غاية التعليمية

ملاحظات استراتيجية لتطوير دور القطاع الصحي الخاص في الكويت - غاية التعليمية

ملاحظات استراتيجية لتطوير دور القطاع الصحي الخاص في الكويت - غاية التعليمية

غاية التعليمية يكتُب.. يمثل القطاع الصحي الخاص في الكويت عنصراً أساسياً لدعم النظام الصحي العام، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومع ذلك، يواجه هذا القطاع معوقات عديدة، من بينها غياب خطة واضحة من وزارة الصحة، وعدم استقرار القرارات الصحية، مما يصعِّب التخطيط الاستثماري طويل الأجل. كما تعاني البيئة الاستثمارية من البيروقراطية، وصعوبة استقدام العمالة الطبية، وغياب نظام تمويلي مُستدام لدعم المشاريع الصحية.

اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.

إضافة إلى ذلك، فإن نقص البيانات الدقيقة حول احتياجات السوق، وغياب الخريطة الجغرافية للمنشآت الصحية، يعوقان التوزيع العادل للخدمات الطبية. ومن أجل تطوير القطاع الصحي الخاص، لابد من تبني استراتيجية إصلاحية قائمة على التخطيط بعيد المدى، والتشريعات المستقرة، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وفي هذا السياق، نقدم مجموعة من الملاحظات الاستراتيجية التي نتمنى إدراجها في برنامج عمل وزارة الصحة.

أولاً: تحديد رؤية واضحة لدور القطاع الخاص في المنظومة الصحية

يجب على وزارة الصحة إعلان رؤية استراتيجية واضحة للخدمات الصحية، تحدد بدقة ما تلتزم الوزارة بتوفيره من خدمات خلال السنوات العشر القادمة، وما يُترك للقطاع الخاص. لا يمكن لمستثمر أن يضع خططاً طويلة الأجل في بيئة تنظيمية غير مستقرة. فعلى سبيل المثال، إنشاء مستشفى متخصص للسكري يجب أن يتم وفق دراسة واضحة لحاجة السوق، دون أن يُفاجأ المستثمر لاحقاً بقيام الحكومة بإنشاء مستشفى مماثل، ما يخلُّ بمبدأ العدالة التنافسية.

ثانياً: الاستقرار التشريعي والتنظيمي

إن عدم الاستقرار في اللوائح والقرارات الصحية يعوق التخطيط الاستثماري في القطاع الطبي. ينبغي وضع إطار قانوني وتنظيمي واضح ومستقر، لا يتغيَّر إلا في نطاق محدود جداً، وعلى فترات زمنية لا تقل عن خمس سنوات.

من غير المقبول إصدار قرارات مفاجئة تؤثر على اقتصادات القطاع دون مشاورات مسبقة، كما حدث في السنوات الأخيرة.

ثالثاً: إنشاء آلية حوار مؤسسية بين الوزارة والقطاع الخاص

يجب فتح قنوات تواصل منتظمة وموثقة بين وزارة الصحة وممثلي القطاع الخاص، بحيث يكون إلزامياً التشاور قبل إصدار أي قرارات تنظيمية ذات تأثير مالي أو استثماري كبير. وهذا يشمل تنظيمات الأطباء، والأدوية، والصيدليات، والمسؤوليات الطبية، لضمان وضوح السياسات وحماية المصالح المشتركة.

رابعاً: تعزيز الشفافية وإتاحة البيانات الصحية

غياب البيانات الدقيقة عن احتياجات السوق الصحي يؤدي إلى قرارات استثمارية غير مدروسة. يجب أن تتيح وزارة الصحة معلومات شفافة حول توزيع المستشفيات، وحجم الطلب على الخدمات، والمناطق التي تعاني نقصاً في التغطية الصحية. يجب أن تكون هناك خريطة صحية وطنية مُتاحة للمستثمرين، تحدد الاحتياجات المستقبلية بشكل واضح.

خامساً: تطوير نظام تمويل مُستدام للمشاريع الصحية

تفتقر الكويت إلى نظام تمويل صحي طويل الأجل يشجع المستثمرين على ضخ أموالهم في القطاع. يجب التنسيق بين وزارة الصحة، والبنك المركزي، والمصارف المحلية، لتوفير آليات تمويل تمتد من 15 إلى 30 سنة للمشاريع الصحية ذات القيمة المضافة. كما ينبغي توفير دعم مالي وتنظيمي للبرامج العلاجية والوقائية التي قد لا تكون مجدية اقتصادياً للقطاع الخاص، لكنها ضرورية للمجتمع، مثل: رعاية الإعاقات الدائمة، وعلاج السرطان التلطيفي، والتأهيل الطبي.

سادساً: إعادة توزيع الخدمات الصحية جغرافياً

تتمركز المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة في مناطق محددة دون غيرها، مما يخلق اختلالاً في توزيع الخدمات الصحية. ينبغي على الوزارة توجيه الاستثمار الخاص إلى المناطق ذات الحاجة، من خلال تقديم حوافز للمؤسسات التي تنشئ منشآت طبية في المناطق النائية أو الأقل خدمة.

سابعاً: رفع معايير الجودة والاعتماد الدولي

يجب تشجيع المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة على الحصول على أعلى الاعتمادات المهنية العالمية، لكن دون فرض شروط تفوق تلك المطلوبة من المرافق الصحية الحكومية. تحقيق التوازن في معايير الجودة بين القطاعين الحكومي والخاص ضروري، لضمان عدالة التنافس ورفع مستوى الخدمات الصحية في البلاد.

ثامناً: تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص

يمكن الاستفادة من نماذج الشراكة الناجحة عالمياً عبر تأسيس مستشفيات نموذجية تديرها كبرى المؤسسات الطبية العالمية، فيما تقدم الحكومة الدعم اللوجستي والإشراف. هذا النموذج سيعزز من كفاءة النظام الصحي، ويوفر رعاية متقدمة للمواطنين، دون تحميل الميزانية العامة أعباء إضافية.

تاسعاً: تنظيم سوق الأدوية والصيدليات بآلية متوازنة

شهد قطاع الأدوية والصيدليات قرارات تنظيمية غير مدروسة أدت إلى تراجع الاستثمارات. يجب إعادة النظر في هذه التشريعات، بحيث تضمن سلامة المريض، مع الحفاظ على بيئة استثمارية جاذبة. كما ينبغي تطوير آلية تسعير عادلة توازن بين حقوق المستثمر والمستهلك.

عاشراً: إصلاح قانون المسؤولية الطبية

يجب مراجعة قانون المسؤولية الطبية، لضمان تحقيق التوازن بين حقوق المرضى وحماية الأطباء والمستثمرين من الدعاوى الكيدية. من الضروري إشراك ممثلي القطاع الطبي الخاص في هذه المناقشات، لتحديد الإصلاحات المطلوبة، بما يتماشى مع المعايير الدولية.

حادي عشر: إنشاء محاكم طبية متخصصة

القضايا الطبية تُعد من القضايا الفنية المعقدة، لذلك نحتاج إلى إنشاء محاكم طبية متخصصة، للتركيز على هذا المجال وبناء الخبرات، على غرار محكمة أسواق المال. هذه الخطوة ستسرِّع الإجراءات القانونية، وتضمن قرارات عادلة قائمة على معرفة متخصصة في المجال الطبي، ما يحمي حقوق المرضى والأطباء على حد سواء.

الخاتمة

يتطلب تطوير القطاع الصحي الخاص في الكويت رؤية متكاملة وإصلاحات مستدامة، تضمن وضوح السياسات، واستقرار القوانين، وتحفيز الاستثمار، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص. من خلال تنفيذ هذه التوصيات، يمكن تحقيق نقلة نوعية في جودة الخدمات الصحية، وضمان استدامة النظام الصحي، وتعزيز مكانة الكويت كمركز إقليمي للرعاية الطبية المتقدمة.

* وزير الصحة الأسبق

كُنا قد تحدثنا في خبر ملاحظات استراتيجية لتطوير دور القطاع الصحي الخاص في الكويت - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.

أخبار متعلقة :