجغرافي المعارض رغم العلاقات الاقتصادية معه، وعدم إرادتها الدخول في حرب حول “تايوان” رغم استعدادها وأهميتها لها، ومشكل تراجع معدل النمو.
واستشهد ولعلو بـ”تصويت (أمس) على وثيقة الولايات المتحدة التي أيدتها روسيا، والتي لم يحضرها المغرب، الذي لم يرد يوما القطع لا مع الاتحاد السوفياتي ولا روسيا. وفي وقت حرب أوكرانيا وزير الخارجية الروسي جاء إلى مراكش للاجتماع مع دول جامعة الدول العربية”. كما أن الصين بدورها “لها قضية وجودية هي الوحدة الترابية؛ فتفهم المغرب في هذا الباب، علما أن لها علاقات تاريخية مع الجزائر”.
وجدّد الاقتصادي المغربي التأكيد على “أننا نعيش في عالم اللايقين”، مردفا: “خطاب نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس في ميونيخ الألمانية، ودرسُه للأوروبيين يُظهر أن الدنيا تتبدل؛ لكن ينبغي ألا ننتظر أن تتبدل بسرعة (…) نحن جيران أوروبا أردنا أم أبينا، ولا يمكن أن تغير جارك. ولنا دور الوسيط بين أوروبا وإفريقيا”.
ومع حاجة استحضار “مشاكل التطور التكنولوجي وعالم الرقميات والذكاء الصناعي؛ العالم الذي يجب أن نعيشه”، يقدّر فتح الله ولعلو أن التحدي بالنسبة للمغرب وباقي دول “الجنوب العالمي” هو: “كيف نخاطب العالم المعولم وعالم اللايقين، مع الدفاع عن خصوصيتنا؟”.
كُنا قد تحدثنا في خبر وزير الاقتصاد الأسبق ولعلو يغوص في "مأساة غياب الاتحاد المغاربي" - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
أخبار متعلقة :