رحلة إلى جنوب شرق آسيا .. سحر ماليزيا وإندونيسيا بعيون مغربية - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. (سافر لأن المال سيعود، لكن الوقت لن يعود) أعجبتني هذه القولة منذ قراءتها؛ لأن السفر فعلا علاج نفسي، ومطلوب من أجل تجديد الحياة، وتفريغ الطاقة السلبية. لذا عندما دق السفر على بابي لم أغلقه، وبادرت بالسفر. وهذه المرة إلى جنوب شرق آسيا. وكما تقاسمت معكم أعزائي القراء عزيزاتي القارئات رحلة “أوزباكستان” أحببت أن أتقاسم معكم كنزا من المعلومات، والاكتشافات، والثقافات الجديدة، والغريبة حول “ماليزيا” و”إندونيسيا”. هيا بنا…
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
أرض شعب الملايو
هي ماليزيا من أجمل بلدان العالم. وهي مزيج من الثقافات الماليزية، والصينية، والهندية… ولم أكن أعلم أنها تستضيف حوالي 182 ألف لاجئ، وطالبي اللجوء من 50 دولة؟ عاصمتها “كوالالمبور” ومعناها: دلتا الطين؛ تبهر الزوار بناطحات السحاب، والشوارع الواسعة والراقية، حتى إن قضيت شهرا فيها لا يكفيك لاكتشاف كل معالمها السياحية وفقا للمرشد السياحي. لذا فضلنا زيارة الأشهر ومنها معلمة “البرجان التوأم” أو “بتروناس” نسبة إلى اسم شركة النفط الماليزية التي طلبت بناء البرجين التوأمين اللذين يشكلان واحدة من أكبر وأعجب الأعمال الهندسية في العالم؛ استغرق بناؤهما سبع سنوات، ارتفاعهما يصل إلى 452م، وفي كل برج يوجد 88 طابقا، و78 مصعدا؛ واجهاته من الحديد والزجاج مصممة لتشبه الزخارف الموجودة في الفن الإسلامي. ويزيدك دهشة ماذا في داخل البرجين؟ معرض السيارات في الطابق الأول، والطوابق الأخرى تضم أشكالا من مراكز التسوق، والمطاعم، والمقاهي الراقية. والأمطار حالت دون زيارة حديقة الفراشات التي تحتوي على أكثر من 4500 فراشة من جميع أنحاء العالم. لكن الأمطار لم تمنع الزوار من القدوم إلى كهوف “باتو الروحية”، واجتمع الكثير من حليقي الرؤوس في الساحة الخارجية التي بها تمثال “بوذا”. وصعدنا 272 درجا إلى تلال كلسية أوصلتنا للمعبد الهندوسي الكبير في القمة حيث الطقوس العقائدية الخاصة بهم. ومن الأماكن التي أدرجها مسؤولو السياحة ضمن المعالم التاريخية القصر الملكي الماليزي، وهو بسيط ليس كما توقعته؟
المزدهرة التي لا تقهر
من ماليزيا الجميلة إلى إندونيسيا العجيبة التي تضم حوالي 18307 جزيرة من أشهرها جزيرة “بالي” التي سأتحدث عنها لاحقا. عاصمة إندونيسيا هي مدينة جاكارتا والتي تعني المزدهرة التي لا تقهر. غير أن هذا المعنى لم يعد ملائما لأن التلوث قهرها؛ فهي مزدحمة جدا، وأكثر مدن العالم تلوثا؛ 40 في المئة منها ملوث، والمؤسف أنها قريبا ستغرق، لذا بادر الرئيس “جوكو ويدودو” في بناء عاصمة جديدة منذ 2022؛ وستكون جاهزة عما قريب واسمها “نوسانتارا” وفقا للمرشدة السياحية. وأضافت رغم التلوث والازدحام ففيها معالم جميلة ستحوز على إعجابكم؛ منها أكبر مسجد في جنوب شرق آسيا، هو مسجد الاستقلال خامس أكبر مسجد في الترتيب العالمي، يستوعب حوالي 200 ألف مصل؛ بني في عهد (سوكارنو) سنة 1962 وتم انتهاء بنائه 1978 في عهد (أحمد سوهارتو). والمسجد أبهرنا ببنائه، وزخارفه الإسلامية الرائعة، تقع إلى جانبه معلمة تاريخية “نصب موناس” الذي يرمز للاستقلال، والروح الوطنية ارتفاعه 137 م، وقمته مطلية بحوالي 50 كلغ من الذهب الخالص. والمتحف الوطني قريب منه يتميز بالمنحوتات الكثيرة التي ترمز للمراحل التاريخية التي مرت منها إندونيسيا. وتجدر الإشارة إلى أن “جاكارتا” تتميز بحدائقها العالمية المتنوعة؛ منها الحديقة الوطنية الرائعة بمناظرها الساحرة، وكأنك في الخيال؛ الكثير من الزهور، والورود، والنباتات وممرات المشي، والتماثيل والمجسمات. ولا يمكن وصفها في بضعة أسطر…؟؟
جنة الله على الأرض
تعتبر مقاطعة “بالي” الإندونيسية من أشهر جزر إندونيسيا، ووجهة سياحية ساحرة تزخر بالمناظر الطبيعية المتنوعة من تلال، شلالات، جبال، سواحل، شواطئ، حقول الأرز المنتشرة والخصبة، تلال بركانية؛ كل هذا الجمال يكون خلفية خلابة لثقافة ملونة فريدة من نوعها، مما جعلها تلقب بجنة الله على الأرض؛ وهناك ركوب الأمواج، والغوص، وعدد متنوع من المعالم التاريخية، والثقافية، والمعابد والقصور الأثرية، والمعارض، وإقامات سياحية رائعة غير تقليدية متميزة بالهياكل الخشبية، والأسقف المنحنية؛ مما جعلها تفوز باستمرار بجوائز الجزر الأكثر سفرا لها….
معتقدات وطقوس
على الرغم من أن الديانة الإسلامية في إندونيسيا تبلغ نسبتها 88 في المئة؛ لكن في بالي 13 في المئة فقط ؛ لأن ثقافة سكانها تأثرت بالثقافة الهندية، والصينية فأصبحت بالي مأوى للعديد من الهندوس الذين يمارسون طقوسا روحانية خاصة بهم، ومعتقدات يعتبرها البعض على أنها أسلوب حياة؛ وتعتبر الهندوسية من أقدم الديانات على الأرض ؛حيث تعود جذورها إلى أكثر من 44 ألف سنة، ويؤمن بها ما يزيد على مليار من البشر؛ حوالي 95 في المئة منهم يعيشون في الهند؛ لكن الهندوسية تفتقد إلى أهم العناصر المشتركة للديانات السماوية: 1- ليس لها مؤسس أو نبي واحد، أو حتى مفهوم النبوة بشكل عام 2- ليس لها مفهوم واحد للإله 3- ليس لديها نص مقدس واحد، ولا سلطة دينية مركزية؛ ويقول سكان بالي: … لكل طبيعة نافعة أو ضارة إله يعبد كالماء والهواء، والأنهار، والجبال (حضرنا عيد إله البحر). استغربنا مما رأينا فأينما ذهبت تجد ركنا فيه تمثال يمثل إلها: المتاجر؛ المقاهي والمطاعم؛ حتى في الفندق؛ وعلاقة بالمعتقدات سألت المرشد عن الحقوق الإنسانية للنساء، وهل مازالت المرأة الهندوسية تحرق عند موت زوجها؟ أجاب: .. فعلا كان هناك تقليد اجتماعي هندوسي في القديم يقضي بأن تحرق الأرملة نفسها مع جثمان زوجها، لكن أحد المصلحين الاجتماعيين قاوم هذا التقليد الظالم بجهوده الإصلاحية حتى جاءت الحكومة الإنجليزية سنة 1828 بقانون يمنع حرق الأرملة مع زوجها المتوفى؛ انتهى هذا التقليد لكن لم تنته حتى في عصرنا الحالي؛ فحسب التقاليد الهندوسية فإن الأرملة لا تستحق الاحترام، وتعيش منبوذة، وتعتبر من النحس، ولا يحق لها الزواج مرة أخرى، كما أنها تحرم من الميراث، ولا يحق لها أن تلبس الملابس الملونة، أو تتزين بالأساور والحلي، وتبقى حليقة الرأس، تعيش على هامش الحياة محرومة من كل المناسبات؛ فتضطر إلى العيش في المعابد الهندوسية، أو الملاجئ الخاصة بالأرامل.
كل جمال العالم
عند زيارتك لجزيرة بالي الرائعة سوف تندهش من جمال آلاف الهكتارات من حقول الأرز الخضراء التي تتناسق مثل المدرجات على الروافد العليا من البراكين وصولا إلى الوديان العميقة أدناه؛ كأنها منحوتة، وتسمى هذه الحقول الخلابة (جاتيلوويه) وتعني بالإندونيسية (السياج الجميل)؛ وللأرز أيضا آلهة اسمها (باهاتاري). وتجدر الإشارة إلى أن إنتاج الأرز في إندونيسيا يشكل جزءا مهما في الاقتصاد الوطني، وهي ثالث دولة في إنتاج الأرز؛ فضلا على أن داخل هذه الحقول الخلابة تم تصوير فيلم “كل جمال العالم All the beauty of the world” والمنطقة اسمها تابانان عجيبة بالمناظر الطبيعية، والمعابد، وآلهة الهندوس، وأنواع الفواكه. أما السباحة والغوص ففي جزيرة منجنكن حيث الأنشطة المفعمة بالحيوية، ولحظات الفرح أثناء مشاهدة الشعب المرجانية، وأنواع السمك في عمق البحر. بعد ذلك زيارة المعبد الذي صادفنا فيه احتفالا كبيرا بعيد إله البحر؛ حيث وجدنا كل الحضور صامت، ولا تسمع إلا تراتيل يتلوها شيخ مسن، عند انهائه بدأت موسيقى إندونيسية خاصة. بأدوات خاصة. بعد هذا الجمال بصوره الملونة، والدافئة والغريبة في نفس الوقت؛ انتقلنا إلى جمال آخر تطلب منا الانطلاق الساعة الرابعة ليلا لرؤية الدلافين قبل شروق الشمس، بعد الشروق تختفي في منطقة “لوفينا” التي تبهرك أيضا بينابيع المياه الحارة البركانية، والشلالات. ولا يمكن أن تكون في بالي، ولاتزور البحيرات الثلاث؛ وقبل الوصول إليها عليك اختراق الغابة المطيرة مشيا؛ حيث أعطيت عصا لكل زائر وزائرة (Randonnee) وتنتهي هذه الأنشطة، والتفاعلات النابضة بالدهشة، والانبهار إلى ما هو أروع؛ وهو شرب أغلى قهوة في العالم.
هل تعرف مصدر أغلى قهوة في العالم؟؟
تعد مزارع القهوة في جزيرة “بالي” من الفضاءات السياحية المميزة؛ تحتوي كل مزرعة على أماكن للجلوس، والاستمتاع بالمناظر الطبيعية التي تطل على الغابات المطيرة، ورائحة القهوة تفوح في الأرجاء؛ كما يتم عرض أنواع من القهوة للبيع بمختلف النكهات؛ وأغلاها قهوة “لواك” 100غ بخمسين أورو؛ وهي من أجود، وأغلى قهوة في العالم؛ ومعروفة باسم (koffee lawak) والمصنوعة من فضلات حيوان ثدي آسيوي محلي صغير يشبه القطط؛ ويأكل هذا الحيوان ثمار البن المتدلية من أغصان الأشجار أثناء الليل، ثم يخرجها فضلات لاحقا؟؟ وبمجرد خروجها من الجهاز الهضمي للحيوان تغسل بذور القهوة بالماء الساخن، وتغلى، وتترك لتجف تحت أشعة الشمس حتى تصبح جاهزة للتعليب في علب أنيقة.
هذا غيض من فيض عالم السحر والجمال المنتشر في كل بقعة من ماليزيا، وإندونيسيا في جنوب شرق آسيا؛ التي بحثت في القواميس عن أجمل وصف لها فوجدتها فوق كل وصف؟
لذا إن دق السفر على بابكم فلا تغلقوه، واستريحوا من ضغوط العمل المكثف، وأنماط الحياة السريعة، وبادروا بالسفر إلى جنة الله في الأرض. لأن المال سيعود، لكن الوقت لن يعود… أليس كذلك؟
كُنا قد تحدثنا في خبر رحلة إلى جنوب شرق آسيا .. سحر ماليزيا وإندونيسيا بعيون مغربية - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.
أخبار متعلقة :